المستوطنون.. جريمة منظمة

مستوطنان ضمن مجموعة يتأهبان بحماية جيش الاحتلال الاسرائيلي للاعتداء على أهلي قرية بورين.-(أرشيفية)
مستوطنان ضمن مجموعة يتأهبان بحماية جيش الاحتلال الاسرائيلي للاعتداء على أهلي قرية بورين.-(أرشيفية)

هآرتس

ايال هاروفيني

منذ أكثر من عقد وأنا أقوم بدراسة وقراءة ومشاهدة دلائل على عنف المستوطنين. هذا جزء من عملي، لكن لم يُعدني أي شيء كي أشهد تجربة أن أكون أنا نفسي من أضرب من قبل مستوطني حفات معون. شاعرا بالعجز وأتلقى اللكمات والركلات الوحشية على جسمي وأنا ملقى على الأرض. كل ذلك في واحدة من المذابح المتتالية التي أصبحت روتينا، حيث العشرات منهم يصممون على المس، بالحجارة والعصي والسلاح الساخن، بالمزارعين الفلسطينيين وكل من يتجرأ على محاولة الدفاع عنهم. وحضور نشطاء حقوق إنسان إسرائيليين في المكان والمس بهم، البروفيسور دافيد شولمان وهو الناشط الأقدم مني والذي أصيب وتركت ندب على جسده في هجمات سابقة، وأنا، ساعد على نشر الحدث. ولكن نحن لسنا الأساس.اضافة اعلان
بعد يوم تقريبا اتضحت أمور عدة. أولا، أن العفوية التي ميزت الحادثة والطريقة شبه المريحة في أن مستوطني حفات معون التي هي من البؤر الاستيطانية الأولى يقومون بالتنكيل بالفلسطينيين. وروح حفات معون هي العنف كنهج حياة، ووسيلة لسرقة أراضي الفلسطينيين. لم يكن هناك أي شيء مفاجئ في المذبحة التي وقعت ظهيرة يوم السبت الماضي، أو في عدم مبالاة الجيش. المنطقة مليئة بكاميرات الحماية لصالح الجيش، الشرطة والإدارة المدنية، في كل مرة يقوم فيها فلسطيني بتحريك لبنة في بيته البائس. مع ذلك، نظيري غاي اضطر الى التوسل للجيش والشرطة من أجل أن يأتيا الى المكان.
بعد عشر دقائق وصلت سيارة عسكرية ووقفت على بعد 200 متر من مكان الحادثة، نزل جنديان منها وشاهدا ما يحدث، بعد ذلك سارا بهدوء وكأنهما في طريقهما الى الاستجمام وليس الى حدث عنيف ودامي، الذي فقط بمعجزة لم ينته بإلحاق الضرر بالأرواح (فلسطيني واحد أصيب برأسه بسبب حجر، آخرون تم ضربهم بالعصي، وعلى الأقل خمس سيارات تضررت). وقد جاءت سيارات جيب أخرى، وكل ما فعلته هو إطلاق عشرات قنابل الغاز المسيل للدموع وعدد من قنابل الصوت التي وجهت بالطبع نحو الفلسطينيين الهاربين. ولا أحد من الجنود حاول وقف أو اعتقال المستوطنين المساغبين. هم يعرفون كيفية وقف واعتقال نشطاء حقوق الإنسان، لكنهم أدركوا جيدا أن وظيفتهم هي خدمة المستوطنين.
الشرطة جاءت الى المكان، كالعادة، عندما انتهت الحادثة. وهي أيضا تعاملت بعدم مبالاة مع ما يحدث. الضابط المسؤول حاول التقليل من خطورة الحادثة والقول إن الرصاصات التي سمع صوتها (ميخال حاي وثقت أحد المستوطنين وهو يركض ويحمل مسدس ومستوطن آخر يحمل بندقية إم16)، كانت من خيالنا. أحد رجال الشرطة لم يحاول أخذ شهادات من الفلسطينيين أو من النشطاء الإسرائيليين. من ناحية الشرطة، الى حين يقدم الفلسطينيون ونحن شكوى في شرطة كريات اربع، فإن الحدث بالنسبة لهم لم يحدث. حتى الآن لم يتم اعتقال أي مستوطن، ومن تجربة الماضي لن يعتقل أيضا. ولكن هم أيضا ليسوا الأساس.
الدولة قامت منذ فترة بخصخصة تطبيق سياسة سرقة الفلسطينيين من المزيد من أراضيهم، حقل زيتون آخر وبئر مياه أخرى، ونقلت المهمة الى عصابات مستوطنين مشاغبين. الجميع؛ الجيش والشرطة والمستوطنون، يقومون بدورهم مثل بيادق في منظمة جريمة منظمة، التي هدفها السامي هو تمكين الدولة من الاستمرار في سرقة أراضي الفلسطينيين والقمع. هذه الجريمة المنظمة ليست خاصة بمحيط حفات معون. فهي تحدث تقريبا كل يوم في جنوب جبل الخليل، في غور الأردن وحول عشرات مزارع الرعاة التي أقيمت في أرجاء الضفة الغربية في السنوات الأخيرة. هذا هو الأساس.
حقيقة أخرى هي أن المستوطنين أنفسهم عملوا بوجوه مكشوفة، وبملابس يوم السبت ومن دون محاولة لإخفاء وجوههم مثلما يحدث عادة في فترات مشابهة. تقريبا، أدركوا روح العصر، الذي فيه أتباع كهانا هم العزيزون على رئيس الحكومة وضيوف مرغوب فيهم في ستوديوهات الراديو والتلفاز. وحتى الآن اثنان منهم قاموا بضربنا أنا وشولمان لأننا حملنا كاميرات ورفضنا التنازل عنها. معظم المشاغبين تم توثيقهم، بما في ذلك أحد الأشخاص الذين قاموا بمهاجمتي. يمكنني أيضا أن أشخص الثاني. ولكن لماذا أضيع وقتي في شرح الإحصائيات الفاشلة لشرطة شاي (الضفة الغربية)؟ هل قام رجالها باعتقال أحد من الذين هاجموا الحاخام اريك أشرمان؟.
بإعادة صياغة أقوال الحاخام ابراهام يهوشع حيشل، فإن الكثيرين، الكثيرين جدا، مذنبون بارتكاب هذه الجريمة المنظمة. جميعهم مسؤولون عنها، لكن فقط قلائل، قلائل جدا، يحاولون منعها.