الكورونا: نتائج سلبية وإيجابية

يبدو أن العالم تجمّله النكبة وتقبّحه النعمة، ففي أوقات القمرة والربيع أو النمو والازدهار، يشتد الخلاف والصراع والتنافس بين الناس والدول على الموارد والنفوذ. وفي أوقات النكبة والكارثة يقترب الناس والدول من بعضهم البعض، ويتعاونون لمواجهة النكبة والكارثة.
لقد فاجأ فيروس الكورونا العالم. وقد شكل اختباراً أو امتحاناً لجميع الدول، وكشف عن استعداداتها وعوراتها الإدارية والطبية والثقافية.
وفي النظر في النتائج الأولية السلبية والإيجابية لهذا الفيروس نجد ما يلي:
في النتائج السلبية:
• إصابة الملايين من البشر بالمرض، وموت مئات الآلاف به.
• إصابة الاقتصاد العالمي والاقتصادات القطرية بجلطة، تحتاج إلى وقت طويل للتعافي منها.
• انخفاض مستوى المعيشة بانخفاض الدخل القومي للدولة والفرد.
• تعاظم البطالة والفقر.
• ارتفاع عبء الديون.
• تعطيل التعليم الوجاهي التفاعلي أو التعليم عن قُرب (مؤقتاً).
• تعطيل السياحة بالكامل: الداخلية (مؤقتاً) والإقليمية والعالمية.
• حظر التجول والتقارب الجسدي.
• تعطيل النشاط الرياضي المحلي والإقليمي والعالمي.
• تغييب الصحافة الورقية وتسريع تقهقرها.

اضافة اعلان

في النتائج الإيجابية وكما يقول المثل: No Pain, No Again
• انخفاض في حجم التلوث القطري والعالمي لدرجة انسداد ثقب الأوزون في القطب الشمالي فوق الكرة الأرضية.
• تعزيز التعاون الدولي في مواجهة الوباء، وعلى الرّغم من ترامب.
• اللجوء إلى التعلّيم عن بعد على طريق تطويره واعتماده بديلاً للمدرسة. لكن للتعليم عن بعد أضراراً كثيرة، منها زيادة غربة المجتمع أو تصحرّه اجتماعياً، فلا لعب أو رياضة أو نشاطات أو أصدقاء وزملاء ولا شلل وفرق… للأطفال في الروضة والمدرسة، وبين الطلبة في الجامعة، ولا ذكرى تحفظ بالتعليم عن بعد. تصور اعتماد التعليم عن بعد نهائياً وقضاء المتعلم من الروضة وحتى نهاية التعليم الجامعي حياته النظر في شاشة مشعة. إنه إن لم يفقد البصر سوف يضطر إلى لبس نظارة سميكة أو استعمال المكبر في سنواته الأولى. لا تعلّم ولا تعليم يتفوق على التعلّم والتعليم عن قُرب.
يقول عالم الاجتماع جون جالتنج: "لعلّ كلمة (Tele /عن بُعد) هي أخطر كلمة في العالم لأنها تمنع التفاعل المباشر/ الوجاهي بين الناس". كما لا ينوي بلد في العالم حتى في أوروبا وأميركا إلغاء المدرسة والجامعة والاقتصار النهائي على التعليم عن بعد. إنها جميعاً تتململ لإعادة الأطفال إلى المدرسة، والفتيان والفتيات إلى الجامعة. التعليم عن بعد أحد وسائل التربية والتعليم: إنه أحدثها ولكنه لن يحل محل المدرسة والجامعة، ولكنه ليس غايتهما.
• بروز الدور الإيجابي لوسائل الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي بين الناس وتخفيف أثر الحظر أو العزلة السلبي نتيجة لها.
• تعليم جيل الوجبات السريعة والأغذية الجاهزة الطبخ وإعداد الأكلات المختلفة أي تحول الأسرة من الاستهلاك إلى الإنتاج.
• انتعاش السياحة الداخلية بعد رفع الحظر نهائياً.
• ربما يحل السلام عن بعد (بس أرفع ايدك) محل المصافحة والتقبيل.
ونظراً لما أحدثه الفايروس من أضرار إنتاجية واقتصادية كبيرة، وللوقاية من احتمال وقوع مجاعات وعطش وعنف هنا وهناك بامتداد الوباء، أو نتيجة لتداعياته، فإن حل مشكلة الديون الخارجية في العالم تصبح ملحة، إما بالإلغاء التام، أو بالتخفيض الكبير، أو بإلغاء فوائدها، أو بإطالة فترات سدادها وهو أضعف الحلول.
أما المهمة الثانية المطلوب القيام بها، فهي تطوير المنظمات والوكالات الدولية وبحيث بعمل كل منها بكفاءة في خدمة البشرية كل حسب وظيفتها، وبحيث نقترب من أو نصل إلى تحويل هيئة الأمم المتحدة إلى ما يشبه حكومة عالمية كونفدرالية.
وأخيراً ومن باب الوقاية أو استيعاب الكوارث والمفاجآت الكبرى، يجب علينا كدولة التعلّم بالاستباقية، لا بالصدمة. ومن ذلك إعداد سيناريوهات استراتيجية بعنوان ماذا لو: توضع في الجرار وتكون جاهزة للتطبيق عند الغارة مثل الفيضان، أو الزلزال، أو البركان، أو النيزك، أو القحط… فكل ما هو محتمل الوقوع يمكن أن يقع.
وختاماً سيظل هذا الجيل يسمى بجيل الكورونا ويؤرخ بها مثلما أرخ أهل مكة بعام الفيل قبل الإسلام.
وختاماً لن يختلف الناس كثيراً بعد الكورونا عما كانوا عليه قبلها إلاّ قليلاً. وسيعودون بمضيّ الوقت إلى سيرتهم الأولى ما خلا في بيئة العمل والإنتاج.