اللهم لا حسد!

   يمر رئيس الوزراء في وضع لا يحسد عليه، إذ نال الثقة بعد أن قدّم تعهدين لمجلس النواب، الأول بأن يقوم بتعديل وزاري يدخل فيه النواب مباشرةً بعد الثقة، والثاني هو عدم رفع أسعار الكهرباء إلاّ بعد مناقشة ذلك مع النواب واستنفاد البدائل، وهما التعهدان اللذان يمثّلان اليوم قيداً شديداً عليه!اضافة اعلان
التعهد الأول انتهى عملياً، بعد لقاء الملك الأخير مع النواب، ويبدو الاستعاضة عن ذلك بتعديل حكومي سريع، يدخل فيه وزراء ليحملوا أعباء المرحلة المقبلة مع الحكومة ليس بالأمر السهل أيضاً!
النواب يطالبون بأن يتم التعديل على قاعدة المشاورات مع الكتل النيابية أيضاً، ما يعود بالرئيس إلى المأزق نفسه، عبر استرضاء الكتل والنواب، مع الخشية من الفشل في التوافق مع النواب على الأسماء، في ظل الحالة المتشظية الراهنة، ما قد يعزّزها ويضعف الكتل الهلامية والضعيفة أصلاً!
وفي حال فكّر الرئيس بإجراء التعديل من دون مشاورة الكتل النيابية، لتقوية حكومته التي تعاني من النقص الشديد في عدد الوزراء، فإنّ ذلك سيعزّز من المناخ السلبي (ضد الرئيس) في المجلس، ويعزّز من جبهة "خصوم الحكومة"، التي تتوق للانقضاض عليه، بعدما سُحبت مذكرة إعادة طرح الثقة، على خلفية المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي، إلاّ أنّ هذه الجبهة لن تهدأ، وهي تنتظر الفرصة المواتية، سواء التعديل أو البدء بطرح سيناريوهات الحكومة لقرار رفع أسعار المحروقات!
 البديل هو تأجيل التعديل إلى ما بعد رفع أسعار الكهرباء والانتهاء من الموازنة العامة، حتى يتمكن الرئيس من دراسة خياراته، بعد أن يكون "مطبخ القرار" عاين تداعيات هذا القرار بين الرئيس والمجلس أولاً وردود فعل الشارع ثانياً، في ظل القلق من حالة شبيهة بما حدث بعد رفع أسعار المحروقات نهاية العام الماضي!
 إلى الآن لم يبادر الرئيس إلى التشاور مع الكتل النيابية حول التعديل الوزاري المقترح، إلاّ أنّه صرّح لصحيفة القدس العربي (يوم الخميس الفائت) بنيته لإجراء التعديل (بعد مشاورة الكتل النيابية)، وليس واضحاً بعد فيما إذا كان هنالك ضوء أخضر لمثل هذا التعديل أم أنّ "مطبخ القرار" يفضّل التريّث إلى ما بعد رفع أسعار الكهرباء، بخاصة أنّه من المفترض أن ينجز الفريق الاقتصادي بالحكومة سيناريوهات التعرفة الجديدة والتعامل مع الشرائح المختلفة من المستهلكين والمواطنين، ليعرضها على اللجنة المالية في مجلس النواب، وتخوض معها الحكومة نقاشات مضنية، بخاصة أنّ الرئيس تعهّد بذلك أمام المجلس.
 هذا وذاك يطرح تساؤلات عن موقف "مطبخ القرار" من التعديل حالياً، مع عدم وجود إشارات واضحة على "الضوء الأخضر"، وفي ظل حديث النخب السياسية أنّ ثمة "حبلاً انقطع" بين الرئيس ومؤسسات الدولة على خلفية وعوده بتوزير النواب، إلاّ أنّ خيار تغيير الحكومة غير وارد ولا مطروح في اللحظة الراهنة الدقيقة، ما يعني أنّ سيناريو تأجيل التعديل إلى "ما بعد الرفع"، ثم "لكل حادث حديث" هو سيناريو وارد، لكنه يحمل رسائل غير مطمئنة للرئيس!
مؤشرات الفشل تلوح بصورة أكبر من رغبة النجاح في اجتياز المنعطفات القادمة الوشيكة، وقلق الرئيس أكبر بكثير من أن ينهي حياته السياسية (وهو في العقد السابع) بالفشل!

[email protected]