القتل لم يكن الجريمة الأكبر في أم الحيران

هآرتس

جدعون ليفي

قتل يعقوب أبو القيعان لم يكن الجريمة الوحيدة لدولة اسرائيل ضد قرية أم الحيران؛ ومشكوك فيه اذا كان هذا هو أخطر شيء. القتل هو قتل. معلم الرياضيات المحبوب والذي يحمل اللقب الثاني في الهندسة، تم اعدامه على أيدي رجال شرطة مخفيين لهم اصابع خفيفة على الزناد، والذين ايضا تركوه ينزف حتى الموت دون أن يقدموا العلاج الذي كان يمكن أن ينقذه. ولكن من يعتقد أنه بهذا انتهت جرائم اسرائيل في أم الحيران فهو يكذب على نفسه. الاعتذار الفارغ لبنيامين نتنياهو لم يبدأ حتى حملة الاعتذارات التي يجب على اسرائيل تقديمها لسكان القرية.اضافة اعلان
الصور القاسية بعد عملية القتل والدمار لا تتوقف: ربى القيعان هي امرأة نحيفة تلبس الاسود وتتجول بين انقاض بيتها وهي صامتة. نظرها موجه طوال الوقت نحو الارض. وابن شقيقها، طالب الطب في ملدافيا، قال إنها بهذا تسترجع مرة تلو الاخرى اللحظات الاخيرة مع زوجها.
في نفس الوقت كانت تجلس في حالة حداد في القرية المجاورة حورة الارملة الثانية، الدكتورة أمل القيعان، التي تزوجت يعقوب بعد موت زوجها، والعرف البدوي يلزمها بالزواج من أخيه. في عمر الـ24 كانت محاضرة في كلية كاي للتعليم. عندما زرناها وهي في حالة حداد كانت تحمل شهادة الدكتوراه في التعليم من جامعة بن غوريون. الأرملتان وسكان القرية كانوا في صدمة. من يعمل في محطة الوقود في حورة قال لنا بأنه كان يقدر جدا معلم الرياضيات الذي علمه في المدرسة الثانوية باسم اسحق رابين. وزير الشرطة في حينه جلعاد اردان، لا تنسوا له ذلك أبدا، والمفتش العام للشرطة روني ألشيخ والكثير من الاشخاص الآخرين، تنافسوا فيما بينهم من يحرض أكثر ضد المعلم.
صهره قال إن يعقوب وضع في سيارته - جيب الدهس والارهاب كما يبدو – الحاسوب الشخصي واغراض اخرى من بيته من اجل انقاذها من الهدم. بهذه الصورة لا يخرج مخرب من البيت من اجل أن يدهس. قبل بضعة ايام من ذلك، عندما شاهد العمال قد بدؤوا بأعمال البناء في حيرون اليهودية، التي ستقام على أنقاض قريته، قال لأبناء عائلته: "اتركوهم يقومون بعملهم". هذا كان الارهابي المجرم، حسب تعبير المفتش العام والوزير.
عندما كنا في أم الحيران، الكس لبيك وأنا، بعد القتل والدمار، لم نكن بحاجة الى أي لجنة تحقيق، بالتأكيد ليس لثلاث سنوات من الاكاذيب والتشويه وتقرير منحاز واحد لعميت سيغل من اجل أن نفهم بأن المعلم يعقوب كان بريء من أي ذنب وأن قتله هو الجريمة المثيرة للاشمئزاز. وقد علمنا في حينه بأنه انزلق رويدا رويدا في منحدر الشارع الترابي من بيته عندما اطلقوا النار عليه. لم يكونوا ليطلقوا النار في أي بلدة يهودية على سيارة تسافر ببطء، وبالتأكيد لم يكونوا ليتركوا السائق ينزف حتى الموت، بعدم الانسانية المحفوظ فقط للنازفين العرب.
ولكن لم يبدأ أي شيء في فجر 18 كانون الثاني 2017. اسرائيل قررت هدم القرية التي نقلت بنفسها اليها سكانها بعد طردهم من اراضيهم في 1956، من اجل ابعادهم عن أحد الكيبوتسات. الآن يريدون طردهم مرة اخرى من اجل اقامة بلدة لليهود المتدينين – الوطنيين. القاضي اليكيم روبنشتاين وقضاة من قبله شرعنوا كل المحرمات. "ليس هناك لسكان أم الحيران أي حقوق في المكان"، قضى روبنشتاين، قاضي المحكمة العليا، منارة العدل في اسرائيل. ايضا هو كان شريك في الجريمة.
لم يسأل أي أحد. ومع ذلك أين توجد للبدو حقوق في هذه البلاد التي هي ايضا بلادهم؟ في مكب القمامة في ابوديس؟ في المنطقة الصناعية الملوثة في رمات حوفاف؟ هذا العام لم يعد 1948 ولا حتى 1958، هذا كان في العام 2017، بدون خجل وبدون احراج وبدون غطاء امني أو هراء صهيوني: ابرتهايد مصفى في اسرائيل السيادية. التهويد، المفهوم المثير للقرف، هو طرد البدو من اجل البناء لليهود.
بعد ثمانية اشهر على الهدم والقتل عدنا الى أم الحيران. ربى خرجت نحونا من داخل الخيمة التي تحولت الى بيتها وبيت اولادها العشرة، حيث الانقاض المجبولة بدم زوجها كانت ما تزال تقف هناك صامتة مثل دليل على الجريمة.