القيمة الحقيقية لأسطوانة الغاز

نشارك الحكومة إحساسها العالي بأنها مضطرة لاتخاذ قرارات صعبة تحتمها ظروف الموازنة التي تعاني من عجز كبير. ومن بين هذه القرارات التي ستحاول الحكومة تفاديها بكل الوسائل الممكنة هو رفع الدعم عن أسطوانة الغاز، رغم أن الحكومة تتكبد مبالغ طائلة نتيجة الدعم الذي تقدمه لأسطوانة الغاز والتي تقارب قيمتها السنوية نحو 90 مليون دينار.

اضافة اعلان

ربما تضطر الحكومة في يوم ما إلى رفع سعر أسطوانة الغاز وتقليص حجم الدعم الحكومي المقدم لهذه السلعة. لكن يتعين أن نذكّر أن جزءا لا بأس به من كلفة أسطوانة الغاز يرتبط بحجم الضرائب المفروضة على هذه المادة، والتي يساعد إلغاؤها في تقليل قيمة الاسطوانة.

وفي هذا السياق، لا بد أن نذكر:

أولا: جزء من كلفة الأسطوانة نجم عن الضرائب التي تتقاضاها الخزينة من شركة مصفاة البترول المنتجة للغاز، والتي تشكل جزءا من الكلفة التي تدفعها الشركة، وتحسب في نهاية المطاف من سعر الأسطوانة.

ثانيا: تناست الحكومة أن تأخر مشروع توسعة المصفاة الرابع الذي بدأ الحديث عنه في نهاية التسعينيات لم يستكمل إلى اليوم، وكان للحكومات المتعاقبة اليد الطولى في تأخره، ما أدى إلى تهالك معدات المصفاة وتراجع الطاقة الإنتاجية لها التي تؤكد بعض التقارير أنها لا تتجاوز 60 %، ما يتسبب أيضا في ارتفاع الكلف.

ثالثا: أدى تراجع القدرة الإنتاجية للمصفاة إلى جعل 35 % من إنتاجها من الوقود الثقيل، وهو صنف لا يحقق العوائد المرجوة المضافة لمصفاة البترول، ويساهم في نهاية الأمر بزيادة الكلفة النهائية لمنتجات المصفاة بشكل عام.

رابعا: الحكومات تقدر سعر الغاز بناءً على الأسعار في الأسواق العالمية، رغم أن جودة المنتجات المحلية من جميع أصناف المشتقات النفطية لا تضاهي تلك الموجودة في العالم، والأمر مرتبط بالسبب نفسه المتعلق بقدم المعدات والموجودة في المصفاة.

خامسا: أوكلت الحكومة مهمة فحص الأسطوانات الجديدة في العطاء الذي تعاقدت عليه الشركة من تركيا إلى الجمعية العلمية الملكية، والتي توفد موظفين يوميا، لفحص الأسطوانات في موقع التصنيع، حيث تبلغ المياومات التي يتقاضاها الموظف الواحد مبلغا كبيرا.

سادسا: الربح الصافي لموزعي الغاز من الأسطوانة الواحدة يصل 90 قرشا، وهذا هامش ربحي مرتفع ويمكن تخفيضه، ليصل نصف دينار مثلا.

سابعا: طن الغاز المستورد يكفي لتعبئة 83 أسطوانة، بحسب ما تقول المصفاة، إلا أن الخبراء يؤكدون أن الطن يكفي لتعبئة أكثر من هذا العدد.ثامنا: الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية، وتلك التي تفكر الحكومة بفرضها، تزيد كلفة أسطوانة الغاز.

العرض السابق، يؤكد أن على الحكومة معالجة التشوهات السابقة قبل أن تفكر بالتخلص من دعم أسطوانة الغاز، التي تؤكد الأرقام الرسمية أن قيمتها الحقيقية تقارب 9.75 دينار، وتباع بـ6.5 دينار، فالمنطق يتطلب إلغاء الضرائب على الأسطوانة، وإتمام مشروع التوسعة الذي يضمن طاقة إنتاجية كاملة تقلل الكلف.

الدعم الذي تتكبده الخزينة والذي يصل 3.25 دينار، سيتلاشى بالتأكيد ولن تكون الحكومة مضطرة للتخلص منه إن هي سعت لإصلاح الاختلالات السابقة، التي ستمكنها من ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، أهمها تجنب كلف اتخاذ قرارات غير شعبية وصعبة.     

[email protected]