القطاع المصرفي في قطر محرك التنمية الاقتصادية

بدأت النشاطات المصرفية في دولة قطر قبل أكثر من سبعة عقود حينما قام بنك الشرق، والذي يعرف حاليا ببنك ستاندرد تشارترد، بفتح فرع له في الدولة العام 1950، ومن ثم تبعته العديد من البنوك الاخرى ومنها البنك العربي العام 1957. وفي منتصف الستينيات من القرن الماضي تم إنشاء أول بنك وطني وهو بنك قطر الوطني والذي يعتبر من أكبر البنوك العربية حاليا وتبعته بنوك قطرية أخرى مثل البنك التجاري وبنك الدوحة ومصرف قطر الإسلامي والبنك الاهلي القطري على سبيل المثال. وقد أظهر القطاع المصرفي في دولة قطر تطورا أفقيا وعاموديا موازيا لمستوى النهضة الاقتصادية التي شهدتها دولة قطر. ويضم الجهاز المصرفي القطري حاليا حوالي 19 بنكا بالاضافة إلى مصرف قطر المركزي وهو الجهة الرقابية والتنظيمية للجهاز المصرفي في دولة قطر. اضافة اعلان
أظهرت البيانات المالية المجمعة للبنوك العامة في دولة قطر ارتفاعا في حجم موجوداتها بنهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي 2019 بنسبة 9.2 % لتصل إلى 1.55 تريليون ريال أو ما يعادل 425 مليار دولار أميركي. وارتفع اجمالي الائتمان العام 2019 بنسبة 10.5 % ليصل إلى 1.04 تريليون ريال بدعم من زيادة التمويل لقطاعي التجارة العامة والخدمات. وسجلت الودائع نموا العام 2019 بنسبة 4.8 % لتصل إلى 849 مليار ريال، بدعم من ارتفاع ودائع غير المقيمين. ويعتبر القطاع المصرفي القطري ثالث أكبر قطاع مصرفي عربي بعد الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وتعيش البنوك القطرية حاليا أفضل حالاتها، نتيجة ارتفاع جودة ونوعية أصولها ورسملتها المرتفعة وملاءتها القوية وانخفاض نسبة قروضها المتعثرة حوالي 2 بالمائة فقط. ويعود ذلك إلى الخبرات المصرفية التي تراكمت في دولة قطر من جهة وإلى الرقابة الحصيفة التي يقوم بها مصرف قطر المركزي والمعايير الإشرافية التي يُصدرها بصفة دورية والتي تتوافق مع المعايير الدولية، الأمر الذي يُحقق مُستويات كبيرة من الأمان للجهاز المصرفي في الدولة. وبذلك تعزز دور القطاع المصرفي القطري ليكون مُحرّكا للتنمية الاقتصادية في قطر. وهذا يمكن دولة قطر من زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق رؤية قطر 2030.
وترتكز هذه النتائج إلى عدة مُقومات قوية وفي مُقدّمتها قوة الاقتصاد القطري الذي يعيش طفرة متميزة يُعزّزها تنوع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على الإيرادات النفطية بشكل كلي، وهو ما كان له الأثر الايجابي الواضح على ارتفاع مستويات النمو المُسجّلة خلال السنوات الماضية، رغم التحديات التي واجهها الاقتصاد، ما عمّق الثقة فيه لدى مختلف وكالات التصنيف العالمية.
وتمتلك دولة قطر اقتصادا قويا يستند إلى أسس مالية ضخمة واحتياطيات سيادية عالية المستوى، في ظل ارتفاع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي والذي يُعد الأعلى عالميا حيث تجاوز المائة ألف دولار في العام 2019، إضافة إلى أن دولة قطر تعد ثالث دولة على مستوى احتياطيات الغاز الطبيعي عالميا، بالتوازي مع أنها أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم.
قوة ومتانة البنوك العاملة في السوق القطري عملت على استقطاب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال القطرية والعربية والاجنبية أيضا، وهذا كله يصب في مصلحة القطاع ويؤكد مدى قوة الجهاز المصرفي القطري الذي بات يتمتع بالثقة الكبيرة لدى المستثمرين المحليين والخارجيين.
ومن جهة ثانية يتبنى مصرف قطر المركزي سياسة سعر صرف ثابتة بين الريال القطري والدولار الأميركي منذ شهر تموز/يوليو 2001 عند مستوى 3.64 ريال/دولار، وتعتبر هذه السياسة حجر الزاوية في سياسته النقدية، وقد اثبتت مصداقية عالية.
استقبال جلالة الملك عبدالله الثاني لأخية سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر في عمان خلال اليومين الماضيين يعكس حجم وعمق وقوة ونوعية العلاقة التي يتمتع بها البلدان على كافة الاصعدة. الدعم الذي قدمه الأردن لدولة قطر الشقيقة عبر العقود على كافة الاصعدة قابله تقدير ودعم كبيران ونوعيان من دولة قطر للأردن. نمو وتطور العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين الأردن وقطر يصب في صالح البلدين والشعبين الشقيقين ويصب أيضا في مصلحة الاقتصاد العربي بشكل أشمل. نفتخر بالمستوى الذي وصل اليه الجهاز المصرفي القطري بالدرجة ذاتها التي نفتخر بها بالمستوى الذي وصل اليه قطاعنا المصرفي الأردني.