الكتب المدرسية: أسعار خيالية تفتك بجيوب الأردنيين

منى أبوحمور وآلاء مظهر

عمان - تتصاعد وتيرة احتجاج أولياء الأمور تجاه ما تفرضه بعض المدارس الخاصة عليهم بداية كل عام دراسي من رسوم مرتفعة وأسعار كتب وزي مدرسي أبعد ما تكون عن الواقع، ضاربة بعرض الحائط تعميم أصدرته وزارة التربية والتعليم يقضي بضرورة ضبط أسعار الكتب المدرسية، بيد أن هؤلاء المواطنين ينتقدون أيضا ما وصفوه بـ "سلبية الوزارة في التعامل مع هذا الملف".اضافة اعلان
وبحسب أولياء الأمور، لم تعد المشكلة تقتصر فقط على ارتفاع أسعار الكتب المدرسية في المنهاج الأجنبي، بل شملت أيضا المنهاج الوطني حيث تبيعه هذه المدارس بأسعار مضاعفة، "ومستفزة".
وفيما تصل عقوبة المدارس المخالفة لتعميم التربية التي اصدرته بداية العام الدراسي الماضي إلى توجيه انذار لها، إلا أن "عين التربية ما تزال أبعد ما تكون عن رقابة هؤلاء ومحاسبتهم، بحجة أن ذلك يحتاج إلى شكاوى تصلهم من أولياء الأمور، مشيرة على لسان مدير إدارة التعليم الخاص في وزارة التربية سالم خليفات أن الوزارة لم تتلق شكاوى من ذوي الطلبة بهذا الخصوص.
وهو أمر غير صحيح بحسب الأهالي الذين أكد بعضهم تقديمه شكاوى للتربية، وفق ما أكدوه لـ"الغد".
نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني ألقى بالكرة في ملعب وزارة التربية، بقوله أن الحل النهائي لارتفاع أسعار الكتب المدرسية للمنهاج الوطني في المدارس الخاصة يتطلب من الوزارة السماح لأولياء الأمور بشراء الكتب المدرسية من مستودعاتها مباشرة، لكنه ساق مبررات تدافع عن المدارس الخاصة بشأن ارتفاع أسعار كتب المنهاج الأجنبي منها الجمارك.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة للمواطنين، وحرص بعض المدارس الخاصة على تحقيق أرباح كبيرة على اعتبار أن الفائدة المالية المتأتية لها تكون من خلال الكتب الدراسية والزي، يرى أولياء الأمور أن حلولا جذرية لهذا الملف بعيد كل البعد عن نية الوزارة التي تكتفي بالنظر لمن ينهك جيوبهم ويستقوي على حاجاتهم لهذه المدارس في ظل تردي حالة نظيرتها الحكومية التي تعاني من سوء في البنية التحتية، إلى جانب الاكتظاظ الكبير في الغرف الصفية.
فاتن العنبتاوي، ولدى زيارتها لمدرسة أبنائها من أجل الحصول على الكتب والزي المدرسي "أصابها الذهول"، وفق ما أكدته لـ"الغد"، مضيفة أنها تفاجأت بالأسعار المبالغ بها حيث "بلغ ثمن كتب أبنائي للمنهاج الوطني 350 دينارا وهذا المبلغ أكبر بكثير من امكانياتنا المادية كعائلة".
وتذهب العنبتاوي إلى أبعد من ذلك بقولها "مدرسة أبنائي تفرض أيضا رسوما إضافية تحت بند المختبر والرحلات المدرسية، وعند السؤال عن الرحلات تكون الاجابة لا يوجد رحلات بأمر من وزارة التربية"، واصفة ذلك بأنه "نظام جباية بمسميات" .
"كتب أولادي الأربعة طلعت 200 دينار للبرنامج الوطني والأسعار اللي مكتوبة مبالغ فيها"، هكذا تقول نسرين خالد التي طالبت بتخفيض أسعار الكتب، لافتة إلى أن الاستمرار بشراء الكتب بالرغم من ارتفاع أسعارها يشجع المدارس على الاستمرار بسياسة الجباية.
