المتشبث نتنياهو!

بأقل من عام، تتجه إسرائيل لانتخابات ثالثة غير مسبوقة بالربع الأول من العام المقبل، وذلك بسبب فشل أي من الأحزاب الكبرى في تشكيل حكومة ائتلاف؛ حيث لم يستطع زعيم حزب أزرق أبيض أو زعيم حزب الليكود من الحصول على الأغلبية البرلمانية التي تسمح بتشكيل حكومة في ضوء رفض حزب إسرائيل بيتنا التصويت لحكومة مدعومة من القائمة العربية الموحدة ورفض الأخيرة الانضمام أو دعم أي ائتلاف يضم حزبا يقوده نتنياهو. الحالة الوحيدة التي كانت تسمح بتشكيل حكومة ائتلاف تستغني عن حزبي إسرائيل بيتنا والقائمة العربية إذا ما تغيرت قيادة الليكود باستقالة نتنياهو أو موافقة نتنياهو أن يترأس الليكود الحكومة الإسرائيلية في السنتين التاليتين بعد رئاسة غانتس رئيس حزب أزرق أبيض الحكومة في السنتين الأولى والثانية. هذا لم يحدث لسبب واضح ورئيسي وهو تشبث نتنياهو بموقعه كرئيس لحزب الليكود وعدم موافقته أن يكون رئيس الوزراء اللاحق بعد غانتس. نتنياهو كشخص أصبح سبب الاستعصاء السياسي في إسرائيل بات يوصف بكلمات مهينة في الصحافة الإسرائيلية والعالمية على أنه كالطفل المتشبث بشيء ولا يريد تركه مهما بلغ الثمن ومهما كانت التداعيات.اضافة اعلان
أي ديمقراطية حقيقية تحترم نفسها، لديها حياة حزبية فاعلة وذات مصداقية، كانت ستلفظ نتنياهو بعيداً. لا يعقل أن يكون هو شخصياً أو غيره سبباً بتعطيل المصالح وتشكيل الحكومات. كان المتوقع أن يستقيل نتنياهو بعد التهم الخطيرة التي وجهت إليه من قبل الادعاء العام ولكنه تشبث أيضاً وشكك بمصداقية النظام القانوني والقضائي ببلده. ما يحدث رسالة قوية ومحرجة لكل من يفتخر ويباهي بالديمقراطية الإسرائيلية التي باتت حبيسة لشخص بعينه تعجز ماكينة القرار وآليات العمل السياسي الإسرائيلي عن التغلب عليه.
مهم جداً استمرار الحديث المباشر وغير المباشر عن كذب نتنياهو في أنه طور العلاقات مع الجوار الإقليمي على نحو غير مسبوق، وأنه استطاع أن يحيّد القضية الفلسطينية كحاجز يقف بوجه تطور العلاقات مع العرب والمسلمين. هذا غير صحيح وكذب. من السذاجة الاعتقاد أن أي دولة ستقفز عن القضية والسلام مع الفلسطينيين لتسير بعلاقاتها مع إسرائيل بمنأى عن ذلك. نتنياهو يتبجح بذلك ويوظفه انتخابياً ويجب إيقافه وتعريته. ما يجب أن يسمعه الرأي العام الإسرائيلي أن حجم الضرر الذي ألحقه نتنياهو ببلده غير مسبوق. يلاحظ ذلك بتنامي المواقف السلبية الرسمية وغير الرسمية من إسرائيل، وانتشار خطاب الكراهية وزيادة منسوب رفض إسرائيل بالإقليم. هذا بسبب نتنياهو وغروره واهتمامه بمصلحته السياسية الذاتية وليس مصلحة إسرائيل. حتى حليفه اللدود ترامب أدرك ذلك فتراجع منسوب الدعم العلني المعلن لنتنياهو. ناهيك عن الموقف اللافت جداً للحزب الديمقراطي الأمريكي الذي أصبح يتعامل مع نتنياهو ومواقف حكومته أنها سياسات مدعومة من الحزب الجمهوري فقط.