اللوز.. يلملم خضرته معلنا الرحيل

ثمار اللوز الأخضر يعرضها الباعة بطريقة جميلة أمام الزبائن في مناطق مختلفة من عمان-(الغد)
ثمار اللوز الأخضر يعرضها الباعة بطريقة جميلة أمام الزبائن في مناطق مختلفة من عمان-(الغد)

تغريد السعايدة

عمان- ها هو موسم اللوز الأخضر يستقبل عشاقه بعد أن زين بخضرته البهية وشكله الشهي عربات بائعيه في الأسواق وفي شوارع مختلفة من مدن وقرى المملكة، وعلى “البسطات” أيضا وفي محلات الخضار والفواكه.اضافة اعلان
ويبقى موسم اللوز القصير، فهو لا يتجاوز الأربعين يوماً، حاضراً في الأسواق لفترة من الوقت ليحاكي قصة المواسم مرة أخرى، فهو يفرض حالة خاصة جراء طعمه لدى محبيه، ومع منتصف الشهر المقبل يلملم ما تبقى من طراوته ليصبح ثمرة قاسية، ليستفاد بعد ذلك من بذوره كنوع من “المكسرات”.
وللوز هذه الثمرة التي تتخذ من الأخضر ملبسا لها، مسميات مختلفة لدى أبناء المجتمع الأردني، بحسب نوعه وصنفه ومنطقة زراعته أحياناً، إلا أن مجمل المسميات لها الحضور ذاته والقيمة الغذائية نفسها.
وللوز قصة جمالية منذ أن تتفتح أزهاره، فزهرته ذات اللون اللؤلؤي الزاهي، لها جمالها الخاص الذي يشد الناظرين، فما إن يتنفس فصل الربيع حتى تتفتح زهوره وتتزين الشوارع وساحات البيوت وتتساقط مع هبات الهواء العليل، ومن ثم يبدأ العد التنازلي، كي تتحول تلك الزهرة إلى ثمرة جميلة المنظر وشهية الطعم، التي تكتمل خضرتها وتصبح جاهزة لتقدم لعشاقها.
بائع اللوز الستيني أبو ياسر المناصير ومنذ ساعات الصباح يتوجه إلى الشارع الرئيسي في منطقة وادي السير بعد أن يكون قد قام بتجميع حبات اللوز من شجراته الأربع المزروعة في حديقة منزله، في رحلة قطف صباحية تشاركه فيها بناته.
ويجلس أبو ياسر بمحاذاة الشارع الرئيسي وقد وضع جل ما جمعه من حبات اللوز أمامه، عارضا إياها بأسعار تختلف باختلاف النوع؛ إذ يبيع سعر الكيلو ما بين الدينارين والثلاثة دنانير.
أبو ياسر الذي يبدي أسفه على اقتراب رحيل موسم اللوز وهو في الأيام الأولى من الشهر المقبل، يؤكد أن القساوة بعد ذلك هي التي ستحل على هذه الثمرة، مما يؤدي إلى عزوف الناس عن شرائها.
ويعمد المزارعون بعد ذلك، وفق أبو ياسر، إلى عدم قطفه حتى تكتسب القشرة القساوة كاملة حتى تصبح وكأنها جزء من لوح خشبي، وتبقى بداخله البذرة، ليتم موسم القطاف الأخير لهذه الثمرة؛ إذ تصبح نوعاً من المكسرات وتبدأ رحلة الباحثين عنها محمصة.
وللوز أنواع تختلف أسعارها من نوع لآخر، كما يقول أبو ياسر، وأبرزها نوع “العوجه” الذي يتميز بحجمه الكبير وطعمه اللذيذ، منوها إلى أن إقبال الناس على شراء ثمار اللوز يكون أكبر عندما تنخفض أسعاره نوعاً ما.
وفي زاوية أخرى، يفترش الحاج عبد الله محمد الأرض وأمامه مجموعة من عبوات “البولسترين” المعبأة بثمار اللوز بأنواع عدة، فهو يذهب لشرائها من السوق المركزي من مزارعي اللوز، ويبيعها للزبائن وبأسعار “مناسبة”.
