المعلومات والقرارات المتعلقة بوباء كورونا

في كل حدث عابر أو مستوطن يمر به العالم، تزداد حقيقة أنّ المعلومات هي طوق النجاة نحو التعامل المنهجي والديناميكي في آن واحد مع أي معطيات أو أحداث تطفو على أرض الواقع.اضافة اعلان
وباء كورونا المستجد كان درسا معززا آخر بأن المعلومات وشفافيتها وانسيابيتها هي السبيل نحو خطط منتجة، وقرار يصنع تشاركيا وبحضور الأطراف المعنية كافة، خاصة أولئك المتأثرين به والمتضررين من أي سياسات أو خطط، لا بل انهم الميدان الذي يتم اختبار القرارات والبرامج من خلاله.
تزامنا مع جائحة كورونا، أطلق مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان جملة من المبادئ التوجيهية حول التعاطي مع وباء كورونا في سياق حقوق الإنسان، كان أبرزها المبادئ التوجيهية حول قضية المعلومات ومشاركتها والسياقات التي تشكل تهديدا لحقوق الإنسان في حال غياب المعلومات عن الأفراد أو نقصها أو غياب الشفافية في مضامينها. وقد عكست هذه المبادئ في العديد من جوانبها مخاوفا وقلقا متزايدا مما شهدته دول العالم من ممارسات قامت على فكرة انتفاء العديد من الحقوق والحريات في زمن كورونا، وأن تغييب المعلومة والتفرد بالقرار هو من متطلبات الجائحة.
أربع قضايا جوهرية شكلت العصب النابض للمبادئ المتعلقة بالمعلومات والمشاركة في ظل انتشار وباء كورونا المستجد، تمثلت في الآتي:
أولا: ضرورة مشاركة الأفراد في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم في ظل انتشار الوباء اعمالا لحق الأفراد في المشاركة العامة؛ فالانفتاح والشفافية هما المفتاح لضمان مشاركة الأفراد في التدابير المتخذة لحماية صحتهم، فالقرارات التي يساهم في وضعها الأفراد يقبلون على الالتزام بها بصورة أكبر.
ثانيًا: ضرورة أن يتمتع الاختصاصيون من الأطباء والخبراء المعنيين بالقدرة على التعبير عن آرائهم في مناخ من الحرية والانفتاح دون خوف أو وجل، وأن يتم تبادل المعلومات على اطار واسع وصولا إلى أفضل الخيارات المتاحة لغايات تطبيقها على أرض الواقع للحد من الوباء.
ثالثًا: ان يتمكن الصحفيون ووسائل الإعلام عامة من اعداد تقارير متخصصة عن الوباء، بما في ذلك التقارير المنتقدة لأداء الحكومات المتعلقة بالاستجابة للوباء بدون خوف أيضا وبمنأى عن أي رقابة. وفي السياق ذاته أكدت المبادئ على ضرورة تضافر الجهود على الصعيدين الدولي والوطنيّ لمكافحة المعلومات الكاذبة والمضللة حول الوباء التي تثير الخوف والفزع في نفوس الأفراد.
رابعا: على الدول ضمان وصول الإنترنت على أوسع نطاق؛ ذلك أنّ الوصول إلى الشبكة العالمية للمعلومات أمر حتمي ولازم لتزويد الأفراد بالمعلومات المتعلقة بالوباء، وفي الوقت ذاته هو ضرورة لازمة لمشاركة الأفراد في صناعة القرار واطلاعهم على ما يدور من أحداث وآليات اتخاذ القرارات ليتمكنوا من تشكيل المواقف والآراء والقيام بدورهم في عملية الرقابة.
دون الالتفات لهذه المبادئ ستبقى مجابهة الوباء تفتقر لأطر الشفافية التي تقود إلى قرارات تحاكي الأفراد وتطلعاتهم ومخاوفهم وتجعلهم شركاء في صنعه، وفي الوقت ذاته تؤدي الغرض المنشود من اصدارها.