الله لا يردهم!

هكذا بالحرف الواحد عبر أكثر من معلق على خبر توجه بعض الشباب والأهالي، إلى حدود الكرامة، لإحياء ذكرى النكبة، بطريقة مختلفة!
"اتركوهم الله لا يردهم، درب اللي تودي .."! تعليقات بعض القراء معاتبين قوات الدرك، لمحاولات منع الشباب للوصول إلى الحدود الأردنية الإسرائيلية. هؤلاء المعلقون المعروفون بالاسم لمن يتابع المواقع الإلكترونية، هم ذاتهم الذين كانوا يسنون أسلحتهم اللاذعة، ويشتمون بأبشع الألفاظ من يتحدث عن فكرة التوطين، مدعين أنهم خط الدفاع الأول عن حق العودة لأخوتهم الفلسطينيين!.اضافة اعلان
كنا نقرأ بكل أسف مداخلاتهم القاسية، والتي لا تفرق بين الحق والواجب والمفترض والمفروض. كنا نتابع بألم شديد كيف تجيّر الأخبار والوقائع إلى أحاسيس فضفاضة، تطلقها نفوس مريضة مكبة طوال نهارها وليلها فوق أجهزة الحاسوب، لترمي بخيوط الفتنة والفرقة، عبر أدوات أقل ما توصف بها أنها غبية!
الله لا يردهم؟ من؟ أهلكم وأخوانكم من شتى منابتهم وأفكارهم وحاراتهم، الذين لبوا دعوة رمزية لا تشكل فارقا عميقا، في الموازين الإقليمية والسياسية والفكرية، بقدر ما تبعث برسالة تحد إلى لصوص الجغرافيا والتاريخ، أن روحا نضالية شابة بدأت تشق طريقها الصعب، في أراض عانت لثلاثة وستين عاما من زحف صحرواي طال الإيمان والعزيمة والأمل؟!
من بين ما قرأت في أحد المواقع، تعليق لم يتجاوز حدود اللياقة والأدب فحسب، بل جاوزه إلى منطقة صفراء لا أفهم كنه منطلقاتها إلا من زاوية الغضب الشديد، والكره الأشد. إحداهن كتبت دعوة صريحة لفتح الحدود لهؤلاء "الوقحين"، حتى يكونوا وجها لوجه أمام فوهات بنادق الاحتلال الإسرائيلي، ليسقطوا برصاصهم الحي، كما حصل مع أخوة لهم، ومن جنسيات عربية مختلفة، في مارون الراس ومجدل شمس وبيت حانون. بل إنها دعت السلطات الأردنية إلى عدم قبول عودة أي منهم إلى الأردن، إن هو نجا بالصدفة من الموت!
لن أضيف شيئا بعد هذا، خشية قراءة الأمور بالمقلوب، كما هي عادة بعض المتابعين المتصيدين لما بين السطور. ولكنني أطلب شفاعة أي عاقل يفسر هذا الهجوم الجاهل على تحركات ذات طابع وطني وقومي، ترفض فكرة الوطن البديل قولا وفعلا، وتصر على حق العودة قولا وفعلا، كما الدولة التي احتضنت القضية الفلسطينية ولاجئيها لعقود طويلة.
هكذا تعلمنا الدرس القديم، وهكذا كبرنا بين بعضنا بعضا، نتأتئ مفردات عبد الرحيم محمود، أمام معلمات الصوف الابتدائية
بقلبي سأرمي وجوه العداة ... فقلبي حديد وناري لظى
وأحمي حياضي بحد الحسام ... فيعلم قومي بأني الفتى
وأخيرا، أتمنى على كل من يجلس أمام حاسوبه، أن يراعي الله وضميره وذاكرته النظيفة، في كل حرف يطبعه أو ينشره، من دون قصد ربما، اللهم إثارة الاهتمام. لأن قيام هؤلاء الفتية، بعد طول عمر اليأس والكسل والاستسلام للأمر الواقع، لا يستحق منا، إلا شرف النطق بكلمة حق تشد على أياديهم، وإلا فلنصمت بشرف أيضا!