"الإصلاح يبدأ من الذات وليس من الآخرين، والشيء المطلوب من الحكومة تحسين البنية التحتية للمدارس الحكومية، وتشديد الرقابة على الطلاب فيها".. يقول أحمد ناصر، الذي أكد لـ "الغد" على ضرورة التفات وزارة التربية والتعليم لما يحدث في التعليم الخاص من قبل "مافيات" بعض المدارس الخاصة.
أم أحمد بدورها تقول لـ "الغد" أن المدارس الخاصة "تمارس سياسة الضغط على أولياء الأمور" لإرغامهم على شراء الزي المدرسي بشكل سنوي، وتنبيه الطلبة عدم ارتداء الزي القديم، فضلا عن احتكار بيع الكتب ومنع الأهالي من شرائها من أي مكان آخر.
وتضيف "الكتب فيلم آخر.. كتب الحكومة كبيرهم 20 دينارا للفصلين أما الإضافات الي بضيفوها وبنسمع فيها وما بنشوفها بتكلف أضعاف السعر الأصلي"، متابعة "الأمر زاد عن حده".
صدمة كبيرة تعرضت لها ليلى سليمان عند شراء كتب ابنها في الصف الخامس التي كلفتها 450 دينارا، ما دفعها لقراءة قائمة الأسعار، ومعرفة سعر كل كتاب، إذ كان من ضمنهم 8 كتب عبارة عن أوراق عمل لمواد معينة قامت المدرسة بطباعتها وتجميعها في كتاب لا يتجاوز 30 صفحة.
البحث عن جودة التعليم وخدمات أفضل وغياب تعليم حكومي آمن، هو ما يدفع العديد من أولياء الأمور لتحمل أعباء الأقساط المدرسية المرتفعة، وفق بشار حداد مؤسس إئتلاف أولياء الأمور والناطق باسم حملة "زودتوها"، الذي بين أن ذلك يساهم باستغلال أولياء الأمور والتغول على جيوبهم.
وتعتبر حملة زودتوها، وفق حداد أول حملة مجتمعية مناصرة، يتصدرها أولياء أمور الطلبة في مختلف مدارس الأردن الخاصة، وذلك بهدف التصدي لارتفاع الأقساط المدرسية مقارنة بما هو مقدم من تعليم أو خدمات، كذلك استغلال وجشع بما يخص أسعار الكتب والزي والنشاطات المدرسية الإجبارية. ويلفت إلى أن "رغبة الأهل بتسجيل الأبناء بمدارس خاصة يأتي لكون القطاع التعليمي الحكومي لا يرقى لما يسعى اليه أولياء الأمور ويخططونه لمستقبل أبنائهم".
ودعا حداد جميع المواطنين وضيوف الأردن ممن يسجلون أبناءهم بمدارس التعليم الخاص، بالانضمام لحملة "زودتوها"، ودعم الجهد المجتمعي لهذه المبادرة كونها تمس كل بيت وولي أمر، والهدف هو الحفاظ على مستقبل التعليم والارتقاء بخدماته من دون ابتزاز أهالي الطلبة.
وتسعى حملة "زودتوها"، بحسب القائمين عليها إلى زيادة وتكثيف الرقابة على المدارس الخاصة مجتمعيا وحكوميا مع بداية كل موسم مدرسي وعدم السماح بفرض القرارات الجائرة على أولياء الأمور دون حسيب أو رقيب.
كما وتسعى للضغط باتجاه تشكيل لجنة حكومية وأهلية تقوم على إجبار المدارس على تسليم الأهالي قائمة أسعار مقبولة للأقساط والمستلزمات من كتب وزي مدرسي، باعتبار الأسعار الحالية مبالغ بها عند مقارنتها مع مثيلاتها في الدول المحيطة، بل وتعادل أضعاف أسعارها الحقيقية.
