القمر.. وابتعاده عن الأرض تدريجيا

القمر.. وابتعاده عن الأرض تدريجيا
القمر.. وابتعاده عن الأرض تدريجيا
ترجمة: أفنان أبو عريضة عمان- كل عام يخطو قمرنا إنشا ونصف الإنش مبتعداً عن الأرض بلا عودة. ومهما حاولنا لا مجال لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، إذ أن قوة الجاذبية تقوم بسرقة القمر منا رويداً رويداً لملايين السنين القادمة باسم الطبيعة. يبدو الوصف مبالغاً فيه، لكنه يمثل المشهد الذي تصدّر احتفالات مهرجان منتصف الخريف في الصين هذا العام، والذي يُعقد تحت ضوء القمر الأقرب إلى موعد الاعتدال الخريفي. وما جعل المشهد لا ينسى هو سقوط منطاد عملاق يمثل القمر في هذا المشهد في وسط المدينة ليجري وراءه العديدون محاولين إيقافه دون فائدة، وفق ما نشر على "ذا اتلانتك". قبل 4.5 مليار عام كان القمر، الذي يتكون من حطام صخري يحوم حول الأرض، أقرب بعشر مرات مما هو عليه الآن. ويعتقد العلماء أن هذا الحطام أتى من التحام الأرض بجسم غريب بحجم المريخ. وبعد هذا الحدث الكوني كان القمر حاراً ملتهباً منيراً سماء الأرض باللون الأحمر، وحينها، كما يعتقد العلماء، كان القمر يبتعد عن الأرض بمعدل 8 إنشات في العام. هذا التباعد المستمر بين الأرض وقمره ظاهرة حتمية؛ إذ أن جاذبية الأقمار وإن كانت صغيرة ما تزال قادرة على التسبب بتحرك الكواكب وإن كان بشكل طفيف. وهذه الجاذبية تظهر على كوكبٍ بحري ككوكبنا على شكل ظاهرة المد والجزر، فجاذبية القمر تشد مياه المحيطات إليها وفي المقابل تقوم جاذبية الأرض بشد القمر إليها جاعلاً القمر يسرع من دورانه حول الأرض. ويشرح عالم الفضاء جيمس أودونوغو هذه الظاهرة المسماة التراجع القمري: "بأنه إن كنت تريد الالتفاف حول الأرض بسرعة أكبر سيكون الأفضل هو فعله على مسافة أبعد عن الأرض لتكون جاذبية الأرض أقل ما يمكن وهذا ما يحدث بين الأرض والقمر." ويقوم العلماء بحساب حركة القمر بعيداً عن الأرض من خلال تصويب أشعة ليزر مشعة نحو مرايا ثبتها رواد الفضاء الذين هبطوا القمر على ظهر رحلة أبولو. وكان معدل التراجع القمري متذبذاً عبر السنين، وكانت أعلى معدلات التراجع تتزامن مع حدوث ظواهر استثنائية؛ كسقوط مئات الشهب على القمر وتقلب العصور الجليدية عبر العصور على كوكب الأرض. وأثرُ التراجع القمري هذا على الأرض يتعدى ظاهرة المد والجزر إلى تسببها بالتقليل من سرعة دوران الأرض وحتى إلى زيادة طول اليوم على كوكبنا. وعندما كانت المسافة بين الأرض والقمر قليلة كان اليوم لا يتعدى الأربع ساعات لا أكثر، وعلى المعدل الذي يتراجع فيه القمر حالياً سيضاف جزأين من الثانية إلى اليوم خلال قرنٍ من الزمن. والتنبؤ العلمي لاستمرار هذا التراجع هو استمراره للأبد. ويُعتقد أن التراجع القمري سيتسبب باختفاء الكسوفات القمرية تماماً بعد 600 مليون عام، حيث أن القمر سيبتعد بقدر كاف عن الأرض مما يجعله غير قادر على منع ضوء الشمس من العبور إلى الأرض. لكن القمر سيبقى مرتبطاً بالأرض إلا أنه سيصبح كوكباً أكثر حرارة بفعل تبخر المحيطات.اضافة اعلان