الملف الاقتصاديّ في مباحثات الملك..

*نتائج غير مسبوقة واختراق إيجابي في زيادة المساعدات الأمريكيّة الاعتيادية السنوية إلى 1.65 مليار دولار

اضافة اعلان

* دراسة الطلب الأردني بالحصول على إستثناءات من قانون قيصر مع سوريا

* دعم أمريكي مباشر لمشروع المياه " الناقل الوطنيّ" ، ودراسة تحويل مخصصات دعم قناة البحرين سابقا للمشرع وتوفير مساعدات إضافية له لتقليل كلفه الاجمالية على المملكة

* دعم مباشر للاقتصاد والقطاعات المشغّلة للمرأة والشباب توفير مساعدات فنية وإدارية لتطوير خدمات القطاع العام

* طلب أردني بتخفيض الرسوم الجمركيّة وإزالة العقبات أمام انسياب السلع الوطنيّة ودخولها للسوق الأمريكيّة مثل منتجات الصناعات الغذائية والزراعية والحديد والالمنيوم

* دراسة فكرة تأسيس صناديق لدعم المشاريع والقطاعات الاقتصاديّة الريادية

سلامة الدرعاوي الكثير من المراقبين الدوليين والمحليين والسياسيين وصفوا زيارة الملك لأمريكا بإنها تطوّر سياسي كبير تحديدا في هذا الوقت، وإعادة تموضع للمكانة والدور الأردنيّ في المنطقة. لكن التطوّر السياسي لم يكن هو الوحيد على أجندة مباحثات الملك مع الإدارة الأمريكية على مختلف مستوياتها، بل ان هناك اختراق إيجابي كبير حصل على الصعيد الاقتصاديّ الذي ترجم من خلال مقولة الرئيس الأمريكيّ للملك مباشرة :" لو كنت مكاني كيف ستساعد الاردن ". هذه العبارة تعطي دلالة مهمة على مدى الدعم الأمريكي للمملكة، وإصرار الرئيس بايدن على تقديم كُلّ أشكال الدعم المتاحة للملك، وتقديم يد العون للأردن الذي يحظى بمكانة خاصة لدى النظام السياسيّ الأمريكي، حيث ظهرت بوادر الانفتاح الكامل للدعم الاقتصاديّ الأمريكي للأردن في مباحثاث الملك مع الادارة الأمريكية وكبار مسؤوليها. الاختراق الإيجابي على صعيد الملف الاقتصاديّ ظهر بشكل واضح في عدة محاور رئيسيّة هي كالآتي: أولًا: ملف المساعدات الأمريكية الاعتيادية للمملكة والتي تبلغ قيمتها السنوية 1.275 مليار دولار، ضمن مذكرة تفاهم مدتها خمس سنوات تنتهي في شهر نيسان العام المقبل، تم أخذ الضوء الأخضر للبدء بمفاوضات جديدة لزيادتها إلى 1.65مليار دولار في إطار مذكرة تفاهم جديدة مدتها ما بين (7-10) سنوات، وهذا المساعدات الاعتيادية غير المساعدات الإضافية او الاستثنائية التي يحصل الأردن عليها خارج إطار مذكرة التفاهم بين البلدين والتي تتجاوز قيمتها ال300 مليون دولار في بعض الفترات، والتطوّر الأخر في هذا الملف تحديداً هو التفاوض على تثبيت رقم الدعم المباشر للموازنة من المساعدات الاعتيادية الأمريكيّة بقيمة 840 مليون دولار في العام، وبهذا تكون المملكة ثالث أكبر متلقي للمساعدات الأمريكيّة في العالم. ثانيا: قانون قيصر الأمريكي الذي فرض عقوبات مشددة على التعاملات الاقتصادية مع النظام السوري، حيث حمل الملك هذا الملف الأهم في مباحثاته مع الإدارة الامريكيّة من ناحية ضرورة ان يحصل الأردن على استثناءات من هذا القانون الذي يلحق أذى اقتصاديّ بالأردن والتعاملات الاقتصاديّة مع سوريا، فالأردن المستضيف الأكبر