القطاع الزراعي في وادي الأردن .. مشكلات مزمنة ما تزال تنتظر حلولا

عاملات يقمن بقطف ثمار البندورة في إحدى المزارع في وادي الأردن-(ارشيفية)
عاملات يقمن بقطف ثمار البندورة في إحدى المزارع في وادي الأردن-(ارشيفية)
حابس العدوان وادي الأردن - في الوقت الذي أثبتت فيه جائحة كورونا مدى الحاجة للزراعة كركيزة لتحقیق الأمن الغذائي، يؤكد معنيون ان القطاع يمر بأوضاع هي الأسوأ منذ عدة عقود. ورغم ان حالة من التردي طالت جميع مكونات القطاع، الا ان المتضرر الأكبر كان المزارع نفسه الذي بات عاجزا عن توفير لقمة العيش لاسرته، في حين ما تزال البرامج والاستراتيجيات الحكومية مجرد حبر على ورق. ويرى المهندس عبدالكريم الشهاب، ان القطاع الزراعي يعاني مشكلات مزمنة ما تزال تنتظر حلولا رغم الحكومات الكثیرة التي تعاقبت عليه واكتفت برسم سياسات على الورق فقط، مشيرا إلى ان القطاع الزراعي لم يعد محط اهتمام الحكومات منذ عقود، رغم اهميته الكبيرة التي تجلت خلال جائحة كورونا. العشوائیة وعدم وجود تشريعات وقوانين وانظمة لتنظيم القطاع الزراعي، احد اهم اسباب انهياره بحسب الشهاب، اذ ان المشكلة بدأت بوجود فائض انتاج سبب إغراق السوق المحلية، خاصة بعد اغلاق الاسواق التصديرية الرئيسة ما ادى إلى تدني اسعار البيع لثمانية مواسم متتالية إلى ما دون الكلفة، موضحا "كان بامكان الحكومات المتعاقبة العمل على تطبيق سياسة النمط الزراعي لتحديد الاصناف التي تزرع والمساحات ضمن معطيات تضمن تسويقها باسعار الكلفة على اقل تقدير. ويقول" ان النمط الزراعي كان من الممكن ان يكون الحل الامثل لتجاوز معظم العقبات التي تواجه المزارعين، اذ ان توفر المردود الجيد يتيح للمزارع التغلب على تحديات ارتفاع اسعار مستلزمات الإنتاج واجور الايدي العاملة والحد من المديونية، التي باتت تهدد السواد الاعظم منهم"، مشيرا إلى ان النزيف الذي استمر لسنوات تسبب بهجران شريحة كبيرة من المزارعين لاراضيهم او لمصدر دخلهم الرئيس، ما انعكس على واقع اجتماعي واقتصادي هش وغير متماسك بالاصل. ويرى الشهاب، ان "المشكلة حاليا ليست بتراجع المساحات المزروعة بقدر ما هي قدرة المزارع على خدمة موسمه الزراعي بالشكل المطلوب"، موضحا ان غالبية البيوت البلاستيكية في وادي الاردن لم يتم تعقيمها قبل الزراعة في حين ان غالبية المزارعين عاجزين عن توفير الاسمدة والمبيدات واجور العمالة الزراعية، لادامة العمليات الضرورية للانتاج وجميعها بالمجمل ستؤثر على حجم الإنتاج الذي سيتراجع يشكل كبير الموسم الحالي. وكانت الحكومة السابقة قد اقرت الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية للنهوض بالقطاع الزرعي، من خلال توفير مجموعة من الحوافز للقطاع الزراعي في مجالات التسهيلات الائتمانية وتوفير التمويل الميسر لضمان قدرة القطاع والمزارعين على الاستمرار في دوره الاقتصادي، و توسيع مظلة صندوق المخاطر الزراعية ليشمل كل المخاطر الزراعية، وتوفير مجموعة من الإعفاءات من الرسوم، التي تساعد على تنظيم القطاع الزراعي ودعم سلسلة الصادرات الزراعية وتشجيع التعاونيات الزراعية لأخذ دورها في التشغيل وخلق فرص العمل. كما تناولت الاستراتيجية العمل على إنشاء مراكز للخدمات الزراعية ومراكز للتدريب على التكنولوجيا