المصلحة الإيرانية

إيرانيون يشاركون في تشييع الجنرال قاسم سليماني في طهران أمس.-(ا ف ب)
إيرانيون يشاركون في تشييع الجنرال قاسم سليماني في طهران أمس.-(ا ف ب)
هآرتس غيورا آيلند 6/1/2020 ليس واضحا بعد ماذا سيكون الرد الإيراني على تصفية قاسم سليماني، ولكن ليس في ذلك ما يشوش الاستراتيجية الإيرانية التي تبقى مركزة على طرد الاميركيين من العراق واقامة دولة اسلامية مرعية في هذه البلاد. وبلا صلة بعملية الثأر التي قد تأتي، يمكن أن نرى منذ الآن نشاطا غايته مواصلة سفك دماء الجنود الاميركيين في العراق. تبقى الاستراتيجية الاميركية اقل وضوحا، ويبدو أن الولايات المتحدة قد تجد نفسها في غضون وقت قصير في مفترق يلزمها بأن تقرر الى اين تتجه. امكانية ما هي مواصلة العمل العسكري ضد ايران في ظل الاصرار على عدم التخلي عن العراق حتى بثمن تصعيد واضح. اما الامكانية المعاكسة، وفي ضوء التوقع لمصابين اميركيين في هذه المنطقة، فهو القرار بان لا معنى لدفع الثمن بالقتلى من اجل "الحرب الغبية في الشرق الاوسط" والخروج من العراق. الاختيار بين هاتين الامكانيتين المتعاكستين سيكون منوطا ايضا باللاعب الثالث – الشعب العراقي. في العراق يجري صراع حقيقي بين كارهي الولايات المتحدة وكارهي ايران في مسألة ما هو الافضل للعراقيين أنفسهم. فكيف سيقرر ترامب؟ من الصعب ان نعرف، ولكن مثل هذا القرار الاستراتيجي سيكون هاما لمستقبل الشرق الاوسط اكثر حتى من تصفية سليماني. الجانب الاسرائيلي يهمنا اكثر بالطبع. فمع كل الحذر اللازم، يبدو أن ايران لن تبادر الى مواجهة مباشرة مع اسرائيل في المستقبل المنظور. وليس من شأنها ان تقرر خطوة هجومية ضدنا الا اذا نجحت في ان تحقق على الاقل واحدا من ثلاثة اهداف: التزود بسلاح نووي، تثبيت تواجد عسكري قوي في سورية مثل حزب الله في لبنان، وتزويد حزب الله، وربما ميليشيات اخرى ايضا، بعدد كبير جدا من الصواريخ الدقيقة. في الجانب الاسرائيلي يبذلون جهدا جبارا لمنع هذه الميول الثلاثة بالضبط، وحتى الآن بما يكفي من النجاح. ان النجاح الايراني في تحقيق واحد على الاقل من هذه الاهداف الثلاثة، سيكون، على ما يبدو، شرطا ضروريا للمبادرة الى مواجهة ضدنا، ولكنه ليس كافيا. فالشرط الاضافي سيكون القدرة على استخدام حزب الله بكامل قوته ضد اسرائيل – وصحيح حتى اليوم، حزب الله غير معني بالحرب. وامتناعه ينبع من اعتبارات اقتصادية، سياسة وامنية. من ناحية اقتصادية، يوجد حزب الله في وضع صعب، والمواجهة مع اسرائيل من شأنها أن تؤدي به الى الافلاس. من ناحية سياسية، توجد أزمة حكم في لبنان وحزب الله يفضل تركيز الجهود على اعادة الاستقرار السياسي الى بلاده – استقرار يعطيه فضائل كثيرة. ومن الناحية الامنية، مثلما اوضحت محافل رفيعة المستوى في اسرائيل، فانه في المواجهة التالية لن يتعرض حزب الله وحده للضرب بل الدولة اللبنانية نفسها ايضا. وحزب الله، الذي يعرض نفسه كوطني لبناني وكسور واق للدولة، يخشى جدا من المبادرة الى خطوة من شأنها ان تؤدي الى دمار شديد للبنان وبناه التحتية. بسبب كل هذا، فإن مواجهة كاملة ومبادر اليها من جانب ايران ضد اسرائيل متوقعة اقل في 2020. هذا لا يعني انه لن يكون توتر، ولا يمكن استبعاد امكانية محاولات عمليات ضد سفارات اسرائيلية او ردود ايرانية محدودة – مثلا، بعد نشاط اسرائيلي ضد مصلحتهم في سورية وفي اماكن اخرى. ويمكن بالطبع ايضا ان ينشأ تدهور ليس معنيا به أي طرف، ولكن ليس صحيحا اثارة الرعب حول مواجهة مؤكدة وقريبة. وبالمقابل، اذا كانت مواجهة، وحتى لو كانت مع حزب الله فقط، فعندها كما قال رئيس الاركان – ستكون قاسية للجبهة الاسرائيلية الداخلية. ان المهلة الزمنية التي حصلنا عليها من الصواب ان نستغلها ضمن امور اخرى لتحسين التحصين، والاهم – للتطوير والتزود باسلحة حيوية للتصدي للصواريخ الدقيقة. المشكلة، ليست توفر التكنولوجيا ولا حتى الميزانية، بل غياب حكومة مستقرة يمكنها أن تبحث بعمق في هذه المواضيع الهامة وتحرك المشاريع في الموعد المرغوب فيه.اضافة اعلان