المئوية الأولى ،،،

مائةٌ في عُمر الدول هو عمر فتي، وإن كان لك أن تأخذ حقيقة من المائة الأولى في عمر الأردن تقول: جذر الأردن صلب، فالأردن عند التأسيس والتشكيل والبناء واجه تحديات وجودية استهدفته نظاماً وشعباً، وخرجَ الأردن من تلك التحديات واقفاً صلباً كدولة ونظام وشعب.اضافة اعلان
الدستور الأردني كان أساساً حضارياً مهماً في حياة الأردن، وقد رسمَ ملامح الدولة التي أرادها الشعب، حيث خط الدستور شكل الدولة والنظام، وموقع الشعبِ من صنع القرار باعتباره مصدر السلطات، وفي هذا الصدد فإن الدستور يعتبر هادياً أساسياً في فهم مستقبل الدولة، ويعتبر الحفاظ عليه شكلاً ومضموناً ضمانة أساسية لمئويات قادمة من عمر الدولة. الدستور الأردني في شكله ومضمونه يقوم على ركيزة اساسية ومفهوم عصري للمجتمعات الإنسانية ألا وهي المواطنة، بكل ما تستوجبه «المواطنة» من موجبات المساواة أمام القانون، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، وضمان الطمأنينة للشعب، وعبارة «ضمان الطمأنينة للشعب» ليست خاطرةً ولا نثراً مرسلاً، إنها نص في الدستور حيث يقرأ : «.. تكفل الدولة .. الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين»..
الدستور يمثل ضمير الشعب وهويته ومستقبله، وهو ضمانة للشعب وللنظام وللجميع في العيش بحرية وكرامة وإنسانية، وهو جوابٌ واضحٌ صريحٌ على أسئلة الهوية والتنوع وشكل المجتمع لمئويات قادمة. من هذا المنطق أعتقد أن أفضل وأوضح رؤية للمئوية الثانية من عمر الأردن المديد، يجب أن يكون في إعلان خطةٍ وطنيةٍ عامةٍ لتحقيق مفهوم المواطنة، وتطبيق وتنفيذ موجباتها الدستورية تطبيقاً كاملاً على الأرض في جميع المجالات، وعلى المستويات الرسمية والمؤسسية والشعبية كافة، والسعي ضمن رؤية وطنية لوضع هذا الهدف العظيم في خطط تفصيلية اجتماعية وتعليمية واقتصادية وثقافية، واعتبار تلك الخطط برامج وطنية عابرة للحكومات، حيث تقوم الحكومات المتعاقبة على تنفيذها باعتبارها برنامجاً وطنياً متفقا عليه للحكومات المتعاقبة، تلك الحكومات التي يجب أن تكون في أمد قريب جداً، حكومات برلمانية مشكلةٍ من أحزاب أغلبية في البرلمان، أردنية البرامج، يراقبها حكومات أقلية تشكل معارضة وطنية .
المواطنة هدف مئويتنا الثانية، وهي عنوان استمرار الدولة وبقائها، والمواطنة هي الحل الدستوري لكل مشاكلنا، كما أنها الطريق الواضح الصريح لدولتنا المعاصرة القوية في جبهتها الداخلية والخارجية.
على أعتاب المئوية الأولى أعلنت وزارة الثقافة برنامجاً رسمياً لإحياء ذكرى المئوية الأولى، وهو برنامج عميق يليق بالمناسبة، وأنا أدعو لبرنامج شعبي مواز لإحياء ذكرى المناسبة، قوامه طرح سؤال مباشر على جميع الفعاليات الشعبية، على السياسيين والفنانين والطلاب والمبدعين ورجال الاعمال والسؤال هو: - في طريق تحقيق المواطنة كما نص عليها الدستور- كيف ترى الأردن في المئوية القادمة؟ ومن وحي اجابات الفعاليات الشعبية تشكل نشاطات الدولة والمجتمع المدني والفعاليات الشعبية كافة لتحقيق المواطنة ممارسة فعلية على الأرض وفي جميع المجالات.
التخطيط شيءٌ والرؤية شيءٌ آخر، والدستور الأردني فيه الرؤية للدولة والسردية الوطنية لمستقبلها، علينا أن نترجم هذه السردية في مناحي الحياة جميعها في أفياء هدفٍ بسيطٍ عظيمٍ وواضحٍ، وهو تحقيق المواطنة، وتنفيذ الدستور على الأرض، بهذا نحيي ذكرى المئوية الأولى بزرع بذرة البقاء والكرامة والابتكار والرفاه لمئويات قادمة، وللحديث بقية جنابكم ؟!!