المقاطعة أو التصويت.. خيارات غير محسومة

مع قرب موعد الانتخابات يطل المرشحون على الناخبين بتسجيلات وشعارات كثيرة يمكن أن تجمعها وتهديها كدستور جديد للمدينة الفاضلة التي نحلم بها جميعا. من بين الشعارات التي استوقفتني وجلبت انتباهي تلك التي تتحدث عن «القوي الأمين». لا أعرف بالضبط معنى القوة التي يقصدها أصحاب الشعار وهل هناك ميدان للقوة؟ أهي القوة البدنية أم قوة الصراخ أم الحركات اللولبية وسط الدوائر والمؤسسات لاغتصاب حقوق المواطنين وإعطائها للأقارب والأزلام والأتباع والمريدين أم ماذا؟. في دولة القانون والمؤسسات القوة لا تعني أن تدخل في عشرات المشاجرات ولا أن تأتي إلى المجلس بمسدس أو بندقية، أو أن تشتم رئيس الحكومة أو تتوعد الآخرين بأن يلاقوك خارج القبة. القوة التي نريد هي قوة الأخلاق وقوة الموقف وصحوة الضمائر والبعد عن التلاعب والتوقف عن التشبيك مع ألف جهة، وعدم استخدام السلطة الممنوحة للنائب لتخليص المجرمين ولا للترافع عنهم، وعدم رفع الشعارات التي يعرف المترشح والناخب أنها لا تتحقق، وأن لا يسجل النائب سبقا في التهجم والمزاودة ويقدم نفسه كسلطة يمكن أن تنحاز لمن يريد أن يستخدمها. في العرف السياسي والبرلماني للنائب لون واحد ومسار ومواقف تنسجم مع هذا اللون، فهو إما محافظ يريد تمتين وتجويد ما هو قائم من تشريعات وسياسات وبرامج، أو أنه يطالب بالتغيير على اعتبار أن في ذلك خيرا لقواعده ومن يمثلهم. لا أفهم كيف يقفز بعض النواب من اتجاه إلى اتجاه، أو كيف يقولون أشياء ويفعلون أشياء أخرى؟ ولماذا يحرص البعض على تضليل الناس بادعاءات يعرفون جيدا أنهم غير قادرين على تنفيذها أو الوفاء بها. الاستمرار في استغلال حاجات الناس ويأسهم والتلويح بقدرتهم على توفير الخلاص وإغراء الآخرين من خلال أبواق الدعاية التي يغرسونها في الأوساط والبيئات التي يتحركون فيها مظهر من مظاهر التشوه الذي لم تطله الهندسة السياسية التي تجري للمشهد المحلي من وقت لآخر. في الأحياء الشعبية وفي كثير من مجتمعاتنا وأحيائنا أصبح سماسرة الانتخابات يتجولون بقوائم الأسماء التي يجري بيعها على المترشحين بوساطة المئات من الأشخاص الذين أصبحوا الحلقة الوسيطة بين المترشح والناخب يتحدثون وفي محافظهم قوائم أسماء وأرقام وطنية ومسودات لصكوك يقسمون أغلظ الأيمان على أنهم مفوضون للحديث باسمهم والقبض والتصرف ويضمنون نقلهم وتصويتهم.اضافة اعلان