للاجئين في العالم يعاني من ضغوطات اقتصاديّة كبيرة نتيجة هذه الاستضافة "القسرية"، ليأتي أيضا قانون قيصر ويزيد من هذه الاعباء والتحديات على الخزينة العامة للدولة والتي تعاني أصلا من عجز مزمن يتجاوز المليارين دولار قبل المساعدات في بعض الفترات، والطلب الملكي لدى الإدارة الأمريكية لقى آذاناً صاغية واهتماما كبيراً، حيث يجري دراسة الطلب وكيفية منح الأردن لهذه الاستثناءات لمساعدته اقتصاديّاً على تجاوز تداعيات الوضع الإقليمي المضطرب في المنطقة، وستكون قطاعات اقتصاديّة أردنيّة تمتلك فرصاً كبيرة للمشاركة في هذا الاختراق الاقتصاديّ الإيجابي مثل الطيران وفرصة الملكية الأردنيّة للعب دور مهم في الساحة الجوية السورية من حيث نقل الركاب والشحن، إضافة لقطاعات صناعيّة تمتلك حضوراً وفرصا للدخول للسوق السوريّة المتعطشة للكثير من السلع والخدمات مثل الصناعات الغذائية والدوائية والإنشائية وخدمات النقل البري والخبرات الصحية الأردنيّة، مما سيساهم بلاشك في زيادة الصادرات الوطنيّة إلى هناك إلى اكثر 300 مليون دولار في مراحلها الأولى. ثالثا: مشروع الناقل الوطنيّ، والذي يعتبر احد أكبر وأهم المشاريع الحيوية للدولة الأردنيّة في المرحلة المقبلة، فالأردن يعد من أفقر عشرة دول في العالم في المياه، وهذا المشروع الذي تأخرت الحكومات كثيراً في السير فيه بات ضرورة ملحة ولا يمكن التأخير أكثر من ذلك، والكلفة الإجمالية تصل إلى 2.4 مليار دولار على أقل تقدير، وستقوم الحكومة في شهر تشرين أول المقبل بتسليم وثائق العطاء الدولي لسبع ائتلافات استثماريّة عالميّة لدراستها واعطائهم مهلة سبعة شهور لتقديم عروضهم الفنية، ليتم بعدها التفاوض على اشكال التمويل والتي تعتبر المرحلة الأكثر "حساسية اقتصاديّة" في المشروع الاستراتيجيّ للدولة. الدعم الأمريكي لمشروع الناقل الوطنيّ أمر في غاية الأهمية فالدعم الأمريكي لا يقتصر على تقديم المساعدات الفنية والماليّة للمشروع، وإنما في دعم الموقف الأردنيّ لتفيذه بالسرعة الممكنة وإزالة أية عقبات سياسية قد تظهر من بعض دول الجوار حول المشروع. الدعم الاقتصاديّ الأمريكيّ للناقل الوطنيّ سيترجم بعد الموافقة المبدئية على تحويل مبلغ 100 مليون دولار كانت الإدارات الأمريكيّة السابقة خصصتها كدعم مبدئي لمشروع قناة البحرين الذي لم يعد الآن قابلاً للتنفيذ لأسباب سياسيّة بحتة، ويحرص الأردن في هذا المجال أيضا على الحصول على دعم إضافي لمشروع الناقل الوطنيّ من أجل تقليل كلفه التمويليّة على الاقتصاد الوطنيّ، وإيجاد منافذ تمويليّة جديدة بأسعار فائدة منخفضة، مما سيعزز مكاسب الاقتصاد الوطنيّ ويدعم استقراره التنمويّ. رابعا: دعم القطاع الخاص والخروج بمبادرات اقتصاديّة لدعم القطاع الخاص الأردني ومساعدته على النهوض والخروج من تداعيات كورونا والاستفادة من مبادرات التعافي الاقتصاديّ المطروحة لدى مؤسسات التمويل الأمريكية المختلفة، حيث وضع الملك أمام مسؤولي الإدارة الأمريكيّة والمؤسسات الدوليّة ملف دعم القطاع الخاص الأردنيّ باتجاهين، الأول متعلق بفتح الأسواق