المعركة من أجل تكريت: إشراك الميليشيات الشيعية قد يكون إشكالياً

ميليشيات عراقية مشاركة في تحرير تكريت - (أرشيفية)
ميليشيات عراقية مشاركة في تحرير تكريت - (أرشيفية)

آرثر برايت — (كريستيان سينس مونيتور)

 ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

2/3/2015
العراق يهاجم تكريت من الشمال والجنوب في أكبر هجوم مضاد تشنه قواته ضد "الدولة الإسلامية". لكن استخدام الميليشيات الشيعية في هذا الهجوم ربما يصنع وضعاً إشكالياً.
وكانت الحكومة العراقية قد قالت في بيان لها أن العراق شن يوم الاثنين أكبر هجوم مضاد يشنه حتى الآن ضد مجموعة "الدولة الإسلامية" المعلنة ذاتياً، وذلك في إطار جهد يرمي إلى استعادة مدينة تكريت من قبضة المجموعة. لكنه في الوقت الذي تظل فيه هذه الخطوة ضرورية من الناحية العسكرية، فإنها تنطوي ضمنياً على مخاطرة بإلحاق مزيد من الضرر الذي سيصيب الانقسام الطائفي السائد في العراق، حيث تشكل الميليشيات الشيعية العمود الفقري للحملة العسكرية في المنطقة السنية في سوادها الأعظم.
يقوم العراق بإرسال ما يقارب 30.000 جندي، والذين يتكونون بشكل رئيسي من ميليشيات شيعية متطوعة، تدعم قوات الجيش العراقي بهدف استعادة تكريت التي كانت قد سقطت بيد قوات الدولة الإسلامية "داعش" في حزيران (يونيو) الماضي. وكان قد أعلن عن الهجوم المضاد أصلاً يوم الأحد، خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لمدينة سامراء التي تسيطر عليها الحكومة، والتي تبعد حوالي 25 ميلاً إلى الجنوب من تكريت.
وفي تقرير لها، ذكرت شبكة فرانس 24 التلفزيونية الفرنسية أن الجيش العراقي يهاجم تكريت من الشمال والجنوب على حد سواء. وقد بدأت قاعدة عسكرية تسيطر عليها الحكومة وتقع إلى الشمال من تكريت في قصف المدينة يوم الاثنين، بينما بدأت قوة أخرى في التحرك صعوداً من سامراء في اتجاه بلدة الدور، التي تشكل معقلاً حصيناً تابعاً لتنظيم "الدولة الإسلامية" في أطراف تكريت. ويحظى الهجوم المضاد بدعم جوي من الحكومة العراقية. ومن جهتها، تشير صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي دأب على قصف مواقع "الدولة الإسلامية" منذ شهر آب (أغسطس) قد انخرط في دعم الهجوم المضاد.
وتذكر الصحيفة أيضاً أن تكريت تعتبر من الناحية العسكرية مدخلاً إلى الهدف الرئيس: الهجوم من أجل استعادة الموصل، المدينة العراقية الشمالية التي أصبحت عاصمة الأمر الواقع للأراضي التي تسيطر عليها مجموعة "الدولة الإسلامية" في العراق. وتشكل الموصل ثانية كبريات المدن العراقية. وكانت قد سقطت بيد قوات "الدولة الإسلامية" في حزيران (يونيو) الماضي. وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" في معرض تعليقها على الأحداث: "يعني تحقيق النجاح في تكريت الدفع بالبرنامج الزمني لحملة الموصل". وتضيف الصحيفة: "بينما سيعني الفشل في هذه الحملة المزيد من التأخير على الأغلب".
في الأثناء، يبدو الجيش الأميركي منقسماً حول تحديد الوقت الذي سيكون فيه الجيش العراقي —الذي انهار في الصيف الماضي أمام هجمة "الدولة الإسلامية"- مستعداً لشن الهجوم المضاد في الموصل أو في محافظة الأنبار في غرب البلد، والتي تقع أيضاً تحت سيطرة المتشددين.
