القدس المحتلة في مرمى نيران التهويد.. والاحتلال يجهد لمحو إرثها الفلسطيني

"معاليه أدوميم" في القدس المحتلة وهي أولى المستوطنات المرشحة للضم من قبل الاحتلال الإسرائيلي - (أ ف ب)
"معاليه أدوميم" في القدس المحتلة وهي أولى المستوطنات المرشحة للضم من قبل الاحتلال الإسرائيلي - (أ ف ب)
نادية سعد الدين عمان- تقع مدينة القدس المحتلة في مرمى نيران التهويد الإسرائيلي المتسارع، والذي تجسدت إحدى حلقاته أمس بقرار الاحتلال مصادرة آلاف الدونمات من أراضي بلدة العيسوية، وهدم منشآتها السكنية والتجارية والزراعية، بهدف القضاء على الإرث التاريخي والتراث الحضاري الفلسطيني العربي. وتستكمل سلطات الاحتلال محاولاتها التهويدية عبر "عزمها استخدام قانون "أملاك الغائبين" مجدداً في القدس المحتلة للسطو على ممتلكات الفلسطينيين فيها، على غرار ما تم في العام 1967 حينما ضمت الجزء الشرقي من المدينة ووسعت حدودها وطبقت القانون الإسرائيلي عليها، مما حرم آلاف الفلسطينيين من ممتلكاتهم"، طبقا لمنظمة التحرير الفلسطينية. فيما "يشمل قرار الضم الإسرائيلي لأجزاء كبيرة من الضفة الغربية، والتي تصل لأكثر من 30 % من مساحتها الإجمالية، المجال الحيوي لمدينة القدس، بدءا بمستوطنة "معاليه أدوميم" الإسرائيلية الكبرى وصولا إلى الأغوار الوسطى الفلسطينية"، بحسب منظمة التحرير. وقالت إن لهذا المخطط "انعكاسات خطيرة على القدس المحتلة، خاصة إذا أقدمت سلطات الاحتلال على تطبيق قانون ملكية الغائبين، ما سيحرم المواطنين الفلسطينيين من مساحات واسعة من أراضيهم لصالح الاستيطان." وقد شرعت سلطات الاحتلال، أمس، بتنفيذ خطوتها الجديدة نحو استلاب الأرض والتاريخ معا، عبر قيام عناصرها باقتحام بلدة العيسوية في القدس المحتلة، وتعليق إخطارات إخلاء عشرات الدونمات فيها، بحجة "ملكيتها لدولة إسرائيل منذ العام 1967"، وفق الناشط وعضو لجنة المتابعة في العيسوية محمد أبو الحمص. ويقضي تنفيذ القرار بإخلاء المواطنين الفلسطينيين لأراضيهم المهددة بالمصادرة، فضلاً عن هدم وإزالة ما عليها من الأبنية والمنشآت السكنية والتجارية والمساحات الخصبة الشاسعة المزروعة بالأشجار، من أجل "إعادتها إلى ما كانت عليه بحجة ملكيتها للاحتلال"، بحسب أبو الحمص. ويمتد عمر تلك الأبنية لما قبل العام 1948، فيما يقارب بناء بعضها النصف قرن من الزمن، حيث تعود ملكيتها لعائلات فلسطينية، مما يؤدي هدمها إلى تحقيق هدف الاحتلال بتهويد القدس وطمس معالمها وهويتها العربية الإسلامية. وتتكامل تلك المساعي الإسرائيلية مع محاولاتها الدؤوبة لتخفيض عدد المواطنين المقدسيين في المحتلة مقابل توطين المزيد من المستوطنين الإسرائيليين فيها. وفي هذا السياق، يقول أبو الحمص إن سلطات الاحتلال تعكف على إعداد "خريطة هيكلية في العيسوية، لتوسيع مساحة البناء، وضم الأراضي المهددة للخريطة الهيكلية، خاصة أن هناك أبنية قائمة منذ 30-40 عاما، وهي ملك لأهالي البلدة، بما يحرمهم من استخدامها". وكانت سلطات الاحتلال اتخذت خطوة مشابهة، أول أمس، بتعليق اخطار إخلاء على بناية سكنية في العيسوية، تمهيدا لهدمها بحجة البناء دون ترخيص. وقد حذر الفلسطينيون من سياسة الاحتلال الخطيرة في القدس المحتلة، مطالبين برد عاجل لمنع تمرير المخطط التهويدي الإسرائيلي في المدينة. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، تيسير خالد، إن "سلطات الاحتلال تمارس سياسة خطيرة وانتهاكات جسيمة في القدس المحتلة، بما يتطلب القيام برد رادع في مواجتها". وانتقد خالد ما اعتبره "موقف اللامبالاة العربي الإسلامي والدولي من الإجراءات والتدابير الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، وما تنطوي عليه من أهداف ترمي إلى تهويد المدينة، عبر عمليات هدم المنازل والسطو على ممتلكات الفلسطينيين". ونوه إلى "سياسة الاحتلال في إغلاق المؤسسات الفلسطينية في القدس ومنع الفلسطينيين من تنظيم وإحياء النشاطات الثقافية والتعليمية والفنية والأدبية، بحجة تعارضها مع السيادة الإسرائيلية المفروضة على المدينة" . وأضاف أن "الحكومة ألإسرائيلية تستغل اعتراف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال" ونقل سفارة الولايات المتحدة منها، عدا عن ما جاء في "صفقة القرن" من ترتيبات تتيح للاحتلال ضم مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس". وندد خالد "بالمداهمات المستمرة التي تقوم بها أجهزة الأمن الإسرائيلي للمؤسسات المقدسية الفلسطينية، فضلا عن إغلاقها، حيث قامت سلطات الاحتلال حتى الآن بإغلاق ما يزيد على 32 مؤسسة أهلية في مدينة القدس". ودعا "الدول العربية والإسلامية، بشكل خاص، والمجتمع الدولي، بشكل عام، لاتخاذ ما يلزم من اجراءات لردع سلطات الاحتلال ومنعها من مواصلة هذه السياسية في مدينة القدس المحتلة" . وفي سياق متصل؛ حذر النائب المقدسي أحمد عطون، من "حرب ديموغرافية" يقودها الاحتلال الإسرائيلي، في مدينة القدس المحتلة، من خلال انتهاج سياسة الإبعاد بحق الرموز الدينية والوطنية والمرابطين في المسجد الأقصى المبارك، بغرض فرض الأمر الواقع للسيطرة على المدينة المحتلة. واعتبر عطون أن "هذه السياسة جزء من الحرب التي يشنها الاحتلال ضد المدينة؛ من أجل إيجاد خلل في ميزان الديموغرافيا فيها." ورأى النائب المبعد من مسقط رأسه في صور باهر بالقدس إلى رام الله في الضفة الغربية المحتلة، أن "الاحتلال بانتهاجه سياسة الإبعاد، يحاول فرض واقع جديد في المسجد الأقصى، وتمرير مخططاته وإجراءاته في القدس، وفق خطط تهويدية مُعدة مسبقاً، مستغلاً المظلة الأمريكية والواقع العربي والفلسطيني لفرض أكبر قدر ممكن من الوقائع على الأرض". ونوه عطون إلى أن الاحتلال يسعى إلى "التقسيم المكاني للمسجد الأقصى، من خلال الاقتحامات اليومية للمستوطنين، والسماح لهم بأداء طقوس تلمودية في مناطق محددة، في حين يمنع المقدسيون من الصلاة فيها". وبين النائب عن مدينة القدس أن "الاحتلال يحاول فرض واقع ذهني جديد، يوحي من خلاله أنه صاحب الكلمة في القدس." وأضاف عطون إن "الاحتلال يعتقد أن المعركة الحاسمة في القدس، هي معركة الوجود والصمود، لكنه لم ينجح فيها نتيجة الزيادة الطبيعة في القدس، إلى جانب تصدي أهل المدينة لهذه المخططات".اضافة اعلان