الأمريكية أمام عدد من السلع الوطنيّة وإزالة العقبات خاصة الجمركية التي تقف أمام انسيابها، والسلع متنوعة مثل الحيوانية والزراعية والحديد والصلب والالمنيوم ومنتجاتهم المختلفة والألواح وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، مما يشكّل فرصة كبيرة للصناعات والمنتجات الوطنيّة لاختراق أكبر الأسواق العالميّة وحصولها على ميزات غير عادية، والاتجاه الثاني متعلق بدعم فكرة انشاء صناديق ريادية لدعم القطاعات الواعدة مثل تكنولوجيا المعلومات على سبيل المثال لا الحصر، مما سيساهم في زيادة الصادرات الوطنيّة لتلك القطاعات التي ستحظى بفرص تمويل ودعم أمريكي. خامسا: دعم الاقتصاد الوطنيّ وتقديم المساعدات الماليّة والفنية التي تمكن من تعزيز تشغيل المرأة وحضورها في المشهد الاقتصاديّ في البلاد، وتوفير الحوافز والتسهيلات التي تمكّن القطاعات الاقتصاديّة من خلق فرص عمل للمرأة وتمكينها في الدخول في بيئة العمال والأنشطة الاقتصاديّة من جهة والشباب من جهة أخرى، مما يساهم في دعم الجهود الرسميّة في مكافحة البطالة التي وصلت لمستويات قياسية غير مسبوقة (25%) منها (50%) بين صفوف الشباب، فالمباحثات الملكية مع عدد من مؤسسات التمويل والتطوير الأمريكية على توفير المظلة الماليّة المناسبة التي تمكّن المرأة والشباب من زيادة حصتهما التشغيليّة في الاقتصاد الوطنيّ. سادساً: دعم أمريكي لتطوير الإدارات المحليّة في القطاع العام وتعزيز الخدمات المقدمة للشّارع والقطاع الخاص معاً، والاستفادة من الخبرات الأمريكية في تطوير الخدمة الإدارية العامة، والتي مع كُلّ اسف تشكّل اليوم أرقاً لدى راسم السياسات الاقتصاديّة نتيجة التراجع الكبير في مستويات الخدمة العامة المحليّة والتي كانت في السابق تضاهي نظيراتها في دول المنطقة. سابعا: الموقف الأمريكيّ السياسيّ والاقتصاديّ الداعم للأردن، وإظهار حالة التصميم والانفتاح الأمريكيّ لتقديم كافة أشكال المساعدات للمملكة، سيعزز بلا شك حضور وموقع الأردن مع المؤسسات الاقتصاديّة الدوليّة وعلى رأسهما صندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسات الائتمان الدوليّة والتي يرتبط الأردن معها باتفاقيات تعاون وبرامج عمل مختلفة، مما سيزيد من الاشتباك الإيجابي معها لتعزز عمليات الإصلاح الاقتصاديّ ودعم إزالة التشوّهات والاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد خاصة على الصعيد الماليّة العامة وتحدياتها المختلفة، ودعم جهود التعافي من جائحة كورونا. الدعم الأمريكي للأردن أمر استراتيجي لا يمكن الاستغناء عنه خاصة في ظل "الحصار الاقتصادي" غير المباشر الذي يعاني منه الأردن من الجوار، والمطلوب من الحكومة هو إعداد ترتيب البيت الاقتصاديّ الداخلي والتشارك مع القطاع الخاص، لتوظيف الحالة السياسيّة الإيجابيّة التي خلقها الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الأمريكيّ بايدن ومسؤولي إدارته في الوقت الراهن، والاستفادة من هذا الاقتصاد الكبير الذي يسيطر على العالم وعلى القرار الاقتصاديّ الدوليّ. @SalamahDarawi