المقارنة.. خطأ شائع يقع به الآباء ويدفع ثمنه الأبناء

نادين النمري عمان - حذرت مستشارة منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اخصائية الطفولة والارشاد الوالدي سيرسا قورشة استخدام الأهل أسلوب مقارنة أطفالهم بالأطفال الآخرين، لما في ذلك من أثر سلبي ينعكس على الطفل في الحاضر وأيضا في المستقبل. وخلال الحلقة التي بثت السبت الماضي على صفحة "الغد" على موقع فيسبوك، والتي حملت عنوان "التمييز بين الأطفال" ضمن برنامج "أسرة لايف" والذي تبثه "الغد" بالشراكة مع منظمة اليونيسف قدمت شرحا عن السلبيات الناجمة عن المقارنة بين الأطفال والتمييز بينهم، واستراتيجيات للأهل حتى يتجنبوا هذا النوع من الممارسات. وأوضحت قورشة أن المقارنة والتمييز بين الأبناء من أكثر الممارسات شيوعا، وأن كانت في كثير من الأحيان من دون قصد. وتابعت، هذا السلوك غير المقصود غالبا يتنافى مع مهمتنا كأهل وعاملين مع الأطفال، فدور الأهل يتضمن توفير الحماية لأطفالهم، وتشجيعهم ودعم الخصائص الفردية المميزة لكل طفل. وتابعت "الواقع أن كل طفل مميز من جهة نقاط القوة أو نقاط الضعف لديه، والأصل أن يعمل الأهل على تعزيز نقاط القوة وتشجيع الطفل على مواجهة وكشف نقاط ضعفه للعمل عليها، وتحسينها دون وضعه في موقف مقارنة بينه وبين أي شخص آخر". وتبين أن اسوأ ما في المقارنة أنه تعطي ابنك القناعة أن حبك له مشروط، وانه دون تحقيق هذه المتطلبات المعينة فإنه لن يكون مقدرا أو محبوبا بالنسبة للأهل، وهذا بحد ذاته يسبب توتر وقلق كبير للطفل. وتتابع "أكثر ما نلمس هذه المقارنات في العائلات الممتدة، مقارنة بين الطفل وأبناء عمه أو زميله في المدرسة، هذا يضع الطفل في توتر عال، وله تأثيرات سلبية على نفسية الطفل". وتزيد "المقارنة تتسبب بعدم مراعاة القدرات، وإشعار الطفل بأن لديه نقص، أو أنه غير محبوب". وتزيد "هذا السلوك من المقارنة، وما يتبعه من شعور بالحب والتقبل المشروط له تداعيات على التطور السليم للطفل، كما يؤثر على التطور العاطفي والاجتماعي للطفل". وتضيف "عندما يتعرض الطفل للمقارنة يبقى مترددا بإتخاذ القرارات، بسبب الخوف من الفشل والخوف من المقارنة بالآخرين، كما تفقده ثقته بنفسه، بالإضافة أن المقارنة تخلق غيرة سلبية بين الأطفال، خصوصا بين الاخوة". وتتابع "نحن كبالغين نرفض أن تتم مقارتنا بالآخرين في مجالات العمل أو أي مجال آخر، بالتالي من الطبيعي أن يكون لدى الطفل نفس المشاعر في رفض مقارنته بأحد". وتلفت قورشة الى أن الدراسات أثبتت أن الأطفال الذين يشعروا بأنهم يتعرضون للانتقاد المستمر من الأهل يكونون أقل نجاحا في حياتهم مستقبلا. ولتجنب سلوك التمييز أو المقارنة بين الأبناء، تدعو قورشة الأهل إلى ممارسة رقابة ووعي ذاتي على سلوكياتهم مع أبناءهم، وفي حال شعر الأهل انهم قد قارنوا أبناءهم، فمن المفضل أن يعتذر الأهل لابناءهم عن هذا السلوك. وتبين "اعتذار الأهل للأبناء يقدم رسالة تربوية للأطفال أنه من الجيد أن اعتذر وأن أتراجع عن خطأي وأصحح هذا الخطأ". ومن الاستراتيجيات الأخرى التي اقترحتها قورشة محاولة الأهل التركيز على ميزات ونقاط القوة لدى الطفل، مثلا بدلا من التركيز فقط على القدرات الاكاديمية، النظر الى المهارات الأخرى لديهم كالذكاء الاجتماعي، المهارات الفنية والرياضية أو مهارات الحاسوب، اكتشاف مواهب الطفل وتعزيزها بما يعزز ثقته بنفسه، وفي ذات الوقت العمل على معالجة نقاط الضعف دون مقارنة مع أي شخص. وتتابع، مثلا بدل من أن نقول لماذا لم تحصل على علامة كاملة في الامتحان مثل زميلك الفلاني، نقول له حسنا هل أعاقك شيء عن تحقيق العلامة التي كنت تأملها، أو لقد درست لهذا الامتحان جيدا، ما السبب وراء عدم قدرتك على الإجابة، نستطيع أن نعمل معا لتحقيق نتيجة أفضل المرة المقبلة. تحذر قورشة كذلك من أن يربط الأهل بين إنجازاتهم وإنجازات أبنائهم، وتبين "بعض الأهالي يرغبون أن يكون أطفالهم نسخة عنهم، وهذا غير منطقي، فأطفالنا وأن كنا من أنجنبهم الى حياة، لكنهم أشخاص مختلفين بقدرات واهتمامات مختلفة كما أنهم ولدوا في زمن مختلف، وهنا الحاجة أن نعمل على قدراتهم وننميها، وليس أن نعتبرهم جزءا من إنجازتنا. وبرنامج "أسرة لايف"، المتخصص بقضايا التنشئة وأساليب التربية الوالدية الإيجابية، يبث على صفحة "الغد"، وذلك ضمن شراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" ثم ينشر لاحقا في الصحيفة الورقية، مرفقا بـ "فيديو"، ويعرض كامل الحلقة وينشر على الموقع الإلكتروني لـ "الغد". ويأتي برنامج "أسرة لايف"، الذي تعده وتقدمه في موسمه الثاني اخصائية الطفولة والارشاد الوالدي سيرسا قورشة، ثمرة تعاون بين "الغد" و"اليونيسف"، ويسعى الى رفع الوعي المجتمعي، وكذلك وعي أولياء الأمور بأساليب الوالدية الإيجابية والتنبيه من الآثار السلبية للعنف الواقع على الأطفال، وذلك دعما لتطبيق الخطة الوطنية للحد من العنف ضد الأطفال. وتقدم "اليونيسف" الدعم الفني والإرشادي للبرنامج الذي يستمر لمدة عام. ويسلط "أسرة لايف" الضوء على الأثر السلبي للعنف كوسيلة للتأديب، كما يقدم معلومات حول أساليب التربية الصحيحة وكيفية التعامل مع التحديات التي يواجهها أولياء الأمور في تنشئة أبنائهم منذ مرحلة الطفولة المبكرة وحتى فترة المراهقة، فضلا عن أنه يوفر مساحة للأطفال وأهاليهم وطرح أسئلتهم عن التحديات التي يواجهونها.اضافة اعلان