في الأسابيع الأخيرة، اقترح بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين أنه قد يكون من الممكن بدء هجوم مضاد على الموصل في نيسان (أبريل) المقبل. لكن الاقتراح أغضب المسؤولين العراقيين الذين يعارضون إملاء الأميركيين برنامجاً زمنياً على الجيش العراقي، كما يعترضون على نشر أي خطط عسكرية مسبقاً على الملأ. وأشارت تقارير إخبارية أحدث إلى أن مسؤولين أميركيين آخرين يعتقدون أن الجيش العراقي غير مستعد لشن هجوم مضاد في الموصل خلال وقت قريب، وأن ذلك الهجوم قد لا يبدأ فعلياً قبل الخريف المقبل.
بغض النظر عن تداعيات حملة الموصل، فإنه يمكن أن يكون لعملية تكريت أثر كبير على الانقسامات الطائفية في العراق. وتعد تكريت، مكان ولادة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، مدينة سنية بشدة. وعندما سقطت في أيدي "الدولة الإسلامية" في العام الماضي، تلقى المتشددون من الجموعة الدعم من المليشيات السنية في المدينة، والتي كان أفرادها يشعرون بالحنق من حكومة رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، الشيعية غير المتهاودة. ومع أنه تم استبدال السيد المالكي في نهاية المطاف بالسيد العبادي الذي قبل علناً بمطالب الحكومة الأميركية بتشكيل قيادة عراقية أكثر شمولية، فإن العديد من السنة العراقيين ما يزالون متشككين في نوايا الحكومة الشيعية التي ما تزال قوية.
كان العبادي، المنهمك في التحضير للهجوم المضاد على تكريت، قد عرض تقديم عفو عام عن أي مجموعة سنية كانت قد دعمت "الدولة الإسلامية" إذا تخلت عن دعم المتشددين الآن. وقال في سامراء يوم الأحد الماضي: "إنني  أدعو كل أولئك الذين تم التغرير بهم أو ارتكبوا خطأ إلى إلقاء الأسلحة والانضمام إلى شعبهم وقواتهم الأمنية من أجل تحرير مدنهم." وأضاف أن هذه الدعوة تشكل "الفرصة الأخيرة" للمتشددين السنة للتراجع قبل "إعادة" المدينة لسكانها، كما نقلت عنه وكالة الأسوشيتدبرس.
لكن قوات الحكومة التي تهاجم تكريت ومنطقة صلاح الدين المحيطة بها تتكون بشكل رئيسي من "آلاف المقاتلين الشيعة الذين تم جلبهم من طائفة من المليشيات التي أعيدت تسميتها تحت اسم "الحشد الشعبي"، كما كتب ديفيد بلير في صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية. ويعتقد بلير أن من شأن هذا الواقع أن يرفع من سوية المخاطر في تكريت، حتى أكثر من المخاطر العسكرية.
أولاً وفي المقدمة، قد تعمد الوحدات الشيعية إلى الاحتفاظ بأي أراضٍ تستعيدها من "الدولة الإسلامية". وحتى لو احتفظوا بهذه الأرض، فإن مجرد تواجدهم قد يخدم غاية تعميق تهميش المواطنين السنة في محافظة صلاح الدين.
لن تساعد الحقيقة التي تقول أن بعض المقاتلين الشيعة متهمون بالولاء لإيران سير الأمور، خاصة وأن الجنرال قاسم سليماني، الشخصية الرفيعة في الحرس الثوري الإيراني، يساعد صراحة في التخطيط لهذه الحملة. ويكتب بلير قائلاً في الغضون: "إن الناس المحليين قد لا يرون في المليشيات الشيعية –محررين- حتى ولو نجحوا في طرد المتشددين".
 لكن بغداد تتوافر، في الأثناء، على القليل من الخيارات الأخرى إذا أرادت طرد "داعش" قبل أن تتعمق أكثر في داخل تكريت، خاصة وأن قواتها الخاصة غير مستعدة لدخول المدينة من تلقاء نفسها.
ويتساءل بلير: "أي خيار سيكون أفضل: الانتظار حتى يصبح الجيش مستعداً -وإتاحة المجال أمام داعش لتشديد قبضتها على شمالي العراق؟ أم الضرب بسرعة، حتى لو عنى الأمر التعويل على المليشيات الشيعية؟" ويضيف: "تبدو الحكومة العراقية وأنها قد استقرت على الخيار الأخير. لكن هذا المسار سيكون محفوفاً بالمخاطر."
[email protected]

اضافة اعلان


*نشر هذا التقرير تحت عنوان:Battle for Tikrit: To recapture Sunni city, Iraq sends mostly Shiite force