عصام الزور أحد محبي اللوز، يؤكد أن بعض المحلات تبيع الكيلوغرام من اللوز بسعر 12 دينارا، وبخاصة في أول الموسم مع بداية شهر آذار (مارس) من كل عام، وهذا ما يدفعه للتريث قليلاً قبل شراء كميات من اللوز لعائلته.
وقال الزور إنه كغيره من الزبائن الذين ينتظرون موسم اللوز والكرز الحامض والحمص الأخضر “الحاملة” الذي ينتشر في هذا الوقت من كل عام، إلا أن أسعاره المرتفعة في بداية الموسم، قد تحرم الكثيرين من شرائه، إلا أن الكثير من العائلات لديها أشجار اللوز التي قد تقطف منها مباشرة، مما يجعل الفرد يشعر حقيقة بطعم الربيع القادم مع حبات هذه الثمار.
وفي “بكب” عرض كل بضاعته بمحاذاة شارع رئيسي وحيوي، تنوعت الألوان والنكهات للثمار المعروضة، كان من أبرزها اللوز الأخضر والحمص الأخضر والفراولة الحمراء فاقعة اللون، يقف البائع أبو ياسين الذي يؤكد أنه ينتظر هذا الموسم منذ فترة.
ويحبذ أبو ياسين هذه الفترة التي يبيع فيها اللوز الأخضر لزبائنه الذين اعتادوا الشراء منه منذ سنوات عدة، كونه يحضر إلى هذه المنطقة في هذا الوقت من كل عام.
وتختلف الأسعار لدى أبو ياسين، كونه يشتريها من السوق المركزي، بالإضافة إلى أنه يبيعها في سيارته الخاصة المتنقلة، ويأتي إلى مناطق معينة من العاصمة عمان، معللا ذلك بقوله “كون الزبائن يشترون منه بدون “مفاصلة” بالإضافة إلى أن السعر قد يختلف باختلاف المنطقة”.
ولا يعرض أبو ياسين اللوز فقط، فهو يعرض لزبائنه العكوب والأرضي شوكي، التي يبتاعها من بعض الأشخاص الذين يقومون بقطف هذه الأصناف من مناطق معينة وغالبيتهم من أبناء القرى، لذلك يأتي إلى هذه المنطقة في هذا الوقت، كون الزبائن ينتظرونه.
الطفل سائد يحمل عبوات صغيرة من اللوز وفي أحد شوارع عمان؛ إذ يتنقل من سيارة لأخرى يعرض عليهم شراء سلعته.
سائد بين أنه في هذه الفترة من كل عام يساعد والده في بيع اللوز، أو العكوب خلال هذه الفترة من كل عام؛ إذ يعد هذا الموسم “موسم رزق للعائلة”، لذلك يحاول أن يوفق بين دراسته ومساعدة والده، لزيادة دخل الأسرة.
وفي بعض الأحيان، يضع سائد اللوز في أكياس ورقية صغيرة، ويبيعها على بوابات المدارس أو الجامعات وأماكن وجود الزبائن في الأسواق، ويعرضها بأسعار مناسبة لتشجيع الطلبة على الشراء.
وبحسب دراسات خاصة تناولت تحليل ثمار اللوز وفوائده، فقد بينت أن أبرز الفوائد التي يمكن أن يستفيد منها الإنسان صحياً هي مكافحة السمنة، كونه يعطي شعوراً بالشبع؛ إذ يحتوي على كمية كبيرة من السوائل في بذوره، ونسبة من الألياف، وله فائدة كبيرة فيما يتعلق بصحة القلب، فقد بينت الدراسات أن اللوز الأخضر يسهم في تخفيض مستوى الكولسترول.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اللوز يحتوي على كمية كبيرة من الفيتامينات والكالسيوم والبروتين والمعادن على اختلافها، ويُنصح فيه الأطباء لمرضى السكري؛ إذ يحتوي على كمية معتدلة من النشويات، وتناوله يسهم في تنظيم مستوى السكر في الدم.