الزراعية الحديثة لتمكين العاطلين عن العمل من المهارات الزراعية لرفد سوق العمل الزراعي باحتياجاته من العمالة الزراعية الاردنية، اضافة الى إعادة هيكلة وتنظيم القطاع الزراعي ورقمنتة، وتعديل قانون اتحاد المزارعين، واعادة النظر في نظام التعاونيات الزراعية، وانشاء قاعدة شاملة للبيانات الزراعية، وتعزيز استخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة، وانشاء مراكز للتدريب عليها. كما تناولت الاستراتيجية تطوير سلسلة الصناعات الزراعية، والمعرض الدائم للمنتجات الريفية، وحزمة تمويل مشاريع الصناعات الزراعية، وتطوير سلسلة الصادرات، وانشاء نظام جودة وسلامة المنتجات الزراعية. ويبين المزارع نواش اليازجين، ان التحديات التي تواجه القطاع ما تزال تتفاقم عاما بعد عام سواء ارتفاع كلف الإنتاج، من أسمدة وبذور وعلاجات وبلاستیك وأنابیب وغیرها الى انخفاض اعداد العمالة والتسويق وشح المیاه وارتفاع فاتورة الطاقة والمديونية، لافتا إلى ان جميع الخطط والاستراتيجيات والتوجيهات الملكية لم تقم اي من الحكومات المتعاقبة بترجمتها على ارض الواقع. ويقول"على الرغم من ان الزراعة في وادي الأردن تعد أحد اهم القطاعات الإنتاجیة وركيزة للامن الغذائي الوطني الا الان حجم التحدیات والمعوقات تسبب بعزوف الاف المزارعین عن الاستمرار في العمل نتيجة الخسائر المتلاحقة وتراجع المردود المالي ما ادى إلى تراجع الإنتاج الغذائي بشكل كبير خلال السنوات الاخيرة،" موضحا ان هذه الأمر يظهر جليا الموسم الحالي مع تراجع المساحات المزروعة بنسبة فاقمت 50 % وعدم قدرة الجزء الاخر من توفير الخدمة اللازمة لمحصوله. ويؤكد رئیس اتحاد مزارعي وادي الاردن عدنان خدام، ان تعامل الحكومات المتعاقبة مع القضایا الزراعیة لم یرتق الى مستوى اهمیة القطاع كركيزة للامن الغذائي ورافد انتاجي موفر لالاف فرص العمل، مضيفا ان الزراعة اثبتت خلال جائحة كورونا اهمیتها ودورها في الأمن الاقتصادي والاجتماعي والغذائي، ما يتطلب العمل على دعم القطاع والنهوض به. ويبين ان الحلول ليست مستعصية اذا ما وجدت اراداة حقيقية وجادة تسعى الى معالجة التحديات بدأ من التسويق الى العمالة والطاقة وارتفاع الكلف، مشددا على ايجاد نظم تشریعیة للتسویق الزراعي وقاعدة بیانات للمساحات الزراعیة وانتاجها لتنظیم عملیات التسویق والبیع والتقلیل من فائض الانتاج بما ینعكس ایجابا على المزارعین. ويضيف"على الحكومة الجديدة الاسراع مع بدء الموسم الزراعي بتوفير الدعم اللازمة للمزارعين من خلال قروض ميسرة وحل معظلة نقص العمالة الزراعية وتوفير مستلزمات الانتاج باسعار مناسبة من خلال دعم مدخلات الإنتاج،" لافتا الى اهمیة إنشاء شركات تسویقیة بالشراكة بین القطاعین العام والخاص تعمل على الحد من تعدد الحلقات التسویقیة بین المزارع والمستهلك، الى جانب خلق اسواق تصدیریة وتخفیض كلف التصدیر وتخفیض كلف الشحن الجوي. كما دعا الخدام الحكومة الى ايلاء التصنیع الغذائي اهمية قصوى من خلال تشجيع القطاع الخاص على انشاء مصانع لاستيعاب فائض الإنتاج، الذي كان سببا رئيسا في تراجع القطاع خلال السنوات الماضية، مؤكدا اعادة تفعیل الجمعیات التعاونیة واتحادات المزارعین في مجال توفیرها لمستلزمات الانتاج الزراعي باسعار مناسبة.اضافة اعلان