الملك: حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على رأس أولويات الأردن

الملك عبد الله الثاني والرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو (يمين)
الملك عبد الله الثاني والرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو (يمين)

مكسيكو سيتي - أجرى جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو، مساء أول من أمس، مباحثات تناولت العلاقات بين البلدين الصديقين، وسبل تطويرها والنهوض بها في مختلف المجالات، خصوصا الاقتصادية منها.اضافة اعلان
كما بحث جلالته والرئيس المكسيكي، في القصر الرئاسي بالعاصمة مكسيكو سيتي، الأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا تلك المتعلقة بجهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استنادا إلى حل الدولتين، ومستجدات الأزمة السورية وتداعياتها.
وأكد الزعيمان، خلال مأدبة غداء أقامها الرئيس المكسيكي تكريما لجلالته والوفد المرافق، الحرص المشترك على تعميق العلاقات الثنائية وتعزيزها في شتى الميادين، وبما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين.
واستعرض جلالته، في هذا الإطار، الميزات التي يتمتع بها الأردن وموقعه الاستراتيجي المتميز، كبوابة لمنطقة الشرق الأوسط، وحلقة وصل بين القارات الثلاث (آسيا وأوروبا وأفريقيا)، وما يتمتع به من أمن واستقرار وقوى عاملة مؤهلة ومدربة، إضافة إلى ارتباطه باتفاقيات تجارة حرة إقليمية ودولية.
وفيما يتعلق بأوضاع الشرق الأوسط، جرى التركيز خلال المباحثات على الجهود المبذولة لتحقيق السلام في ظل المفاوضات الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وشدد جلالته، في هذا الإطار، على دعم الأردن للمفاوضات الجارية برعاية أميركية، استنادا إلى حل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفيما يتصل بمستجدات الأزمة السورية، جدد جلالته التأكيد على موقف الأردن الداعم للجهود المبذولة، للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة، ينهي معاناة الشعب السوري الشقيق، مشيرا جلالته في هذا الصدد، إلى الأعباء التي تتحملها المملكة، جراء استضافة العدد الأكبر من اللاجئين السوريين على أراضيها، وجهودها في تقديم الخدمات الإنسانية والإغاثية لهم.
من جانبه، رحب الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو بزيارة جلالة الملك إلى المكسيك، مؤكدا حرص بلاده على تطوير العلاقات وتوسيعها مع الأردن، الذي يحظى بسمعة عالمية مرموقة، في شتى الميادين، خصوصا الاقتصادية والاستثمارية، لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.
وأعرب الرئيس نييتو عن تقديره لدور جلالة الملك في العمل من أجل تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، مشيرا إلى استعداد بلاده للتنسيق مع الأردن، حيال التحديات التي تواجه المنطقة، بما يسهم بترسيخ السلام والاستقرار والأمن لشعوبها.
وفي تصريحات صحفية للزعيمين بعد المباحثات، أعرب جلالة الملك عن شكره لحكومة وشعب الولايات المكسيكية المتحدة، على الترحيب وكرم الضيافة "التي حظينا بها والوفد المرافق، لجعل زيارتنا منتجة ومثمرة".
وقال جلالته إن "هذه الزيارة، تؤكد الحرص على بناء جسور الصداقة والتفاهم والتعاون بين البلدين، وتوفر فرصة للبناء على أربعة عقود من العلاقات الدبلوماسية، وتعزيز التعاون السياسي والعلاقات الاقتصادية بين الأردن والمكسيك".
وبين جلالة الملك أن الزيارة إلى المكسيك، تأتي في وقت تبرز فيه مكانتها الكبيرة على الساحة الدولية.
وأكد جلالته أن هذا التواصل، سيسرع في وضع إطار ثنائي شامل، يدفع بعلاقات البلدين إلى الأمام، وأن المباحثات "ستعزز التعاون الاقتصادي بين القطاعين العام والخاص في بلدينا من خلال تبادل بعثات الأعمال، وتعزيز التعاون في مجالات السياحة والاستثمار والتجارة".
ولفت جلالة الملك إلى اللقاء الذي جمعه مع عدد من القيادات الاقتصادية المكسيكية أول من أمس، والذي وفر فرصة لبحث مجالات التعاون المستقبلية بين البلدين.
وأشار جلالته إلى الفرصة التي جمعته بالرئيس المكسيكي قبل نحو عام في مؤتمر صن فالي العالمي، والتي كانت الأساس للترتيب للزيارة الملكية للمكسيك.
وأوضح جلالته أن استقرار الأردن وموقعه الجغرافي الاستراتيجي ومزاياه التنافسية، واتفاقيات التجارة الحرة توفر للمكسيك بوابة استراتيجية للوصول إلى مختلف أسواق الشرق الأوسط.
