المضحك المبكي بعد الخبز

محمد الشواهين

أثارت مشاعري مداخلة لأحد المواطنين مع اذاعة محلية، يقول ذلك المواطن الأردني المكنّى ابو محمد انه ضرب ابنه لأنه اكل رغيفا ونصفا، اذ يبدو ان هذا الرجل كان خصص رغيفا واحدا لكل فرد من افراد اسرته، فلما تجاوز ابنه محمد حصته، قام بضربه !!هذه الواقعة المضحكة المبكية، هزت مشاعري ومشاعر كل الاردنيين الذين استمعوا اليها.اضافة اعلان
مثل هذه القصص او المداخلات لم نسمع بها، الا بعد رفع الدعم عن الخبز، المواطن كان اعتاد على دفع مبلغ معين مقابل عدد من الأرغفة، ولما اختلف الوضع حاليا، انخفض نصيب الفرد من هذه المادة، التي هي من اساسيات ومتطلبات الانسان الاردني التي لا غنى له عنها.
موضوع رفع الدعم عن الخبز اضحى موضوعا جدليا فعلى المستوى الشعبي الغالبية العظمى تعارض من منطلق عاطفي مع ان الحكومة خصصت مبلغا معينا اسمته ( الدعم ) للمستحقين، اما الفئة المثقفة التي تداولت الأمر يموضوعية من عدة جوانب فلم تبد اية معارضة، على اعتبار ان هذا الاجراء هو ضمن خطة تصحيحية لوقف هدر كان يستفيد منه الاردني وغير الاردني وخزينة الدولة كانت تتحمل قيمة الدعم للمستحق وغير المستحق الامر الذي بات واضحا ان كميات من الخبز الزائد عن حاجة العائلات الغنية والفقيرة، كانت تلقى في الحاويات او بين اكوام القمامة او بالأحرى قربها.
عندما اوقفت الدول المانحة مساعداتها كليا او جزئيا عن الاردن، قامت الحكومة بالبحث عن موارد لسد العجز في موازنتها. انا شخصيا لست بصدد تبرير هذه الاجراءات التي تتخذها الحكومة في هذا الشأن، وفي نفس الوقت لست ضدها على عموميتها، الامر يحتاج الى رأي النخبة المثقفة اقتصاديا، لتقول كلمة حق بصراحة، من منطلقات علمية وموضوعية بعيدة عن العواطف  او الدوافع الشعبوية.
من خلال معلوماتي الاقتصادية المتواضعة ، ادرك ان صندوق النقد الدولي ، يتدخل بطريقة مباشرة او غير مباشرة ، في السياسات الاقتصادية للدول النامية ،والدول المتعثرة ،  وليس من الحكمة رفض كل مطالب البنك الدولي التصحيحية ، لأن العواقب ستكون كارثية ، في حين ان الحكومات الذكية تقوم بالمناورة ، بين اخذ ورد ، وشدّ ورخي ، للوصول الى منتصف الطريق ، فلا رفض مطلق ، ولا استجابة عمياء .
في هذا السياق ،نقول صراحة ، اعتماد الحكومة على جيب المواطن لسد (عجوزاتها) سياسة غير مقبولة، اذن ، لا بد من البحث عن وسائل واجراءات ناجعة لمعالجة العجز؛ فمثلا ثمة من يقول لا بد من تخفيض الرواتب العالية في القطاع العام بحيث لا تتجاوز رواتب الوزراء، كما يتوجب وقف الهدر في كل القطاعات الحكومية، وتخفيض الانفاق بكل اشكاله، لا سيما فيما يتعلق بالسفر والمياومات والمكافآت، اضف الى ذلك ما يقال عن شراء السيارات الفارهة لكبار المسؤولين والاثات الفاخر لمكاتب المتنفذين وغيرها من مظاهر (الفشخرة) الجوفاء.