الفيفا والفساد والعرب


صوّت العالم – للأسف-  للفساد والرشى في انتخابات الفيفا في حادثة نادرة، وقليلا ما تتكرر، تجلّى فيها الفرز بين الوضوح الأخلاقي والفساد و برز فيها أان رياضة كرة القدم لعبة سياسية بالدرجة الأولى.اضافة اعلان
 خسر الأمير الأردني أصوات الاتحادات التي قبلت أن يستمر الفساد والهيمنة التي مارسها السويسري على مدى أربع دورات، والأمر الأكثر أسفا وحرجا أن معظم المصوتين لاستمرار الفساد هم دول جنوب العالم في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية ومعهم معظم العرب، وبعضهم ذهب للتحطيب خلف الخطاب الدعائي الروسي الذي حاول إعادة استثمار تراث الاتحاد السوفياتي باللعب على وتر كراهية الولايات المتحدة الاميركية في العالم.
ما يهمنا نحن في الأردن الدلالات والآثار السياسية لهذه الانتخابات؛ فان ما حققه الأمير ومن خلفه الأردن بأكمله يستحق التقدير والاعتزاز؛ أن تحشد 73 دولة وسط هذا التنافس الحاد عملية ليست سهلة على دولة مثل الأردن مقابل امبراطورية جوزيف بلاتر التي بناها على مدى نحو عقدين وشبكات التمويل والرشى التي تقف خلفها دول وشركات والتي سهلت له تدفق الأموال من القريب والبعيد.
السؤال المهم اليوم يبدو من قراءة مواقف الدول العربية التي صوتت ضد الأردن وبعضها لم يكتف بإعطاء صوته للسويسري بل مارست التحشيد المضاد وبعضها شن حملات دعائية من خلال مسؤولين معروف وزنهم في النظم السياسية التي ينتمون اليها، فخلال اليومين الماضيين عبر الرأي العام الأردني من خلال شبكات الإعلام الاجتماعي عن مزاج حاد حيال المواقف العربية وتحديدا مواقف بعض الدول الخليجية وموقف رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني جبريل الرجوب، وفي الواقع لا يلام الرأي العام الأردني على ردود الافعال هذه؛ فثمة حالة غير محتملة من الاستفزاز مارسها هؤلاء العرب.
صحيح أن الرجوب لا يمثل الشعب الفلسطيني، ونعرف تماما مشاعر الفلسطينيين الحقيقية في هذه المسألة، ولكنّ سلوك هذا المسؤول الفلسطيني الذي يمثل رقما معروفا في حركة فتح وفي السلطة الوطنية الفلسطينية يحتاج إلى كلام سياسي آخر من قبل الدولة الأردنية، ويحق اليوم للرأي العام الأردني ان يعرف بالفعل هل صحيح ما يقال من أن السيد الرجوب وغيره من مسؤولي السلطة يتمتعون بالجنسية الأردنية وإلى متى ستبقى هذه الازدواجية معلقة بالمزاج السياسي.
يحق للرأي العام الأردني أن يتساءل عن جدوى العلاقات الطيبة والتحالفات التي تربطنا بدول عادة ما توصف بالشقيقة ولا نجدها في مثل هذه المناسبة. بالفعل الرياضة وفي مقدمتها كرة القدم أصبحت سياسية، ولكنها ستبقى سياسة خفيفة الوزن. وفي ضوء هذه الحقيقة إلى متى يبقى الأردن يدعم الأشقاء ويحشد من أجلهم في السياسة الكثيفة والثقيلة وفي الأمن والاستراتيجيات، ولا يجدهم حتى في ملاعب كرة القدم.