المسيحيون في الوطن العربي

نشر موقع "CNN" بالعربي، مؤخرا، مقالا للكاتبين الأميركيين بيتر بيرغن وجنيفر راولند، بعنوان "شرق أوسط خال من المسيحيين.. قريباً؟"؛ استعرض فيه الكاتبان الأحداث التي شهدها عدد من الدول العربية في مرحلة ما يسمى بـ"الربيع العربي"، والتي أثرت على الأشقاء المسيحيين العرب سلبا، وهددت وجودهم في الوطن العربي. اضافة اعلان
نعم، هناك الكثير من الأحداث التي وقعت في دول عربية، وخصوصا في العراق ومصر وسورية، "أرعبت" الكثير من المسيحيين في هذه الدول وغيرها من الدول العربية. إذ شهدت هذه الدول حالات اعتداء على مسيحيين وكنائسهم وأماكن تواجدهم، وكأن هناك خطة ممنهجة لإخافة المسيحيين العرب من أشقائهم المسلمين، وخلق حالة من الذعر والخوف والقلق لدى هؤلاء الأشقاء الذين هم مواطنون عرب مخلصون، وبحيث يخشون على مصيرهم ومستقبلهم، بما يدفعهم إلى الهجرة خارج الوطن العربي.
نعم، هناك حالة من الخوف لدى المسيحيين. ولكن ذلك لن يدفع الكثيرين منهم إلى مغادرة بلادهم، بالرغم من أن هناك تقصدا واضحا في دول معينة لإثارة خوفهم، من خلال الاعتداء عليهم وعلى كنائسهم، في محاولة لتحويل حياتهم إلى جحيم.
يبدو أن الاعتداء على المسيحيين في بعض الدول العربية، من قبل جماعات ومنظمات مسلحة، يحقق أهدافا خبيثة لبعض الدول الغربية التي ترغب في أن تخلو المنطقة العربية من المسيحيين، حتى توسم بأنها بلاد التطرف الديني الإسلامي الذي يرفض الاعتراف بالآخر، ويقتله، ويهجره. ولذلك، نجد دولا غربية بعينها تسهل هجرة المسيحيين إليها، وترغّبهم وتشجعهم على ذلك، من خلال الكثير من الامتيازات.
يبدو أن التعددية في المجتمعات العربية تزعج الغرب والمتطرفين، فتدفعهما إلى اتخاذ إجراءات وإن اختلفت في الشكل، إلا أنها تتشابه في الأهداف. فمن المعروف أن المسيحيين العرب يعيشون في بلادهم العربية بأمان واستقرار. ولكن في العقود الأخيرة، هناك من يسعى بشكل حثيث إلى تدمير العلاقات التاريخية المستقرة بين المسلمين والمسيحيين العرب، لغايات وأهداف خبيثة. وهناك، أيضا، دول غربية تسعى، وتحت شعارات إنسانية، إلى تهجير المسيحيين من بلادهم.
إن هذه الأهداف الخبيثة يجب أن تدفع الدول والمنظمات والمواطنين إلى التمسك بالأشقاء المسيحيين، وحمايتهم، ومنع أي محاولات لزعزعة العلاقات المستقرة بين المسيحيين والمسلمين. والحفاظ على الوجود المسيحي العربي هو مهمة يجب أن تتصدر أولويات الدول العربية، وكذلك العديد من المنظمات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني العربية الفاعلة. يجب إدانة أي عمليات قتل، أو تخريب، أو اساءة من أي جهة كانت؛ يجب حماية الكنائس والأماكن الدينية المسيحية؛ يجب نشر وتعزيز قيم التسامح والمحبة والتعاون التي هي قيم الإسلام والمسيحية في آن واحد.

[email protected]