وأشار جلالته إلى أن المحادثات على الصعيد السياسي، تؤكد توافق البلدين على مركزية عملية السلام، وأن الحل الدائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار للجميع في الشرق الأوسط.
وقدر جلالة الملك موقف المكسيك المساند للأردن في جهوده لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، استنادا إلى حل الدولتين، وقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية.
وقال جلالته "إن اجتماعنا اليوم، يعد فرصة للتأكيد على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وعلى أهمية الحوار المستند إلى بيان جنيف، الصادر عن مؤتمر جنيف الأول، والعملية الجارية حاليا في سياق مؤتمر جنيف الثاني".
وأشاد جلالة الملك، بنظرة ورؤية الرئيس المكسيكي لمستقبل بلاده والدور الذي تلعبه المكسيك على الساحة الدولية.
من جانبه، أكد الرئيس المكسيكي حرص بلاده على تدعيم العلاقات مع الأردن، والارتقاء بها في مختلف المستويات.
وقال في التصريحات الصحفية "يسرني أن أرحب بكم جلالة الملك وبالوفد المرافق إلى المكسيك، وأن استقبلكم في هذه الزيارة الرسمية، التي هي الأولى لكم لبلدنا منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية قبل أربعين عاما".
وأشار الرئيس المكسيكي إلى لقائه مع جلالة الملك في صن فالي العام الماضي، حيث تم الاتفاق "على تطوير أواصر العلاقات بين بلدينا، بما يمكن الأردن أن يكون بوابة المكسيك لدول الشرق الأوسط، وأن تكون المكسيك بوابة الأردن إلى دول أميركا اللاتينية".
وأوضح أن الاتفاقيات التي وقعت بين الأردن والمكسيك، تعبر عن الحرص المشترك لتعزيز العلاقات بين بلدينا.
وأكد الرئيس المكسيكي على الأهمية التي يمثلها توقيع الأردن لاتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأميركية وكندا، "وعندما نوقع اتفاقية التجارة الحرة بين بلدينا، سيمكننا هذا الأمر من تطوير علاقاتنا الاقتصادية على المدى البعيد".
وأشار إلى لقاء جلالة الملك مع عدد من القيادات الاقتصادية المكسيكية "وأنها ستسهم في تعزيز الجهود بين بلدينا لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية إلى مستويات متقدمة".
وبحضور جلالة الملك والرئيس المكسيكي، جرى توقيع عدد من الاتفاقيات بين الجانبين، لتعزيز التعاون في مختلف المجالات، شملت اتفاقية للتعاون التربوي والثقافي، واتفاقية إطار للتعاون التقني، ومذكرة تفاهم في المجال السياحي بين الأردن والمكسيك، وقعها عن الجانب الأردني وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، ونظيره المكسيكي.
كما تم توقيع إطارية للتفاوض حول اتفاق التجارة الحرة بين المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المكسيكية المتحدة، وقعها وزير الصناعة والتجارة والتموين الدكتور حاتم الحلواني ونظيره المكسيكي.
وحضر جلسة المباحثات رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومدير مكتب جلالة الملك، والسفيرة الأردنية غير المقيمة في المكسيك، وعن الجانب المكسيكي وزراء الخارجية والاقتصاد والسياحة، وعدد من كبار المسؤولين.
وكانت جرت لجلالته لدى وصوله إلى القصر الرئاسي مراسم استقبال رسمية، بحيث عزفت الموسيقى السلام الملكي الأردني والنشيد الوطني المكسيكي، واستعرض جلالته حرس الشرف الذي أصطف لتحيته.
وقبيل وصول جلالته إلى القصر الرئاسي، زار جلالة الملك الصرح الوطني التذكاري في العاصمة مكسيكو سيتي، بحيث وضع إكليلا من الزهور، في مراسم عسكرية رسمية.
وصدر في ختام مباحثات جلالة الملك عبدالله الثاني، والرئيس إنريكه بينيا نييتو، بيانا مشتركا بين المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المكسيكية المتحدة فيما يلي نصه:
بناء على دعوة من رئيس الولايات المكسيكية المتحدة، إنريكي بينيا نييتو، قام صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، بزيارة عمل إلى المكسيك، من الخامس إلى السابع من شباط (فبراير). وكان الهدف من الزيارة تعزيز العلاقات السياسية، وأواصر الصداقة والتعاون بين البلدين.
وخلال المحادثات التي أجراها الزعيمان، استعرض جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس بينيا نييتو العلاقات الثنائية والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك. كما ترأسا أيضا اجتماع عمل بين أعضاء الوفد الأردني والجانب المكسيكي، لمناقشة الموضوعات الرئيسة على جدول الأعمال.
