القرار 2401 مكسب أردني

بقرار أممي صريح رفع الأردن عن كاهله نهائيا عبء مخيم الركبان السوري. مجلس الأمن الدولي كان قد تبنى أول من أمس قرارا يقضي بوقف الأعمال العسكرية في عموم سورية وفي الغوطة الشرقية على وجه التحديد.اضافة اعلان
القرار رقم"2401" الذي دار حوله جدل كبير بين الدول الكبرى قبل تبنيه بالإجماع، شمل بنصوصه مخيم الركبان على الحدود الأردنية السورية، وتضمن فقرة تدعو إلى وصول المساعدات لسكان المخيم من الداخل السوري واعتبارها مسؤولية دولية، والعمل من أجل عودة نازحيه إلى مدنهم وقراهم التي هُجّروا منها على يد الجماعات الإرهابية.
في ضوء السجال المحتدم منذ أشهر بين الأردن ودول ومنظمات أممية، لم يكن سهلا أبدا على الدبلوماسية الأردنية حشد دعم أعضاء مجلس الأمن لنص كهذا. فقد تطلب الأمر اتصالات دبلوماسية مكثفة، ونقاشات مطولة مع ممثلي الدول الكبرى لتمرير الفقرة الخاصة بالمخيم.
بعد تصويت مجلس الأمن رحبت الحكومة وعلى لسان الناطق باسمها الوزير محمد المومني بالقرار، مشيرا في تصريحه إلى أن القرار حسم هوية سكان مخيم الركبان بوصفهم نازحين وليسوا لاجئين ومسؤولية مساعدتهم تقع على عاتق الحكومة السورية والمنظمات الأممية في الداخل السوري.
عندما اتخذ الأردن قراره العام الماضي بوقف تقديم المساعدات للركبان عن طريق الأردن، تعرض لضغوط كبيرة من أطراف دولية، لكنه أصرّ على موقفه مستندا إلى ما استجدّ من وقائع في الميدان السوري تؤكد كلها أن بمقدور المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إيصال المساعدات لسكان المخيم من الداخل السوري، بعد تأمين الطريق مع دمشق.
وقد اختبرت الأمم المتحدة ذلك الأمر بنفسها، لكن رفض الحكومة السورية حال دون عبور شحنات الإغاثة إلى المخيم، وهو ما تطلّب اتصالات مكثفة مع الجانبين السوري والروسي لتأمين الموافقة على الخدمة الأممية.
نتيجة للظروف الصعبة التي يعيشها سكان المخيم قَبِل الأردن ولمرة واحدة نقل مساعدات طبية عاجلة للمخيم عن طريقه، وأبلغ الأطراف المعنية موقفه بشكل صريح.
مثَل مخيم الركبان مصدرا للقلق الأمني الحقيقي، فقد تحول مع مرور الوقت لغرفة عمليات خلفية لتنظيم "داعش" الإرهابي، ومن داخله انطلقت أكثر من محاولة لشن هجمات إرهابية على الأردن، وتمكن الإرهابيون في إحداها من تفجير سيارة مفخخة بدورية حرس حدود أردنية نجم عنها استشهاد سبعة جنود.
ومع تحسن الوضع الأمني في بعض مناطق سورية عاد الآلاف من قاطني المخيم إلى ديارهم، لكن مايزال هناك أكثر من خمسين ألف سوري يعيشون داخل المخيم في ظروف صعبة للغاية.
لكن ما كان يقلق الأردن أكثر من التهديد الأمني هو إصرار جهات دولية على ربط مخيم الركبان بالأردن ومعاملته كما لو أنه مقام على الأرض الأردنية، وعلى غرار مخيم الزعتري تحديدا.
كان هذا أمرا بالغ الخطورة، ففي ظل الوضع القائم حاليا في سورية وانعدام فرص الحل في وقت قريب، فإن القبول بخطوة كهذه يعني تحميل الأردن المسؤولية عن خمسين ألف لاجئ إضافي فوق ما يعانيه من عبء لجوء نحو مليون سوري، وسط تخاذل أممي في تقديم ما ينبغي من مساعدات للأردن لتحمله هذه المسؤولية.
القرار الأخير لمجلس الأمن أُغلق الباب نهائيا في وجه الضغوط على الأردن وحرره من المسؤولية عن أوضاع المخيم، وأصبح لزاما على المجتمع الدولي وبالتنسيق مع الحكومة السورية تولي المهمة.