المتظاهرون في بلفور يمحون الفلسطينيين

الشرطة تعتقل متظاهرا خلال مظاهرة مناهضة للحكومة ورئيسها  بنيامين نتنياهو أمام مقر إقامة رئيس الوزراء في القدس المحتلة - (ا ف ب)
الشرطة تعتقل متظاهرا خلال مظاهرة مناهضة للحكومة ورئيسها بنيامين نتنياهو أمام مقر إقامة رئيس الوزراء في القدس المحتلة - (ا ف ب)
هآرتس بقلم: يونتان بولك 4/9/2020 في الأشهر الأخيرة ومثلما في الاحتجاج الاجتماعي في 2011، يجري نقاش إسرائيلي داخلي ينجح في الخروج إلى الشوارع. ومثلما كانت الحال في حينه، فان اليسار الإسرائيلي مرة اخرى يهمل الفلسطينيين ويشارك في اخفائهم. الشعب مرة اخرى يطالب بعدالة من أنواع مختلفة، وبقايا اليسار في أوساط الشعب، ابناء المجموعة المسيطرة على الواقع الكولونيالي – يتم اغراؤهم باللجوء الى الحضن الدافئ للشعبوية اليسارية، متناسين أنه هنا ليس جنوب أميركا وحتى ليس الولايات المتحدة ما بعد قتل جورج فلويد. عندما يطالب الشعب في إسرائيل بأمور فان الشعب هو الشعب اليهودي. لا يوجد ولا يمكن أن يوجد في إسرائيل شعبوية يسارية هي في جوهرها مناوئة للكولونيالية. ومثلما كانت الحال في حينه، فانه قبل عقد، رجال اليسار اعترفوا بأن الرائحة الكريهة التي كانت تنتشر بين الاعلام القومية والتفوق اليهودي، التي كانت ترفع في المظاهرات، هي مقرفة. ولكن الكثيرين يقولون "سنتنفس لاحقا". حتى في ذلك الوقت أعمت رؤى التغيير التكتوني وضعف الشرارة الخيالية للحظة ثورية لا ينبغي تفويتها، اجزاء من اليسار الأكثر راديكالية. وبنظرة إلى الوراء، كانت حركة الاحتجاج في 2011 لحظة مهمة، وإن كانت واحدة من العديد، في المحو المستمر للفلسطينيين من الخطاب الإسرائيلي، بما في ذلك خطاب الاحتجاج الإسرائيلي، وايضا خطاب جزء من اليسار الراديكالي. من اجل توضيح مدى اختلاف المظاهرات الآن عن المظاهرة قبل عقد، فان نشطاء مخلصين (مخلصين حقا دون قطرة من السخرية) يشيرون الى الحضور المحترم لقتل اياد الحلاق في المظاهرات. ولكن بالتحديد هذه الواقعة هي مثال ممتاز على الاستقطاب الذي يحدث في المظاهرات، من الطرف إلى المركز – وليس العكس. في سياق مظاهرات بلفور وبيئتها السياسية، فان التطرق المستمر لاغتيال الحلاق يتم وضعه في سياق جريمة قتل نفذها أحد ضباط الشرطة، لديه نزعة عنصرية. تقريبا لن يذكر في أي يوم اسمه قبل أو بعد اسم سولومون تاكا أو شيريل حبورا أو يهودا بيادكا. كل هذه هي حالات تبعث رائحة قوية من العنصرية. ولكن بنفس الدرجة، ربطهم في رزمة واحدة هو استيلاء على السياق الفلسطيني من قبل السياق الاسرائيلي. اضافة الى ذلك، التعامل مع رجال شرطة حرس الحدود كرجال شرطة وليس كجنود، يخفي ايضا السياق الذي اغتيل فيه الحلاق. إن تأطير موت الحلاق كحالة اخرى من عنف الشرطة واختيار تركيز الاحتجاج على قتله بالمطالبة من قسم التحقيقات مع الشرطة بتقديم من اطلقوا النار للمحاكمة، يسمح بوجود الوهم بأن إسرائيل هي مكان طبيعي