وفي ضوء مرور ما يقرب من 40 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الأردن والمكسيك، استعرض جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس بينيا نييتو العلاقات الثنائية، واتفقا على تطوير وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين. وقد اتفق جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المكسيكي بينيا نييتو على: مواصلة الحوار السياسي والسعي إلى إجراءات محددة لتعزيز سبل التجارة والسياحة وتدفقات الاستثمار، وكذلك تطوير التعاون الثنائي، خصوصا في مجالات الصحة والتنمية الاجتماعية.
كما اتفقا على تشجيع البعثات التجارية وزيادة حجم التبادل التجاري، مع التركيز بشكل خاص على القطاعات التالية: الإنشاءات والبنية التحتية؛ الصناعات الزراعية والغذائية؛ السيارات؛ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ السياحة؛ الرعاية الصحية والصناعات الدوائية؛ والطاقة والتعدين والبتروكيماويات.
كذلك اكد جلالة الملك والرئيس المكسيكي أهمية المبادرات الداعمة للتواصل بين القطاعين العام والخاص في البلدين، من أجل زيادة التفاهم المتبادل وتعميق العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ورحب الزعيمان بالتوقيع على الاتفاقات والمذكرات التالية خلال الزيارة الرسمية: اتفاقية تعاون تربوي وثقافي بين المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المكسيكية المتحدة، وتهدف إلى تعزيز ودعم التعاون في مجالات التعليم والفنون والثقافة والرياضة من خلال القيام بأنشطة، من شأنها أن تسهم بتحقيق فهم متبادل أفضل بين البلدين. واتفاقية إطار للتعاون التقني بين المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المكسيكية المتحدة، لتطوير وتعزيز وتسهيل التعاون بين البلدين من خلال تصميم وتطوير برامج ومشاريع في مجالات السياحة والزراعة والبيئة والصحة والطاقة.
ومذكرة تفاهم بين وزارة السياحة والآثار في المملكة ووزارة السياحة في الولايات المكسيكية المتحدة. وكذلك إطارية للتفاوض حول اتفاق التجارة الحرة بين المملكة والولايات المكسيكية المتحدة.
وأكد الزعيمان التزامهما بالحوار متعدد الأطراف. كما هنأ الجانب المكسيكي الأردن على عضويته غير الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهنأ الأردن بدوره المكسيك لانتخابها عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وناقش جلالة الملك والرئيس بينيا نييتو عملية السلام في الشرق الأوسط. وشدد جلالة الملك عبدالله الثاني على أن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يقع على رأس أولويات الأردن ومصالحه. كما تم التأكيد على أن الأردن، باعتبار جلالة الملك، زعيما هاشميا، وراعيا للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، لن يدخر جهدا في الدفاع عن هذه الأماكن وحمايتها.
وأعرب الزعيمان عن أملهما في نجاح المفاوضات الجارية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وشددا على ضرورة التوصل إلى حل قائم على وجود دولتين، تعيشان جنبا إلى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها دوليا، وفقا لقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية، باعتبار هذا الأمر، السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن لجميع شعوب ودول المنطقة.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، عبر جلالة الملك والرئيس المكسيكي عن أملهما أن يؤدي مؤتمر جنيف الثاني إلى التنفيذ الكامل لبيان مؤتمر جنيف الأول الصادر في حزيران (يونيو) 2012، وأن يشكل قاعدة متينة لمواصلة الحوار للتوصل إلى سلام دائم في سورية. وبالمثل، جدد الطرفان دعوتهما إلى احترام جميع حقوق الإنسان، ورحبا بالتدابير التي اعتمدها مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والتي تهدف إلى إزالة الأسلحة الكيميائية في سورية، وشددا على أهمية الحوار للتوصل إلى حل سياسي للأزمة هناك.
كما أعرب رئيس المكسيك عن قلقه، إزاء أوضاع اللاجئين السوريين في دول المنطقة، وضرورة دعم المجتمع الدولي للبلدان التي تستضيف هؤلاء اللاجئين.
وفي هذا الصدد، قررت حكومة المكسيك دعم الجهود التي تبذلها الحكومة الأردنية في رعاية اللاجئين، خصوصا الأطفال، من خلال المساهمة المالية التي ستوجه عبر إحدى الوكالات الدولية.
ووضع جلالة الملك إكليلا من الزهور على النصب التذكاري الوطني المكسيكي، كما تحدث إلى عدد من أبرز رجال الأعمال المكسيكيين حول فرص التجارة والاستثمار بين البلدين.
وشكر جلالة الملك عبدالله الثاني حكومة وشعب الولايات المكسيكية المتحدة على كرم الضيافة، ووجه دعوة رسمية إلى الرئيس بينيا نييتو لزيارة الأردن، في موعد يحدده الطرفان لاحقا.-(بترا- فايق حجازين)