"المحظوظ" يوجه الأنظار إليه و"سيئ الحظ" مهموم

منى أبو صبح

عمان- لا يتوانى الأربعيني أبو حكمت عن ترديد عبارة "حظي سيئ" تجاه أي إخفاق يواجهه في الحياة، سواء في العمل، أو عندما تصادفه أمور سيئة فيبدأ بلوم حظه والبخت، متناسيا في خضم اللوم والعتاب للحظ العيوب التي رافقت العمل أو الحدث.اضافة اعلان
تقول زوجته "يعول أبو حكمت دائما على الحظ، حتى قبيل قيامه بالأمر أو وصوله له، ففي إحدى المرات رفض عرض عقد عمل في الخارج كان من الممكن أن يحسن ظروفنا المعيشية، لكنه تسرع متذرعا بأنه "منحوس" ليس لديه حظ أبدا في هذه الدنيا منذ الطفولة".
وتضيف "قد يشعر الإنسان أحيانا بأنه سيئ الحظ، لكن أن نعلق الفشل في حياتنا على شماعة الحظ، فهذا برأيي ضعف وسوء تفكير، فإن تعثر الإنسان مرة وثانية وثالثة، سينجح وسيصل لمراده إذا استطاع فهم أخطائه".
ويستسلم العديد لفكرة "إني غير محظوظ" التي تهدم الطموح لدى الإنسان وتفقده الثقة بنفسه، فيفقد الثقة بنفسه ومن ثم بجميع من حوله، فالإنسان قد يواجه متاعب كثيرة وصعوبات في حياته اليومية، ولكن الاستسلام لها والتعويل على "سوء الحظ" سيزيد من صعوبتها أو تفاقم الوضع وتزايد آثاره نتيجة سيطرة الأفكار السلبية في ذهن الإنسان.
وينظر البعض على أشخاص بأنهم "محظوظون" في الحياة، فهناك من يولد لوالدين ميسوري الحال، واحد ناجح في عمله، وآخر يحرز أعلى المعدلات في المدرسة أو الجامعة، عائلة جميع أفرادها ناجحون، وغيرها من الأمور التي ينظر لها الآخرون ويجزمون بأن مرجعها "للحظ فقط".
ويرى الموظف ماجد مرتضى أن الشخص الذي يفشل بحياته هو إنسان عاجز عن العمل، يقضي يومه بالنوم والأكل والتذمر فقط، ولو عمل وأخلص في عمله لوجد من دون شك اختلافا كبيرا في حياته ولربما نسي كلمة الحظ أساسا.
ويضيف "بالنسبة لي لا أؤمن بالحظ سواء كان جيدا أم سيئا بل أؤمن بالإنسان الذي يضع نصب عينيه المستقبل المشرق ويسعى جادا في صنعه".
الطالبة الجامعية رانيا علاءالدين، تقول "أرى العديد من الأشخاص المحظوظين والناجحين في حياتهم، وأتساءل أحيانا.. هل هناك شخص محظوظ وآخر سيئ الحظ؟.. فأنا مثلا أرى أنني لست من الأشخاص المحظوظين في الحياة، ومع هذا لا يمكنني التشاؤم أو الشعور بالإحباط تجاه قلة الحظ هذه".
ويرى التربوي الدكتور محمد السعود، أن الجانب التربوي يلعب دورا كبيرا في تعامل الأشخاص مع مشاريع حياتهم بشكل عملي ومنطقي بعيدا عن الاستسلام للحظوظ والمصادفات، فالحياة على حد تعبيره ليست كما ينظر لها البعض سهلة ومريحة.
أما فيما يخص موضوع القدر، فيشير السعود إلى أن التفكير بالمسائل القدرية يجب أن يكون بعد الأخذ بالأسباب كافة وبذل الجهد الكافي.
ويقول "إن تكرار عبارات مثل أنا حظي تعيس أو هذا حظي من الحياة"، يمثل مبررات للفشل لأن لكل مجتهد نصيبا، وكثير من أمور الحياة يستطيع الإنسان أن يغيرها نحو الأفضل بالسعي والمثابرة، وفي حال اتخذ الإنسان جميع الأسباب وبذل الجهد الكافي ومع ذلك واجه الفشل فنحن هنا نكون أمام مسألة قدرية، وما عليه إلا أن يحاول من جديد ويتمتع بالمرونة التي تكفل له النجاح في محطة قادمة في الحياة.
اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يقول "الشخصيات التي تتكلم بهذا الاتجاه تعول فشلها على الحظ والظروف، هي دائما شخصيات تمثل دور الضحية في المجتمع، حظهم لا يساعدهم رغم إمكانيتهم، شخصيات مضطربة نفسية، وتلازمهم هذه الحالة ويعكسونها بشكل سلبي على من حولهم، كما ينظرون إلى الآخرين الناجحين بأنهم محظوظون".
ويضيف "هؤلاء الأشخاص غير سعيدين، بلا شك نشأوا في بيئة سلبية حاقدة، وتعبر عن حقدها بأشكال مختلفة فهم بحاجة لإعادة تنظيم أنفسهم، وبرمجة حالتهم النفسية، ويشكلون قاعدة أساسية للنهوض بأنفسهم بشكل بناء ايجابي منظم، فهؤلاء الناس لا ينجحون كثيرا، يعانون من الانعزال والانطواء ويظهرون بمظاهر مختلفة لا يملكون أي توجه أو حسن ظن دائما يحبطون الناجحين وينظرون لنصف الكأس غير المملوء لا لنصفه الآخر.