مثل كل الأماكن. هنا، مثلما في أميركا وبريطانيا، ايضا لدينا يوجد غضب من عنف رجال الشرطة. رغم أنني لست مؤيدا كبيرا لدول من أي نوع، فان إسرائيل لم تعد دولة مثل جميع الدول الاخرى التي تعاني من مشكلة شرطة عنصرية وعنيفة. الحلاق، المتوحد والعاجز والذي تم اطلاق النار على ظهره، هو بالتأكيد الضحية الكاملة، حتى في اجزاء من اليمين المتطرف يعتبرون هذه الحادثة مأساة. ولكن ما هو المعنى الحقيقي لتأطير اغتياله كعنف شرطي؟ واذا لم يكن مصاب بالتوحد؟ هل تصرف رجال حرس الحدود حسب الإجراءات واللوائح والقوانين التي تنظم قتل الفلسطينيين على أيدي قوات الجيش؟ وحتى لو بالإضافة إلى كل ذلك، حمل معه بالفعل سلاح في نضاله ضد النظام الكولونيالي الذي يفرضونه بقوة سلاحهم رجال حرس الحدود؟. إسرائيل ليست دولة عادية والنضال ضدها ليس نضالا على حقوق المواطن. ببساطة، الحلاق لم يكن مواطنا بل أحد الرعايا. في السياق الكولونيالي لا يوجد عمل شرطي أفضل أو أقل سوء. النظام هو في جوهره سلطة أجنبية والعمل الشرطي هو بالضرورة فرض عنيف لهذه السلطة. في نفس الوقت الذي تتباكى فيه المظاهرات، جزئيا، على انتهاء المعركة من اجل الديمقراطية، لا يوجد حكم ديمقراطي على الاطلاق في دولة اسرائيل. اسلوب النظام هنا يتراوح بين الابرتهايد والديمقراطية العسكرية، وذلك يتعلق بلون بطاقة الهوية وبند القومية فيها. هذا الوضع ليس جديدا. هكذا كانت إسرائيل في اساسها منذ اقامتها. وهكذا كانت طموحات الحركة الصهيونية حتى قبل ذلك. جذر القضية ليس 1961 والمستوطنات، بل منظمة هشومير ودافيد بن غوريون. ولكن قبل وقت قصير هدد الضم الرسمي لاجزاء في الضفة بأن يصبح نقطة تحول زائفة اخرى في قصة هذه الديمقراطية الوهمية. في عالم اليسار الصهيوني، دائما يكون هناك هدف متحرك – الذي دائما يكون امامنا – واذا تجاوزناه فعندها يكون علينا البدء في المقاومة. هذا في الحقيقة خط مزيف ويثير الاشمئزاز. ولكن للحظة واحدة، حيث كان الضم يقف على الاجندة، كان يبدو أن مجموعات أكبر وكأنها لم تكن تحلم بهذا الأمر في السابق، بدأت في الاعتراف بأنه في إسرائيل يسود الآن نظام ابرتهايد، بدون "اذا" أو "ربما". إن التفكير السحري بشأن تأثير بنيامين نتنياهو يسمح للإسرائيليين بالذهاب مع والشعور بدون – لمواصلة الانخراط في الشؤون الداخلية للمجتمع الإسرائيلي دون التخلي عن الروح الثورية الزائفة التي تبنوها. مع انتشار رؤية إسرائيل كدولة ابرتهايد في اوساط دوائر خافت من فعل ذلك في الماضي، تتسع ايضا المسؤولية للتصرف طبقا لذلك، وهذه المسؤولية تحمل في طياتها فعل. الادراك أنه في اسرائيل يعمل نظام ابرتهايد ممنوع أن يبقى نظريا فقط. وفي وضع كولونيالي، الجماعة التي تحارب من اجل حريتها هي تلك التي تشكل طبيعة النضال والحل. وظيفة اليهود ذوي المواطنة الإسرائيلية هي الانضمام للمقاومة الفلسطينية بقيادة الفلسطينيين والعمل ضد نظام الابرتهايد.اضافة اعلان