وتقوم الحملة بحسب حداد بدور رقابي مجتمعي على المدارس الخاصة في ظل "غياب رقابي حكومي" من قبل وزارة التربية والتعليم التي تصدر تعميمات بدون متابعة وعدم أخذ الشكاوى بعين الاعتبار.
45 % نسبة التعليم الخاص في الأردن بمعدل 3211 مدرسة خاصة، وفق تقرير وزارة التربية والتعليم يعتبر دليلا قويا على أن التعليم الخاص أصبح تجارة مربحة وفق حداد، في الوقت الذي لا يتجاوز التعليم الخاص في الدول المتقدمة 6 %، مؤكدا أن "الدولة مقصرة في إقامة المدارس الحكومية وتحديثها حتى تتماشى مع طرق التعليم الحديث".
من جانبه، اعتبر نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني ان ملف تباين وارتفاع أسعار الكتب المدرسية للمنهاج الوطني في المدارس الخاصة متكرر كل عام دراسي وان اغلاق هذا الملف بشكل نهائي بيد وزارة التربية والتعليم.
وقال الصوراني ان الحل النهائي لهذا الملف يتطلب من وزارة التربية والتعليم السماح لأولياء الأمور الطلبة بشراء الكتب المدرسية من مستودعاتها مباشرة.
وأضاف الصوراني ان النقابة طالبت منذ عدة سنوات بضرورة منح فرصة لأولياء الأمور بشراء الكتب المنهاج الوطني من مستودعات وزارة التربية والتعليم بشكل مباشر، مؤكدا على انه في الأصل يجب ان تمنح هذه الكتب مجانا للطلبة في القطاع الخاص أسوة بطلبة القطاع العام.
وبخصوص الكتب وفق النظام الاجنبي، فأوضح الصوراني صعوبة ضبط أسعار هذه الكتب، حيث ان هذه الكتب المرخصة من قبل الوزارة لها أسعار دولية ولديها وكالات في الدول التي لديها مدارس تدرس الأنظمة الاجنبية والدولية.
وبين أن هناك عوامل كثيرة تساهم في ارتفاع الكتب الاجنبية منها الجمارك وغيرها من الأمور.
وأشار أن اولياء أمور الطلبة الذين يدرسون ابناءهم في النظام الاجنبي يدركون أن تكاليف الخاصة بهذا النظام مرتفعة بما فيها القسط المدرسي والكتب المدرسية عند مقارنتها بالنظام الوطني.
وأكد مدير إدارة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم أن "الوزارة لم تتلق أية شكوى خطية من قبل أولياء أمور الطلبة حول ارتفاع أسعار الكتب المدرسية".
وقال خليفات في تصريح خاص لـ"الغد" أمس إن الوزارة تلاحظ وجود أسعار مرتفعة كأسعار للكتب المدرسية ولكن الوزارة لا تستطيع التحرك في هذا الملف إلا في حالة وجود شكوى خطية".
وأضاف خليفات أن الوزارة عند تلقيها شكوى خطية من قبل أولياء الأمور تعمل على تشكيل لجنة تحقق في مضمون هذه الشكوى ان كانت صحيحة أو كيدية من خلال زيارة المدرسة والاطلاع على أسعار الكتب على انهم أولياء أمور يريدون شراء الكتب.
وبين أن الموقع الإلكتروني لإدارة التعليم الخاص منشور عليه أسعار الكتب المدرسية والتي يجب ان تلتزم بها المؤسسات التعليمية الخاصة.
وفيما يتعلق بالكتب الخاصة بالبرامج الأجنبية أوضح أن أسعار هذه الكتب محدد عند قسم البرامج الاجنبية في إدارة التعليم الخاص وتستطيع الإدارة بعد تلقيها الشكوى من أولياء الأمور أن تتأكد ان كان بيع هذه الكتب مبالغ فيه من عدمه.
وأشار انه في حالة اثبات أن المدرسة تبيع الكتب المدرسية بأسعار مخالفة عن محدد لها، فإن قسم الشؤون القانونية سيتخد الإجراء المناسب بحق المدرسة المخالفة.