المدينة الإدارية الجديدة.. حديث حكومي متكرر فهل يتحقق؟

مخطط للمدينة الإدارية الجديدة-(من المصدر)
مخطط للمدينة الإدارية الجديدة-(من المصدر)

محمد الكيالي

عمان - برز الحديث مجددا عن إنشاء مدينة إدارية جديدة في المملكة، عقب المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء بشر الخصاونة، أول من أمس، الذي أعاد فيه طرح هذه الفكرة الحكومية، بعد مضي أكثر من 5 سنوات على طرح مماثل لم ير النور، فيما أكد خبراء ضرورة العمل بشكل جدي على إنشاء مثل هذا النوع من المدن، مشيرين الى أن المشروع يمكن أن يتم لو توفرت الإرادة والشروط والغايات.

اضافة اعلان


وكانت حكومة رئيس الوزراء الأسبق، هاني الملقي طرحت فكرة المدينة الادارية الجديدة في العام 2017، مبينة إنه تم تحديد منطقة الماضونة شرق عمان مكانا لها.


وفي هذا الصدد، أكد نائب نقيب المهندسين، المهندس فوزي مسعد، أنه في البداية يجب أن تكون هناك إرادة لدى الحكومة بجمع وزاراتها ومؤسساتها ودوائرها في تجمع واحد موحد.


ولفت مسعد إلى أنه إذا كانت هناك إرادة فعلية، فإن العمل يبدأ من البحث عن توفير أرض مناسبة لإنشاء المدينة الجديدة، ومن ثم يبدأ تمويل البناء من المشروع ذاته.


وأوضح أنه بالإمكان التعاقد مع شركة تعمل على تطوير المراكز الحكومية والوزارات، وتؤجرها للحكومة، وبالتالي يكون هناك تمويل ذاتي واضح ومحدد.


وحول الفوائد المرجوة من إقامة مدينة جديدة، لفت مسعد، إلى أن توفير مدينة عصرية حديثة قائمة على أفضل الممارسات الدولية والخبرات التراكمية لدى المدن هو مطلب أكيد خلال العصر الحالي.


وشدد على أن إنشاء هكذا مدن إدارية جديدة، يجب أن يتم بالتشاركية مع المؤسسات الوطنية، مشيرا إلى أن نقابة المهندسين لها باع طويل في التخطيط العمراني والإنشائي وتعد بيت الخبرة الموثوق للمشاركة في أي مشروع وطني.


بدوره، قال رئيس هيئة المكاتب الهندسية، المهندس عبدالله غوشة، إن اطلاق مشاريع المدن الجديدة يعد خيارا إستراتيجيا أملته معطيات واقعية فرضها التحول الديمغرافي ومشاكل النمو والضغط الخانق على التجمعات السكنية الكبرى.


وأكد غوشة، أن من شأن المدن الجديدة تغيير المعادلة بإعادة وخلق التوازن في النشاط الاقتصادي، وتنمية المناطق الأقل حظا.


وأضاف غوشة أن الدوافع والأسباب لإنشاء المدن الجديدة، تنوعت ما بين أسباب سياسية وأخرى عمرانية، مثل تضخم واحتقان العاصمة القديمة، إضافة إلى أسباب اجتماعية مثل تركز السكان في نطاقات ضيقة من الدولة والعمل على إعادة تشكيل الخريطة السكانية للبلاد.


وقال أنه ومما سبق، وقياسا على النطاق المحلي وارتفاع نسبة النمو السكاني بنسبة 2.3 % على اعتبار أن سكان المملكة سيصل عددهم الى 13 مليون نسمة بحلول العام 2030، فإن غالبية هذه الزيادة ستذهب للمدن الكبرى في الأردن مثل عمان والزرقاء وإربد، مما سيؤدي الى ضغط كبير على البنية التحتية وفرص العمل وازدياد نسب البطالة.


وبين أن موضوع المدينة الجديدة بدأ الحديث عنه منذ العام 1995، مشيرا إلى أنه لا بد من إجابات حول مصادر التمويل وكلف ومراحل الإنشاء والبرنامج الزمني ومصادر الطاقة والمياة للمدينة الإدارية الجديدة.


وطالب غوشة، بضرورة الاستفادة من التجربتين المصرية والتركية، والمتمثلتين بإنشاء صندوق الاسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، إضافة إلى تأسيس صناديق فرعية تدعم الفكرة.


من جانبه، قال مستشار أمانة عمان لشؤون التخطيط الأسبق، المهندس أنس قطان، إن طرح فكرة إنشاء مدينة إدارية يأتي من أجل جعلها مكانا يجمع الوزارات والمؤسسات الحكومية والدوائر الخدمية المختلفة.


ولفت قطان إلى أنه إن كانت مساحة كل وزارة تقارب دونما أو دونمين اثنين، فبالتالي فإن الحكومة بحاجة إلى أرض تشابه مساحتها مساحة المدينة الرياضية في العاصمة عمان.


وأوضح أن فكرة إنشاء هكذا مدينة يجب أن لا تكون خارج أراضي أمانة عمان الكبرى، وبالتالي على الحكومة عدم التفكير ببناء هذه المدينة في مناطق تم طرحها سابقا على غرار الأزرق أو القطرانة أو غيرهما.


وأضاف: "لا يعقل أن يتكبد المواطن قطع مسافة تزيد على 50 كيلومترا لقضاء أموره واستخراج أوراقه من الوزارات والمؤسسات، بينما يمكنه أن يذهب إلى المدينة الإدارية في ضواحي العاصمة ولكيلومترات قليلة".


وأشار إلى أنه ولإنشاء المدينة، يجب توافر شروط عدة، على غرار القدرة على توفير الأموال لإنشاء شبكات النقل المختلفة التي تعد عصب أي مدينة، وتخطيط طرق سريعة تسهل على الناس القدوم إليها من مختلف المحافظات.


ومن ضمن هذه الشروط، بين قطان أن النقل العام لأي مدينة إدارية جديدة غير متوفر حاليا في المملكة، لأنها مدينة لمختلف الأردنيين على كامل تراب الوطن وليست فقط لأهالي عمّان.


وأكد أن التجربة المصرية في إنشاء المدينة الإدارية، تعد من التجارب التي يمكن للأردن أن يستفيد منها، خاصة وأن المدينة المصرية تم بناؤها في ضواحي القاهرة وليس في الصحراء.


وشدد على أهمية بناء حي للوزارات وليس مدينة إدارية، التي تعد مكلفة بشكل كبير على الأردن من حيث الطرقات وتمديدات الكهرباء والمياه والطاقة الخضراء وغيرها.


وتساءل: "كيف ستتمكن الحكومة من نقل المياه لهذه المدينة في الوقت التي تعاني فيه من إيصال المياه إلى العاصمة والمحافظات الأخرى؟".


واعتبر أن 8 مدن كبيرة تحيط بالعاصمة عمان، وهي مدن تابعة، مبينا أن منطقة الموقر تعد من المناطق المخدومة حاليا، خاصة وأنها منطقة على حدود الصحراء ومنبسطة وتم إنشاء طريق جديد فيها وهو طريق "المحلق" الذي نفذته وزارة الأشغال مؤخرا وعرضه 100 متر ويتصل بشارع المطار.


وقال قطان إن على الحكومة البحث في جوانب هذه المناطق لإنشاء مدينتها الإدارية الجديدة؛ لأنها تعد نقطة وصل بين مختلف المدن، إضافة إلى توفر الخدمات الأساسية فيها.

إقرأ المزيد :