الملقي والنواب يتقلبون على نار الأوضاع الاقتصادية بحثا عن خلاص

رئيس الوزراء هاني الملقي خلال لقائه بمجلس النواب الثلاثاء الماضي كتلة الإصلاح النيابية -(بترا)
رئيس الوزراء هاني الملقي خلال لقائه بمجلس النواب الثلاثاء الماضي كتلة الإصلاح النيابية -(بترا)

جهاد المنسي

عمان- يوشك رئيس الوزراء هاني الملقي على إنهاء لقاءاته ومشاوراته مع الكتل النيابية بعد لقائه مؤخرا خمسا منها ولم يتبق امامه سوى واحدة ونواب مستقلين، وسط ترجيحات باختتام هذه اللقاءات قبل بدء الدورة العادية الثانية لمجلس الامة الثامن عشر، والتي تبدأ في الثاني عشر الشهر الحالي.اضافة اعلان
لقاءات الرئيس الخمسة، لم تختلف في مضامينها، اذ جرى التركيز على الجانب الاقتصادي والمرحلة المقبلة، لا سيما برنامج التصحيح الاقتصادي الذي تعتزم الحكومة تنفيذه.
ويأتي ذلك في نطاق حرص الرئيس وفريقه الوزاري على التأكيد على ان اجراءات المنعة الاقتصادية، تحتاج لطرفي المعادلة: انضباط مالي وسياسة مالية حازمة، ونمو اقتصادي عبر تحفيز القطاعات الاقتصادية الواعدة؛ فالاقتصاد يواجه تحديات، تستوجب اجراء اصلاح مالي يسهم بتنشيطه وتعزيز منعته.
وكان ارتفاع المديونية كنسبة للناتج المحلي الاجمالي وانخفاض النمو، أحد الجوانب المهمة في لقاءات الرئيس ما يستدعي وضع برنامج للإصلاح المالي، وبدء الاعتماد على الذات كهدف استراتيجي قابل للتحقق، وليس مجرد شعار، وهو ما تفرضه المسؤولية الوطنية، وكذلك مراجعة الإعفاءات الممنوحة لقطاعات دون دراسة أثرها ومردودها المالي.
فالحكومة؛ تؤمن بدعم المواطن، وليس السلعة التي يستفيد منها نحو ثلث السكان من غير الاردنيين، وتدرس آلية ايصال الدعم لمستحقيه.
فالتعديلات المقترحة على قانون ضريبة الدخل، تستهدف تحسين كفاءة التحصيل الضريبي ومحاربة التهرب الضريبي، وتغليظ العقوبات على المتهربين.
وفي هذا الإطار أكد الملقي على أن يكون هناك إصلاح ضريبي حقيقي، يؤدي لزيادة النمو الاقتصادي ويحقق العدالة، ويعاقب المتهربين، باعتبار ذلك جريمة بحق الوطن والمواطن.
الحكومة التي انتقلت خمس مرات من الدوار الرابع، واتخذت من "بيت النواب" في العبدلي مكانا للقاءات، كانت رؤيتها الاقتصادية واضحة، وتكاد تكون موحدة.
وهذا يعني أنها حرصت على حفظ درسها عن ظهر قلب قبل الجلوس في قاعة مصطفى خليفة بالعبدلي، والتحوط لكل صغيرة وكبيرة في الشأن الاقتصادي، وأن تتعامل مع الموضوع بانضباط عالٍ، لأنها تعرف يقينا ان هذا الأمر، ثقيل على النواب وحساس، لتأثيره على قواعدهم الانتخابية.
لذا، حرصت الحكومة أكثر من مرة على التأكيد على أن الطبقتين الوسطى والفقيرة بعيدتان عن الاجراءات الاقتصادية المرتقبة، وأن إعادة النظر في توزيع الدعم، لا تعني حرمان المواطن من دعم المواد، بقدر ما تعني ايصال الدعم لمستحقيه فقط.
وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة، قال لـ"الغد" ان لقاءات الرئيس مع الكتل، كانت جدية وايجابية، منوها الى انه لم تتبق سوى كتلة واحدة، سيلتقي معها الرئيس الثلاثاء المقبل، وكذلك لقاء آخر مع نواب مستقلين، وان جوهر تلك اللقاءات، سيكون هدفه توضيح موقف الحكومة في الموضوع الاقتصادي، وكذا الاستماع لوجهات نظر النواب بهذا الشأن وفي قضايا اخرى سياسية واجتماعية.
وبين المعايطة ان عقد مثل تلك اللقاءات، سيفسح مساحة حوار مهمة، ليتمكن كل طرف من الحديث عن وجهة نظره للطرف الآخر، وان يتفهم الجميع وجهات النظر المختلفة، وان يعرف النواب ويطّلعون على حقيقة الملف الاقتصادي بكل تفاصيله، وان تستمع الحكومة لملاحظاتهم.
وتوقع الوزير الذي حضر كل اللقاءات مع النواب، انجاز مشروع قانون الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2018 منتصف الشهر الحالي.
فيما اشار الى ان الجهات الحكومية المعنية، تعكف حاليا على اعداد الموازنة؛ فالحكومة وبعد تقديم الموازنة، سيعقد وزراؤها المعنيون بالشأن الاقتصادي (المالية، التخطيط، الاستثمار، الصناعىة والتجارة) لقاءات مع كتل ونواب مستقلين، لشرح ما تضمنته الموازنة من بنود تفصيلية، والإجابة عن استفسارات النواب وملاحظاتهم.
لهذا كله؛ كان خطاب الحكومة مع النواب في لقاءات سابقة (تصالحيا تشاركيا)، لكن ذلك لم يمنع النوع من التعبير عن خشيتهم من أن يكون ما تقوم به الحكومة مجرد "حفلة علاقات عامة"، تؤدي لسحب النواب للاتجاه الذي تريده، والموافقة لها على كل ما تريد فعله بالشأن الاقتصادي.
بيد ان تلك الرؤية التي يجري الإفصاح عنها في غرف النواب المغلقة؛ يختلف معها نواب آخرون يرون ان الاستماع للحكومة ومعرفة المعوقات لا يضيرهم شيئا، وإنما هذا جزء من صميم عملهم، ولا يعني الموافقة على كل سياسات الحكومة، وإنما معرفة الأرض التي يقف عليها الاقتصاد.
ويستدلون على مذهبهم بالتأشير الى ان الخوف من سحب النواب الى جانب موقف الحكومة لا يستقيم مع التصريحات المتكررة التي تخرج من بيت (العبدلي)، والتي تؤكد أن النواب ليسوا في جيب الحكومة، ومصلحتهم الوطن والمواطن.