المشاريع المتوسطة والصغيرة.. لمن يهمه الأمر

غسان الطالب*

التأم في عمان يومي 28 و29 من شهر نيسان (ابريل) المنصرم المؤتمر الإقليمي "المنشآت الصغيرة والمتوسطة من محركات التغيير"، والذي دعت له غرفة صناعة الأردن بالتعاون مع اتحاد الصناعات الدنماركية والمعهد العربي للتخطيط، تحدث فيه عدد من ممثلي المنظمات العالمية والعربية، إضافة الى ممثلي المنظمات المحلية المعنيين والمهتمين بنشاط المنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ حيث استعرض المتحدثون واقع هذه المنشآت والتحديات التي تواجهها، ومن أهم هذه التحديات ضعف فرص التمويل التي تحتاجها لمواصلة نموها والقيام بدورها الاقتصادي والاجتماعي، إذا علمنا أن هذه المنشآت تسهم بما مقداره 40 % من الناتج المحلي الإجمالي وتشكل اضافة اعلان
99.4 % من حجم المنشآت العاملة في الاقتصاد الأردني في الوقت الذي تستقطب فيه 70 % من حجم الأيدي العاملة، حسب ما أورده رئيس غرفة صناعة الأردن.
قبل هذا صدرت من البنك المركزي الأردني معلومات حول حجم القروض المقدمة لتمويل شركات صغيرة ومتوسطة الحجم، تثير من جديد أهمية الحديث عن هذا القطاع والدور الذي يؤديه في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية من شأنها تخفيف عبء البطالة على المجتمع؛ حيث صرح البنك المركزي بأن حجم القروض المقدمة لهذا القطاع بلغ 48 مليون دينار، وهي عبارة عن الدفعة الأولى المقدمة من البنك الدولي من أصل القرض البالغة قيمته 70 مليون دولار وذلك بأسعار فائدة منافسة، ومعنى هذا الحديث بأننا لجأنا للمصادر الخارجية ممثلة في البنك الدولي لطلب التمويل، علما أن هذه المهمة كان بالإمكان تغطية احتياجاتها من مصادر داخلية.
وليس بالجديد إذا قلنا إن المشاريع الصغيرة في عموم اقتصاديات الدول سواء المتقدمة أو النامية تسهم مساهمة كبيرة في الناتج القوميّ لهذه البلدان كونها تسهم في توفير فرص عمل وتخفف من عبء الفقر خاصة في الدول النامية، إضافة إلى مساهمتها في تحقيق حالة من الاستقرار في المناطق الريفية وتقليل الهجرة إلى مراكز المدن بحثا عن فرص العمل، لهذا فإننا نقدّر الأهمية الاقتصادية والاجتماعية، لوجود مثل هذه المشاريع في اقتصادنا وضرورة وضع استراتيجية وطنية لتوفير التمويل اللازم لها سواء من الدولة أو من مصادر التمويل الخاصّة ممثلة في القطاع المصرفيّ والمؤسسات المالية المعنيّة بذلك.
وفي مقالة سابقة أشرنا الى الكلام الذي صدر عن رئيس وحدة الدراسات في المؤسسة العربية لضمان الاستثمار في ورشة العمل التي نظمتها جامعة الدول العربية بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) والتي كانت بعنوان "مناخ الاستثمار في الدول العربية، التقييم والتوصيات"؛ حيث أشار إلى أن الدول العربية والحديث هنا فقط عن الدول، يمكن لها أن تستقطب استثمارات أجنبية بين 255 و405 مليارات دولار للفترة من 2014 إلى 2018، كما قدر حجم الاستثمارات الإجمالية والمتضمنة الاستثمارات الحكومية والقطاع الخاص، إضافة إلى الأجنبية في 16 دولة عربية بحدود 4 تريليونات دولار للسنوات الخمس المقبلة بناء على معلومات صندوق النقد الدولي.
ومن هذا المنطلق، فإننا نرى إمكانيّة وجود دور مبادر وريادي من قبل المصارف الإسلاميّة في الاهتمام بهذا القطاع وتقديم الدعم المناسب له، حتّى يمكنه أن يقدّم مساهمة فاعلة في البناء الاقتصادي للمجتمع، علما بأن الأدوات التمويلية المتّبعة لديها يمكن لها أن تغطّي هذه الحاجة، بدون أن يضطر أصحاب هذه المشاريع إلى اللجوء الى الاقتراض بالفائدة لسد حاجاتهم التمويلية.
كما أننا نرى أن المصارف الإسلامية، يمكن لها أن تولي اهتماما أكبر لتقديم التمويل لهذا القطاع لا بل البحث عن مكوناته في أماكن تواجدها، وأن تقدّم لها الدعم المناسب لما تحققه هذه المشاريع من خدمة هائلة للاقتصاد الوطنيّ كما يمكن لهذه المصارف الوصول إلى مناطق الأرياف البعيدة عن مراكز المدن وتقديم خدماتها، علما بأنها تركّز جلّ اهتمامها ونشاطها في المناطق الحضريّة والمراكز التجاريّة وإننا نتفهّم ذلك من الناحية الربحيّة، إلا أن هذه المصارف صاحبة رسالة أخلاقية واقتصادية نأمل أن تنتفع منها كل حلقات الاقتصاد الوطني، ففي الوقت الذي سررنا فيه بانعقاد هذا المؤتمر وفي عمان بالتحديد كم تمنينا أن تكون لمصارفنا الإسلامية مبادرة تؤكد حضورها في دعم هذا القطاع.

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي