"المتنبي" يتحفظ على البيان الختامي!

 ...شوهد "المتنبي" في مطار الدوحة!

كان ينهي إجراءات استلام حصانه الذي وصل قبله في طائرة الشحن، وأثار فزع الموظفات الأنيقات في قسم الأمتعة!

اضافة اعلان

لم يحظ الشاعر باستقبال حافل، ذلك أن رجال التشريفات كانوا منهمكين في الركض بين يديّ القادة وأصحاب الفخامة والسمو، وانزوى الشاعر العربي غريبا في قاعة الفندق... يهز رأسه متعجّبا مما يرى!

تذمر خدم الـ "أوتيل" الفاخر من هذا البدوي الذي ينفض غبارا أينما جلس، ويتعثر بالسجّاد الباذخ كلّما مشى، وكانوا يزيحونه بأيديهم ليشقّوا طريقهم بعجل، وهم يعجبون من رجل يبدو وكأن عمره ألفا سنة يبحث عن اسطبل الفندق ليربط خيله!

رأى الرجل من شقّ الباب منصّة عالية الهيبة والشأن، يتصاعد من فوقها خطاب عربي اللهجة، شديد الحماسة،... ومن خلفها شعار الجامعة العربية يتوسّطه بيت من الشعر: "الخيل والليل والبيداء..الخ،الخ"!

فرك المسافر المنهك عينيه غير مصدّق: ما الذي جاء بشعري الى هذه القاعة؟ هل سيف الدولة أيضا هنا؟ وهل الاخشيدي يتمطّى الآن في احدى غرف الساونا؟!

تسلّل الشاعر ليجلس بين المدعوين، فانتهره رجل أنيق بطرف اصبعه الى خارج القاعة!

كان "أبو الطيب المتنبي" في "لوبي الفندق" غريب الوجه واليد والحصان، تضحك السائحات الشقراوات من عباءته المتربة، وسيفه المتدلّي في غير أوانه، ويبتسم النزلاء كلما رأوه يشرب من جرابه حليب النوق!

صعد "المتنبي" الى غرفته، استلقى في سريره الوثير، وتابع مجريات القمة على قناة "الجزيرة"!

لكن الشاعر العربي ورغم إحباطه من معاملة موظفي الفندق، كان يشعر بمتعة وغرور عارمين لهذا الاهتمام المفاجئ بشعره، ولوجوده هنا.. في حضرة كل هؤلاء القادة والزعماء!

وتمتم لنفسه برضا: أين "الحمداني" يراني الآن لأرى غيظه، وأستعيد حسده!

كان إحساس "المتنبي" الأسبوع الماضي، أن أمته استعادت أمجادها أخيرا، خصوصا وهو يرى مسلسل "المصالحات" و"طي صفحة الماضي" و"دفن الخلافات"، بل ان مداخلات رئيس وزراء بلاده، نوري المالكي، عن الأمن والأمان اللذين تحققا في بغداد والكوفة دفعته لشعورٍ عالٍ بالنشوة، فأخرج "الموبايل" الذي أهدته اياه احدى القارئات المعجبات في الطائرة، وأرسل للمالكي رسالة قصيرة: "من هو بان كي مون"؟!

وسط هذا الخيلاء، نزل الشاعر يتجول في مقر إقامته، مزهوا بهذه "البوسترات" والملصقات التي لا عدّ لها، تحمل شعره، وتعيد له شبابه، أيام كان معتداُ "بالسيف والرمح والقرطاس والقلم"، حتى إنه فكّر للحظات بإقامة حفل توقيع لديوانه الأخير!

في الأثناء...لمح "المتنبي" حشدا من الصحافيين في قاعة المؤتمرات الإعلامية، يستمعون للبيان الختامي، ويطرحون الأسئلة، الأسئلة التي انتبه أن اجابات بعضها ما تزال محلّ بحث ونقاش منذ سهرات سيف الدولة مع مستشاريه!

لكن سؤالا شدّ سمع الشاعر، حين وقف صحافي يسأل: ماذا عن بيت الشعر الذي يتوسط شعار الجامعة لأول مرة في هذه القمة؟ ما مغزاه؟!

ابتسم الوزير المهذب الجالس خلف الميكروفون وقال بصراحة: لا أعرف بالضبط، هذا شغل موظفي البروتوكول والمنظمين و...لا أعرف لماذا وضعوه (وأضاف مبتسما) بس أعرف انه للمتنبي طبعا!

مثل أي سارق، ضبط يسرق زمانا ليس له، تعثر "المتنبي" بقدميه تقودانه الى خارج القاعة، من دون أن يثير انتباه أحد، أو يكترث للون وجهه واحد من القائمين على حفظ هيبة العرب!!

قال "المتنبي" لموظف الاستعلامات وهو يغادر: "أرجو ترك هذا الحصان للسيد شافيز"!

وفي المطار شوهد يشتري كتاب ماغي فرح عن "الأبراج" من السوق الحرّة!!

[email protected]