القدس في الانتخابات الإسرائيلية

ملف القدس سيتم توظيفه بشكل كبير لكسب الأصوات في الانتخابات الإسرائيلية. التطرف سيكون سيد الموقف؛ ستطلق الوعود، وترتفع التوقعات، ولن يكون للمنطق أي مكان في النقاش الانتخابي الذي يتوقع أن يكون محتدما. نتنياهو وحزبه سيذكّران جمهور الناخبين بإنجاز نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وسيطلق مزيدا من الوعود بإنجازات تتجاوز كل التفاهمات السياسية ومنطق التسوية. سيحصد نتنياهو وحزبه الأصوات وهم يقدمون أنفسهم على أنهم حققوا اختراقات كبيرة في ملف العلاقات الإقليمية وملف القدس. في هذه المرحلة الزمنية الحساسة التي يتم فيها توظيف أوراق الضغط، على اختلافها، بدقة متناهية، يتوجب ألا يكون هناك أي تصريحات أو قرارات يمكن لنتنياهو توظيفها لصالح معركته الانتخابية، أو أن يظهر أمام ناخبيه على أنه المنافح عن حلم اليمين الإسرائيلي بالقدس. الإطار الاستراتيجي للتعامل مع هذه المرحلة يجب أن يسعى إلى إظهار نتنياهو لأنه يطيح بأمن بلاده ويعمق مشاعر العداء لها بسبب رعونته في التعامل مع هذا الملف الخطير، فهو يؤلب شعوب العالم العربي والإسلامي والشعوب المحبة للسلام ضد إسرائيل، ويظهر إسرائيل دولة دينية متطرفة بات اليمين فيها يملي الأجندات السياسية التي لن تجلب إلا الدمار واللااستقرار. بالتزامن مع رفع درجة الحذر والدقة، لا بد من تصريحات عربية واضحة ومستمرة تؤكد مواقف الدول الدقيقة تجاه القدس والقضية الفلسطينية، خاصة من تلك الدول التي يعتقد نتنياهو خاطئا أن القدس ليست أولوية لديها. ثمة ضرورة ملحة في مرحلة الانتخابات الإسرائيلية لتعرية إيحاءات نتنياهو أنه استطاع أن يقفز عن التسوية مع الفلسطينيين، وبدأ بالاشتباك مع الدول العربية ضمن أجندات إقليمية أمنية أكثر الحاحا. يجب توضيح أن هذه الإيحاءات ما هي إلا أحلام يقظة وتدل على عدم حكمة أو معرفة بعمق تأثير القضية الفلسطينية، وملف القدس بالتحديد، في الوجدان العربي والإسلامي. أوهام نتنياهو لا بد أن يتم تفنيدها، وألا يسمح له بتوظيفها لكسب أصوات الناخبين، وكل المطلوب لعمل ذلك الإفصاح وبوضوح عن مواقف الدول العربية تجاه القدس والتأكيد على الالتزام بمبادرة السلام العربية ومرجعيات عملية السلام. المحيط العربي معني بتفكيك أكاذيب نتنياهو في أنه سائر بالعلاقات مع العرب دون النظر للملفات الشائكة والتسوية مع الفلسطينيين، لأن هذه الأكاذيب ستتحول لحقيقة انتخابية إن لم تجد من يوقفها ويفندها. يقف الأردن والفلسطينيون، والمقدسيون منهم على وجه الخصوص، وحيدين في المواجهة الميدانية لسياسات نتنياهو في القدس، وقد تحقق النجاح في كثير من الأزمات عن طريق توظيف أوراق ضغط مهمة لتثبيت الوضع والمكانة التاريخية للمدينة المقدسة. الأردن يقوم بهذا الدور بالنيابة عن الأمتين؛ العربية والإسلامية، ورأس حربة لهم، ولكن تبقى القدس محتلة من قبل إسرائيل التي لها الغلبة الميدانية هناك، لذلك فتوظيف أوراق الضغط الأردنية يجب أن يكون مسنودا بأخرى عربية وإسلامية، وبطريقة راشدة ووازنة ترسخ الأوضاع التاريخية للقدس، وتجرد نتنياهو من إمكانية استغلال هذا الملف لتعبئة اليمين الإسرائيلي وأصواته.اضافة اعلان