اللقاحات تستطيع أن تفعل هذا القدْر.. والباقي متروك للناس

مواطن أميركي يتلقى حقنة من لقاح "فايزر في موقع تلقيح في جامعة جاكسون – (المصدر)
مواطن أميركي يتلقى حقنة من لقاح "فايزر في موقع تلقيح في جامعة جاكسون – (المصدر)

مجلس التحرير - (الواشنطن بوست) 28/8/2021

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

اضافة اعلان

كان الحلم بأن اللقاحات ستقضي على الوباء على الفور غير واقعي. وربما يكون إعطاء جرعات تعزيزية ضرورياً. وكانت مشكلة فقدان اللقاحات قوتها -والحاجة إلى تلقي جرعة ثانية أو أكثر- شائعة مع أمراض أخرى، بما في ذلك السعال الديكي والحصبة. ولحسن الحظ، تشير الأبحاث إلى أن معززات اللقاح يمكن أن ترفع بشكل كبير نسبة الأجسام المضادة ضد فيروس كورونا.

  • * *
    "مفاجأة"! يبدو أن هذه هي الكلمة البغيضة الساخرة التي يداوم على ترديدها الوباء. قيل لنا إن أقنعة الوجه ليست ضرورية. مفاجأة، إنها مهمة. سوف ينتهي الوباء بمناعة القطيع التي يوفرها اللقاح -مفاجأة، لم يحصل عدد كافٍ من الناس على اللقاح. الإصابات بالوباء تتراجع كثيرًا -مفاجأة، متغير "دلتا" يدفعها إلى أعلى مرة أخرى. كان يُعتقد أن اللقاحات، التي وُصفت بأنها فعالة بنسبة تصل إلى 95 في المائة، هي تذكرتنا للخروج من الوباء. والآن، مفاجأة، ليس بالضبط.
    كانت الآمال عالية بالتأكيد في أن تذهب بنا اللقاحات إلى "صيف مليء بالبهجة والحرية"، كما قال البيت الأبيض، وأن اللقاحات ستُعطى للناس مرة واحدة وينتهي الأمر -أو ربما مرتين. ولكن، كما كتبت هيلين برانسويل في موقع "ستات" STAT، فإن "توقعاتنا المحلِّقة بشأن لقاحات "كوفيد-29" هي الآن في طور التراجع والهبوط إلى الأرض". وبدلاً من أن نشعر بخيبة أمل من هذا التطور الأخير الخاص باللقاح، يجب أن نكون واقعيين، بينما نطالب الناس أيضًا باستخدام كل أداة أخرى متوفرة لدينا ضد الفيروس. كان البحث والتطوير وإنتاج لقاحات ضد "كوفيد" في هذا الوقت أعجوبة طبية ولوجستية. لم يحدث من قبل أن أتت مثل هذه اللقاحات القوية للإغاثة بهذه السرعة، وبعضها يستخدم لبنات بناء جينية مبتكرة. وقد أنقذت بالفعل عددًا لا يحصى من الأرواح.
    تستمر الدراسات في إظهار أن فعالية اللقاحات تتضاءل ضد العدوى مع مرور الوقت. وقد نُشر أحدث تقرير صادر عن "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" في 24 آب (أغسطس)، مستنداً إلى بيانات من 4.217 عامل رعاية صحية في الخطوط الأمامية يعملون في ثمانية مواقع في ست ولايات، ويغطي الفترة من بداية التطعيم في كانون الأول (ديسمبر) وحتى 14 آب (أغسطس). ووجدت الدراسة أن اللقاحات كانت فعالة بنسبة 91 في المائة في الأشهر التي سبقت متغير "دلتا"، لكن فعاليتها انخفضت إلى 66 في المائة فقط في فترة هيمنة "دلتا" هذا الصيف. وبشكل منفصل، أظهرت البيانات التي تم جمعها بواسطة تطبيق للهواتف من أكثر من مليون مستخدم في بريطانيا أن فعالية حقنة "فايزر" قد انخفضت من 88 في المائة إلى 74 في المائة بعد خمسة إلى ستة أشهر من تلقيها، بينما انخفضت فعالية لقاح "أسترا-زينيكا" من 77 في المائة إلى 67 في المائة بعد أربعة إلى خمسة أشهر. وما تزال الأسباب في منطقة التخمين، وتشمل الاحتمالات ظهور متغير "دلتا" شديد القابلية للانتقال، إضافة إلى مكائد جهاز المناعة البشري. لكن الخبر السار، الذي من المهم للغاية أن نتذكره، هو أن الوقاية التي تأتي من اللقاح تصمد أمام الإصابة الشديدة بالمرض، والحاجة إلى دخول المستشفى، والوفاة. وكان هذا هو الهدف الرئيسي من اللقاحات وما يزال يشكل انتصاراً لها.
    كان الحلم بأن اللقاحات ستقضي على الوباء على الفور غير واقعي. وربما يكون إعطاء جرعات تعزيزية ضرورياً. وكانت مشكلة فقدان اللقاحات قوتها -والحاجة إلى تلقي جرعة ثانية أو أكثر- شائعة مع أمراض أخرى، بما في ذلك السعال الديكي والحصبة. ولحسن الحظ، تشير الأبحاث إلى أن معززات اللقاح يمكن أن ترفع بشكل كبير الأجسام نسبة المضادة ضد فيروس كورونا.
    والخطأ هنا ليس في اللقاحات. إنه يقع مباشرة على كاهل أولئك الذين يرفضون التطعيم، وجميع أولئك -بمن فيهم بعض القادة السياسيين المتهورين- الذين يرفضون تبني أدوات مكافحة المرض الأخرى المهمة: ارتداء أقنعة الوجه، وتحسين التهوية، والنظافة الجيدة، والمسافة الجسدية والاختبارات. وفي الحقيقة، تستطيع للقاحات أن تفعل هذا القدر فقط، لأنه لا يوجد شيء مثل لقاح ضد العناد البشري.

*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: Vaccines can only do so much. The rest is up to people.