القراءة ليست مثلبة

ادهشتني تعليقات لمثقفين على صفحات التواصل الاجتماعي تنتقد من يقضي وقتا طويلا في القراءة، بذريعة أن هذا الشخص يبتعد عن الحياة الحقيقية بقضائه وقتا طويلا في القراءة. وابدى مثقفون وآخرون استياءهم من سؤال هل قرأت الكتاب الفلاني؟ حيث اعتبروه محاولة للتباهي بالقراءة. اضافة اعلان
الغريب والمستغرب، أن تصدر هذه الآراء من مثقفين، المفروض أن يدعوا، ويشجعوا الناس على القراءة، وأن يعتبروا إحدى مهماتهم الرئيسية هي دعم وتشجيع الآخرين على القراءة وفي كافة المراحل العمرية.
دول كثيرة تفتخر، بأن شعوبها تقرأ. وتعتبر القراءة مقياسا مهما لمدى تقدم الشعوب وتطورها. فالاهتمام بالقراءة لم يكن يوما مثلبة أو سلبية، أو فعلا مخجلا، بل على العكس هو عمل ضروري وإيجابي ومهم لتطور الشعوب وتقدمها، في كل المجالات. هل يمكن أن يتطور العلم والأدب والثقافة في بلد ما من دون قراءة؟ لا أعتقد ذلك، فالقراءة عملية ضرورية للإبداع في كافة المجالات، وتنعكس إيجابيا على حياة الشعوب والأمم والدول. في السابق، وفي الحاضر، فإن القراءة مدعاة للفخر، وهي ليست نقيصة على الإطلاق، وإنما النقيصة الفعلية هي عدم القراءة والابتعاد عن الكتاب. وابتعاد الناس عن القراءة والكتاب، يؤثر سلبا عليهم وعلى مجتمعاتهم ودولهم وحضارتهم بشكل مباشر وبعيد المدى.
ولأهمية القراءة، فإن الكثير من المجتمعات تنظم حملات للقراءة، وتنظم حملات لبيع الكتب بأسعار في متناول الجميع لتشجيعهم على اقتناء الكتب المتنوعة وقراءتها. كما تقوم بإنشاء مكتبات عامة. وتنظم أيضا حملات للقراءة في المدارس والجامعات. ونشعر بسعادة وحبور وفخر، عندما نشاهد الأجيال الشابة مهتمة بالكتب وبقراءتها. فهذا دليل حي على أن الأجيال الشابة تقدر أهمية الكتاب والقراءة، مع أن تطورات التكنولوجيا والاتصالات في هذا الزمان تشجعهم على طَرق مجالات أخرى بعيدة عن القراءة والكتب.
أعتقد أن المثقفين والأدباء والأكاديميين والمعلمين والعلماء وكذلك المجتمعات والدول تشجيع الناس على القراءة بكل الطرق الممكنة، وخصوصا الأجيال الناشئة، فالقراءة دليل على صحة وتطور المجتمعات والدول والأفراد، وهي قوة لهم وليست دليل ضعف على الإطلاق. لذلك، فإنني أعتقد أن الأشخاص الذين يعتبرون أن القراءة مضيعة للوقت، تبعد عن الحياة وقعوا بخطأ كبير يجب عليهم أن يعيدوا النظر بآرائهم هذه، الغريبة وغير المنطقية وغير المقبولة.