المصنع الثاني للزجاج بمعان يواجه الإغلاق وتسريح العمال

حسين كريشان

معان- من جديد واجه مصنع “عزل وطلاء الزجاج” بمعان مصير مصنع الزجاج الاول بالتوقف عن العمل عن العمل بصوره نهائية، لأسباب تتعلق بمعيقات وعقبات أمام المستثمر منعت المصنع من الاستمرار، وفق مصادر في شركة تطوير معان، في وقت كشفت فيه عن أن أحد البنوك التجارية نفذ حجزا تحفظيا على الأموال المنقولة وغير المنقولة للشركة المالكة للمصنع.اضافة اعلان
وواجه المصنع الذي يعد أحد أكبر الاستثمارات في المنطقة التنموية في بداية إنتاجه ظروفا مالیة وتسویقیة صعبة، جراء إغلاق العدید من الأسواق التقلیدیة بالدول المجاورة، وفق المصادر ذاتها، والتي أشارت إلى أن إدارته اضطرت إلى إنهاء عقود عمالها وتخفیض إنتاجها.
وبین عاملون أنهت إدارة ”مصنع الزجاج” عملهم، أن هذا المصنع مر بظروف مالیة عصیبة، بعد أن لجأت إدارته مؤخرا إلى تخفیض وإنهاء عقود عمل ما یقارب الـ50 موظفا ما بین إداري وفني بمرحلة التوقف الجزئي، ونحو 50 آخرين بعد التوقف النهائي عن العمل والإنتاج.
وكان نائب المدیر العام لـ“مصنع الزجاج” وائل الزریقي قال، في تصریح سابق لـ “الغد” ، إن إدارة المصنع اتخذت خطوات عملیة مؤخرا بهدف ”خفض” النفقات التشغیلیة لإبقاء المصنع یعمل، خوفا من اللجوء إلى إغلاقه كلیا، ومنها تخفیض عدد العاملین، لـ “تخفیف” العبء المالي، بعد صرف مستحقاتهم المالیة وفق قانون العمل، إلى جانب إنهاء عقود خارجیة لـ4 مديرين یتقاضون رواتب عالیة كانوا یعملون كخبراء.
واضاف وقتها أن عدد العاملین في المصنع حالیا یبلغ حوالي 40 موظفا، بینهم فنیون غالبیتهم من أبناء المحافظة.
واوضح الزریقي، أن المصنع یمر بظرف مالي صعب، بعكس ما كان علیه في السابق، بسبب الأزمة الاقتصادیة والظروف السیاسیة والأمنیة في مناطق الإقلیم، مشيرا الى أن المصنع كان ینتج في أشهر سابقة 30 ألف متر زجاج انخفض إلى 12 ألف متر، لاسیما وأن اعتماد منتج المصنع كان على الأسواق الخلیجیة.
وبین أن إدارة المصنع لجأت إلى تخفیف الطاقة الإنتاجیة، حیث تقدر فاتورة الكهرباء الشهریة بحوالي 30 ألف دینار، فضلا عن مصاریف المیاه من خلال الاعتماد على توقف جزئي للمصنع في فترات المساء وبعض أیام الأسبوع، مشیرا إلى أن المصنع یعمل حالیا بنظام الكاش من خلال فتح الاعتمادات البنكیة بعد إیقاف البيع بـ”الدین”.
وأكد الزریقي، أن هناك مستحقات مالیة للمصنع على الشركات تقدر بحوالي 2 ملیون دینار، لم یتم تسدیدها بعد أن تم تورید المنتج لها.
وكان مصنع "الشركة الأردنية لصناعة الزجاج "والذي أقيم في العام 1980 كأول مصنع في مدينة معان لاستغلال الموارد الطبيعية "السيلكيا" المتاحة في محافظة معان، تعرض إلى عدة معيقات رافقت المصنع منذ ولادته قبل أن يتم اغلاق أبوابه مع منتصف تسعينيات القرن الماضي، وأدت إلى فشله نهائيا، وفق سكان المدينة.
وأشار السكان إلى أنه تم استخدام تكنولوجيا قديمة في تشغيل المصنع، رغم وجود ما هو أحدث منها في السوق العالمية، لكنها استجابة للعقود المبرمة والتي تعود لعام 1976 ما بين المؤسسين في القطاع الخاص المستثمر وشركة(BSN) الفرنسية، التي تعتبر رائدة في عالم الصناعات الزجاجية.
