في أقل من أسبوع يزور الملك محافظتين، فبعد الطفيلة كان اللقاء أمس في المفرق، عبر جهد تواصلي بين القائد وشعبه قل نظيره. المفرق بدت كأهلها طيبة معطاءة منتمية لهذا الوطن الكبير وقيادته، وكأي حاضرة أردنية تزينت بقدوم الملك ونثرت فرحها على جنبات الطرق وبوابات الدور ونوافذها.
من حيث البرامج والصفات، تبدو الزيارة الملكية للمفرق مشابهة لغيرها من مناطق الوطن الحبيب، كلمة للمحافظ وأخرى لرئيس الحكومة وفصل القول أتى في كلام صاحب الجلالة، وفي كل محافظة تتشابه الحاجات والمطالب والأولويات، وغالبها ينحصر في تطوير قدرات محافظة المفرق في قطاع الخدمات وبخاصة الصحة والتعليم.
لكن اللافت في زيارات الملك أنها غالبا ما تنظم في الجامعات، التي توفر بنية تحتية مناسبة لمثل ذلك اللقاء، ولكن على هذه الجامعات مسؤوليات كبيرة في ضرورة ان تقدم خدمات حقيقية لمجتمعاتها المحلية، عبر المسوح الاجتماعية والاقتصادية التي تجريها مراكز البحوث فيها، وهذا للأسف لا يتم ولا تجد الجامعات أهمية فيه، وإن جرى في بعضها فإنه لا يلقى الاهتمام الكافي.
في المفرق؛ تحدث الملك عن المستقبل الذي ينتظر المفرق، عن التنمية، والاستثمار الذي بدأت مدينة الملك الحسين تستقبله، وبلغت قيمته حتى الآن نحو مائة وثلاثين مليون دينار، وفي قابل الأيام ألمح الملك إلى أن المفرق ستكون نواة لمجتمع اقتصادي معاصر.
المشاريع المقبلة في المفرق ستكون مؤثرة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ولعل ابرزها في مشاريع الربط الحديدي بين الأردن وسورية، إضافة إلى مشاريع المياه المشتركة والتي يجهد الملك على تحقيقها.
الملفت في زيارات الملك للأطراف هو التواصل الطيب الذي يشاهده من يرافق الملك، أكثر من شخص ينادون بقولهم "سيدي أبو حسين بدنا نحكي معك"، ويستجيب الملك ويوجه المعنيين إلى ضرورة تحديد مواعيد للناس للقائهم. يحدث ذلك في لحظة السلام على الملك وفي حال خروجه من القاعة، حدث ذلك أمس في المفرق، وحين تجد الاستجابة من الملك للناس، تعذر الخلق في رغباتهم لأنهم لا يجدون فاصلا بينهم وبين صاحب الأمر الذي يبادلهم الود والمحبة والفرح بوجوده بينهم.
تلك المواقف لا تحدث كثيرا للناس مع ملوكهم، ففي اقل من أسبوع بين الطفيلة والمفرق، شاهدنا مواقف نادرة في التواصل والمحبة والوفاء والتواضع، لذا على كل مسؤول أن يتعلم مهارة الإصغاء لحاجات الناس أسوة بما يفعل صاحب الجلالة.
