القضية الفلسطينية لم تذهب لأي مكان

جنود من الاحتلال الاسرائيلي يتراكضون نحو ثلاثة إسرائيليين أصيبوا على يد مقاوم فلسطيني عند حاجز تفوح بالضفة الغربية المحتلة الاسبوع الماضي - (وكالات)
جنود من الاحتلال الاسرائيلي يتراكضون نحو ثلاثة إسرائيليين أصيبوا على يد مقاوم فلسطيني عند حاجز تفوح بالضفة الغربية المحتلة الاسبوع الماضي - (وكالات)
معاريف بقلم: الون بن دافيد 7/5/2021 على مدى أربعة أيام، جرى الواحد الى جانب الآخر في مطاردات عدة وراء منفذ عملية مفترق تفوح والصراع على حياة الجريح من العملية، يهودا غواتا الذي مات لاحقا. وانتهت العمليتان تماما في الوقت ذاته: الشاباك والجيش الإسرائيلي ألقى القبض على منفذ العملية بعد وقت قصير من إعلان المستشفى عن وفاة الشاب. في الميدان لا تظهر مؤشرات على أننا في مستهل موجة مقاومة كبرى، ولكن بعد أكثر من سنة من الغفوة في ظل كورونا، استيقظت القضية الفلسطينية وذكرتنا بأنها لم تذهب الى أي مكان. منفذ العملية الذي ألقي القبض عليه، منتصر الشلبي، مختلف جدا من حيث الصورة التي ترسم لمنفذي العمليات، فهو رجل أعمال ثري ابن 44، أب لسبعة أطفال دون أي خلفية من الضائقة الاقتصادية أو الشخصية، وحسب كل المؤشرات فإنه لم يتوقع أن يخرج بعد العملية وهو على قيد الحياة. ولكن ما إن نجح في القرار من مفترق تفوح حتى استند الى أقربائه ليوفروا له المأوى. وهو لا يرتبط بأي من منظمات المقاومة المؤطرة. في نظرة الى الوراء يبدو أن مقاتلي جفعاتي الذين كانوا يحرسون محطة الباصات عملوا على نحو جيد، فالمقاتل والضابط على حد سواء ردا بسرعة، أطلقا النار بل وتبين أنهما أصابا السيارة التي كانت بمقدمتها ثقوب الرصاص من الأمام ومن الخلف وهكذا أيضا بطن الشلبي العملية انتهت بالقبض السريع على منفذها وفقد الشريط الذي يظهر فيه المقاتلون يحتفلون بنشوة بعد إلقاء القبض عليه وكأنهم حرروا المبكى وليس أقل من ذلك، أثار أفكارا أليمة عن الصورة الحالية للجيش الإسرائيلي، وما هي إلا لحظات الذروة في خدمة المقاتل في جيش الدفاع. وأبشع من هذا كان الشريط الذي جاء من بيت لحم الأحد الماضي، مقاتلان من الناحل مسلحان من أخمص القدم وحتى الرأس، يطلقان النار ويقتلان من مسافة آمنة ستينية فلسطينية، جاءت "لتنتحر" ولم تشكل حقا تهديدا حقيقيا عليهما. كان إطلاق النار مشروعا، ولكن الشريط هو مثال مميز عن انعدام المهنية لدى المقاتلين اللذين لم يكونا قادرين على تحييد امرأة مسنة بإصابة ليست فتاكة. بدلا من استغلال الحدث لغرس أنماط سلوك أفضل، فإن قادة الجيش الإسرائيلي، على عادتهم في السنوات الأخيرة، تمترسوا في صمتهم. ويخيل أحيانا أنه من كثرة الانشغال بتعدد الأبعاد، يهمل مسؤولو الجيش الأبعاد الأكثر أساسية للجندية وللإنسانية. فكل من قتل نفسا، حتى وإن كانت لعدو يعرف أن هذا حملا يبقى معك على مدى الحياة. في هذا الحدث لم يكن أي سبب يجعل مقاتلين شابين يحملان نفسيهما عبء الروح التي أزهقاها، فنزعة الفتك التي يرفع رئيس الأركان مستواها يجب أن تكون حيال أعداء حقيقيين وليس حيال امرأة مسنة. صوت من الماضي عاد هذا الأسبوع الى الوعي وحاول هو أيضا أن يضيف الى الشعلة التي تثور من جديد في القدس وفي الضفة. محمد ضيف، القائد للذراع العسكرية لحماس منذ 28 سنة، أطلق صوتا، على أمل أن يشعل نارا أخرى في الجمرات الخابية. فهو شخصية أسطورية في التاريخ الفلسطيني وواحد من آخر اثنين تبقيا من الجيش المؤسس للذراع العسكرية. لقد نجا ضيف من خمس محاولات تصفية على يد إسرائيل: أخذنا له الساقين، يد، عين وكذا السمع في إحدى أذنيه، ولكنه ما يزال يؤدي مهامه. وفي بيان نشره هذا الأسبوع، وعد بأن يدفع إسرائيل ثمنا باهظا على "العدوان في الشيخ جراح". لحماس مصلحة واضحة في إشعال العنف في الضفة الغربية والقدس، والصراع القانوني لإخلاء الفلسطينيين الذين يسكنون في الشيخ جراح يمكن أن يوفر الخلفية الكاملة. وتكاد وسائل الإعلام الإسرائيلية لا تتناول الصراع الجاري هناك، والكفيل بأن ينتهي بإخلاء مئات الفلسطينيين من بيوتهم، ولكن في الحياة العامة الفلسطينية يقف هذا الموضوع على رأس جدول الأعمال. مشكوك أن يكون الناجي الثاني من مؤسسة الذراع العسكرية، يحيى السنوار قد استقبل بالترحاب التدخل المفاجئ لضيف. صحيح أن بيان ضيف لن يخرج الجماهير الفلسطينية في الضفة من بيوتها ولكنه يسهم في الأجواء الحماسية على أي حال، على خلفية شهر رمضان وإلغاء الانتخابات. يعرف السنوار جيدا بأن العنف الذي ينشب في الضفة يميل لأن يتسلل بسرعة الى غزة أيضا، وعليه فإنه يجتهد ليمارس قوى "اللجم" كي يضمن ألا تهرب الصواريخ من القطاع. إن تداخل التواريخ في الأيام العشرة القريبة المقبلة سيقض مضاجع جهاز الأمن عندنا: هذا المساء، يوم الجمعة الأخير لرمضان، غدا (اليوم)، ليلة القدر -ليلة كلها صلاة في المساجد، وبعدها بالتواصل يوم القدس، عيد الفطر (الذي في الغالب يميل لان يكون هادئا)، يوم النكبة وعيد الأسابيع لدينا. سيتجه الانتباه قبل كل شيء الى القدس وإلى الحرم، والشرطة ستكون مطالبة بأن تضمن تفرقا هادئا للصلاة. الجيش الإسرائيلي سيركز على حماية محاور السير في الضفة الغربية، ولا سيما في الساعات الحاسمة وفي الليالي وفي الساعات ما قبل دخول السبت. بالإدارة الصحيحة سيكون ممكنا اكتمال رمضان بسلام.اضافة اعلان