في حين أن سوق صناعة الزجاج العالمية شهدت خلال الفترة (1976 - 1984) قفزات تكنولوجية كبيرة، فبدأ تشغيل المصنع وهو يفتقر للميزة التنافسية التي كان يمكن أن يتمتع بها المنتج المحلي، ما أدى إلى تأخر الإنتاج إلى العام 1984م لقلة رأس المال المرصود والبالغ 2 مليون دينار من قبل استثمار للقطاع الخاص لم تكن كافية لإطلاق المشروع، وتدخلت الحكومة آنذاك ممثلة بصندوق التقاعد الذي أصبح لاحقاً المؤسسة الأردنية للاستثمار ورفعت رأس المال من مليونين إلى 5 ملايين دينار ودخلت الحكومة شريكا رئيسا في المشروع.
وبينوا أن وجود مصنع الزجاج لم يمنع الحكومات المتعاقبة من السماح بمنح كبار تجار ومستثمرين تراخيص من أجل استيراد الزجاج من دول أجنبية كبلجيكا وتركيا وغيرها من الدول، ما أدى إلى إغراق السوق المحلية من المنتج الأجنبي، الأمر الذي أثر سلبيا على عدم حماية المنتج المحلي من الزجاج المصنع.
وقالوا إن مسببات الفشل توالت فيما بعد عندما تبوأ إدارة المصنع شخصيات حكومية غير متفرغة وتفتقر إلى الخبرة والاختصاص، إضافه إلى بعدها عن موقع الإنتاج، مما ساهم بتفاقم الخسائر، فيما اكتشف أول جانب من خيوط الترهل الإداري والمالي عندما انقلبت إحدى الشاحنات المحملة بعشرات الأطنان من الزجاج على مدخل بوابة المصنع في أواخر عمر المصنع والتي كانت ذاهبة إلى مكان مجهول ودون أي أوراق تثبت خروجها من المصنع أو الجهة التي تقل الحمولة إليها، حيث تم التحقيق في القضية والتي لم تعكس سوى مدى الفساد الذي كان يعاني منه المصنع، لافتين إلى أن الأوضاع في المصنع لم تدم طويلا ، حتى أغلق المصنع وتم تصفيته.
وأكدوا أن كميات الرمل الزجاجي "السيليكا" الموجودة في معان تفتح الباب على مصراعيه للاستثمار لإيجاد وخلق مصانع للزجاج تكون تنافسيتها في السوق المحلية والعالمية كبيرة جدا، نتيجة نقاء الرمال الزجاجية المكون الرئيس لإنتاج هذه الصناعة.
وتعد مدينة معان واحدة من أهم المناجم والمخزون الاستراتيجي للموارد والثروات الطبيعية والمعدنية غير المستغلة في المملكة.
وكانت ورقة عمل أعدها متخصصون في وزارة الطاقة والثروة المعدنية قدرت كمية السيليكا (الرمل الزجاجي) في محافظة معان، بنحو 12 مليار طن، تتمتع بنسبة نقاء تبلغ 99 %، يستهلك السوق المحلي منها 22 ألف طن سنويا.
وأشار مدير مديرية المختبرات في وزارة الطاقة والثروة المعدنية عمر الطاهات، أمام مشاركين في ورشة عقدت في 28 تشرين الثاني (نوفمبر)، من العام الماضي عرضت خلالها ورقة العمل التي أعدها المهندسون(عمر الطاهات واحمد ابو راس وإبراهيم بني هاني وفرح ابوطالب)، أن استعمالات الرمل الزجاجي، تستخدم في صناعة الزجاج، ورمال السباكة وزجاج البصريات والكريستال وصناعة أنظمة الطاقة الشمسية.
واقترح الطاهات بناء مدينة صناعية لمنتوجات رمل السيليكا تشمل 255 منتجا، يمكن أن تحل مكان المستوردة، فضلا عن دور المشروع في دفع عجلة التنمية في مجال استغلال الثروات المعدنية المحلية.
