"اللغة العربية في الإعلام": هجوم شرس ومحاولات إقصاء

غلاف الكتاب (من المصدر)
غلاف الكتاب (من المصدر)

عزيزة علي

عمان- يرى الرئيس السابق لمجمع اللغة العربية د.عبدالكريم خليفة، أن الإعلام يحتل مكانة مهمة في حياة الشعوب ويقوم بدور مهم في جميع المجتمعات الإنسانية، ويكبر هذا الدور وتزداد أهميته وتتطور وسائله أيضا، وفق مسيرة الحضارات الإنسانية عبر التاريخ.اضافة اعلان
ويلفت إلى أن اللغة تحتل المكانة الأساسية في جميع وسائل الاتصال المعرفية والاجتماعية والسياسية، ويتميز دور اللغة بما تمتاز به هذه الشعوب وما تقدمه في جميع مجالات المعرفة والعلوم والفنون والثقافة، وتعبر عنه بلغتها الجامعة على اختلاف النظم السياسية والعقائدية والاقتصادية.
ويضيف في مقدمة كتاب "صورة اللغة العربية في وسائل الإعلام والاتصال" أن المعلومة الحية هي التي تستطيع أن تنفذ إلى جماهير الأمة بلغتها الجامعة والموحدة، ويفهمها المواطن ويتمثلها العالم المتخصص والمفكر والأديب والشاعر والكاتب والخطيب، بتنوع مجالاتهم ومستوياتهم.
ويتحدث الكتاب عن الإعلام ومشروع النهوض باللغة العربية، واستعراض تقارير لجان فريق العمل عن منهج العمل وخطواته وأمثلة منه وتقرير مفصل عن الإعلام الإلكتروني "المواقع الإلكترونية والمدونات" وأنواع الاخطاء التي رصدت في بعض المواقع، إضافة إلى الإعلام المرئي والمسموع: الفضائيات، والإعلام المسموع "الإذاعة الأردنية الهاشمية"، والإعلام المقروء "الصحف اليومية والأسبوعية"، وأنواع الأخطاء التي رصدت في الصحافة اليومية والأسبوعية، وعن الإعلانات والأسماء التجارية، وعن لغة المسرح والسينما في الأردن والبيانات الإحصائية للأخطاء اللغوية في وسائل الإعلام الأردنية، والأسباب التي تؤدي إلى هذه الأخطاء.
فاللغة الجامعة والموحدة، بحسب خليفة، هي الوسيلة الوحيدة لمشاركة الأمة مشاركة أصيلة في بناء الحضارة الإنسانية، وهي وحدها الوسيلة للإبداع والنمو والازدهار، والخروج من عالم التقليد الأعمى والتضخم المعرفي الذي لا حياة فيه، وفي حال ألقى نظرة تاريخية على دور اللغة العربية الفصيحة "السليمة"، نجد أن دورها كان محوريا في نشر رسالة الإسلام.
ويرى خليفة أن الإعلام اكتسب أهمية كبرى في العصر الحديث في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وفي أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين حدثت ثورة تقنية هائلة في وسائل الاتصال، وأصبح السلطة الرابعة وأخطر السلطات في التحكم بالرأي العام بين الشعوب، وبجميع مؤسسات المجتمع المدني وتوجيهها وفق السياسات المرسومة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وعقائديا، ويتم ذلك كله في خضم السياسات الدولية المتصارعة على السلطة والتحكم في مصائر الشعوب ونهب ثرواتها.
ويؤكد خليفة أن العربية السليمة "الفصيحة" لغة الأمة العربية الجامعة والموحدة، لغة العروبة والإسلام أصبحت تتعرض إلى هجوم شرس من الداخل ومن الخارج وذلك بمحاولة إقصائها عن مكانها الطبيعي في التعليم بعامة، ولاسيما في الجامعات، وفي جميع مجالات العلوم والفنون والتقنيات الحديثة، وفي جميع مستويات المعرفة، وفي الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة، وإحلال اللغات الأجنبية، والإنجليزية بصورة خاصة، محل العربية السليمة، ومن جهة أخرى أقصيت العربية الفصيحة "السليمة"، عن الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، وحل محلها عاميات، وفي أحسن الحالات لغة عربية تشوبها الأخطاء وعدم الاهتمام.
ويشير خليفة إلى أن اللجنة الوطنية الأردنية قامت باستعراض أوضاع اللغة العربية السليمة في مختلف المؤسسات التربوية والعلمية والجامعية، وكذلك في المؤسسات الإعلامية والثقافية والاقتصادية، وفي جميع مناحي الحياة الاجتماعية في الأردن. وأخذت في حسابها أن قضايا اللغة العربية السليمة في العصر الحديث، تتشابه، بل وتتماثل في جميع الأقطار العربية، وربما يكون الاختلاف في المستويات والنتائج، حيث نجد أن العربية في بعض هذه الدول قد اختفت أو كادت في المؤسسات العامة والخاصة! بل وفي الأسواق والمحال التجارية الحديثة.
ويقول خليفة إن دراسات اللجنة الوطنية انتهت إلى تبني وضع دراسات لغوية علمية ميدانية لهذا الواقع واستشراف الأمل المنشود لمستقبل زاهر في إطار الوحدة والحرية والمساواة، وهو ما تناضل من أجله أمتنا العربية في الوقت الحاضرة، ومن ضمن المشاريع التي طرحت هو "مشروع وضع دراسة علمية لغوية ميدانية لحال اللغة العربية السليمة (الفصيحة) وفي وسائل الإعلام"، تقوم برد الأخطاء اللغوية في الإعلام المسموع في الإذاعة، والمرئي والمسموع في الفضائيات، والإعلام المقروء في الصحف اليومية والأسبوعية والإلكترونية والمدونات والإعلانات التجارية والاجتماعية والخلوية، والأسماء التجارية، وكذلك في المسارح والأفلام والمسلسلات الأردنية.
وحرصت الدراسة العلمية الميدانية القيمة، إلى جانب رصد الأخطاء اللغوية وتصحيحها، على ملاحظة العوامل المؤثرة في حدوث هذه الأخطاء، واستطاعت أن تحصرها بالترجمة والعامية والعولمة وقوانين التطور في الإعلام، واشتملت على تبيان العلاقة بين اللغة والإعلام، وعرض واقع اللغة العربية السليمة "الفصيحة".