ويشار إلى أن الرمال الزجاجية هي صخور رملية بيضاء نقية تحتوي على نسبة عالية من السيليكا تقدر بنحو 99 %، وتتركز في رأس النقب، وقاع الديسي، ووادي السيق، الراكيا والبترا، وعين البيضا والجيشية.
وقال رئيس غرفة صناعة وتجارة معان عبدالله صلاح، إن محافظة معان تعتبر من المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، ولها مميزات اقتصادية قادرة على أن تكون منطقة اقتصادية بامتياز تسهم في إطلاق مشاريع ضرورية لإنعاش الخزينة وتعزز لمشاريع قابلة للنجاح وتساعد على خلق بيئات استثمارية فيها، بهدف توفير فرص عمل لأبناء المنطقة تسهم في تحسين ظروفهم الحياتية.
ويشير رئيس بلدية معان السابق خالد الشمري، إلى أن إغلاق مصانع الزجاج وفشل غيره من المشاريع التنموية في المحافظة مثل مصنع سيارات "اللاند روفر، وشركة المحاجر والمقالع، والتي تشكل أمثلة حية يعود لخلل في السياسات الإدارية، لاسيما في ظل بعد الإدارة عن هذه المشاريع وإدارتها من مكاتب في العاصمة عمان، ومن غير المختصين في مجال صناعة الزجاج، وسوء التخطيط والتنفيذ وغياب الرقابة والمتابعة والمحاسبة والترهل الإداري والمالي، فضلا عن خلل في تسويق الإدارة للمنتج، رغم أن كلفة الإنتاج كانت بسيطة لقرب المواد الخام من المصانع.
ويرى رئيس لجنة متابعة قضايا معان الدكتور محمد أبو صالح، أن استغلال الثروات الطبيعية الموجودة في محافظة معان يؤهلها لتكون عاصمة اقتصادية وتكنولوجية للأردن، حيث تمتلك جميع المقومات والمساحات الواسعة وتوفر الأيدي العاملة، بالاضافة إلى امتيازها بعدة خصائص جغرافية وديمغرافية وقربها من ميناء العقبة المعبر الأمثل للصادرات الأردنية والحدود السعودية من الجنوبية والشرقية التي تشكل بوابة التصدير البري لدول الخليج العربي، مما يؤدي إلى رفد خزينة الدولة بالأموال.
إلى ذلك، أكد مدیر الروضة الصناعیة بمنطقة معان التنمویة المهندس هاني خطاطبة، أن عدد المصانع داخل الروضة الصناعية يبلغ 35 مصنعا منها 28 مصنعا عاملة ومنتجة، مشيرا إلى أن 3 من المصانع متوقف العمل فيها و2 من المصانع متعثران. وبين الخطاطبة أن المصانع المتوقفة والمتعثرة تسببت بفقدان نحو 200 فرصة عمل.
بيد أن الخطاطبة، يشير إلى وجود مصنعين تحت الإنشاء، متوقعا أن تشغيلها سيعوض نحو 20 فرصة عمل.
وأشار إلى أن مصنع عزل وطلاء الزجاج والذي يبلغ حجم استثماره 35 مليون دينار، وبتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية بقيمة 15 مليونا، بالشراكة مع احد البنوك توقف عن العمل منذ العام تقريبا، مشيرا الى ان المصنع واجه مشكلة إدارية ومالية ومعيقات في عمليات الاستيراد والتصدير، نتيجة إغلاق الحدود مابين الأردن والعراق وسورية، لاعتماده على الزجاج الخام من سورية ومصر.
وبين أن المصنع تأثر بشكل كبير في قضية دفع المستحقات والالتزامات المالية، ما أجبره على التوقف عن العمل، ودفع بأحد البنوك إلى رفع قضية لدى الجهات المختصة، حيث تم الحجز التحفظي على موجوداته ومعداته.
وأشار إلى أن مستثمرا يفاوض البنك حاليا على أساس إعادة تشغيل المصنع، إلا أن أصحاب المصنع ما يزالون يبحثون عن شريك استراتيجي وليس بيع المصنع، متوقعا أن تدار عجلة الإنتاج من جديد في المصنع وحل الإشكالية المالية مع الشركاء، بعد أن تم فتح الحدود مع الدول المجاورة.