الملك في واشنطن: رؤية واضحة وصريحة لملفات الإقليم

الزيارة الملكية للولايات المتحدة الأميركية والمقررة في منتصف تموز المقبل على الارجح هي أول اشتباك سياسي مباشر لزعيم عربي مع إدارة الرئيس بايدن؛ الملك عبدالله الثاني سيحمل معه ملفات المنطقة سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والتطورات الأخيرة بعد العدوان على غزة والوضع في العراق وسورية بالإضافة للعلاقات الثنائية بين البلدين والتعاون في مجال مجابهة كورونا وتداعياتها. الزيارة تأتي بعد جملة تطورات مهمة ستكون حاضرة بالتأكيد في المباحثات الثنائية؛ مغادرة بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية بعد اثني عشر عاماً من التوتر والبرود في العلاقات منذ اتفاقية السلام؛ بالإضافة لتولي اليميني «نفتالي بينيت» رئاسة الحكومة والى أي مدى يساهم وصوله في تهيئة مناخات العودة للمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ونزع فتيل التوتر خاصة في ملف التوسع في البؤر الاستيطانية ووضع مدينة القدس ومكانتها الدينية والتاريخية. التطورات في إيران بعد نجاح إبراهيم رئيسي في الانتخابات الإيرانية وهو من أبرز المتشددين وانعكاسات ذلك على الاتفاق النووي خمسة + واحد وعلى انخراط إيران الإقليمي والى أي مدى يساهم التوافق الأميركي الإيراني في تخفيف حالة التوتر السائدة حالياً والتي ساهمت في تبدل التحالفات والاولويات. منذ قرار إدارة ترامب نقل السفارة الاميركية للقدس ورفض عمان وتحذيرها خطورة هذه الخطوة على عملية السلام بدا واضحاً غياب الانسجام مع إدارة ترامب؛ آخر زيارة للملك لواشنطن في آذار من العام 2019 أكدت ذلك الانطباع. استمع الملك عبدالله من إدارة ترامب للأفكار الاميركية للتسوية «صفقة القرن» وبدا أنها غير مناسبة للأردن وقبل ذلك للطرف الفلسطيني ولن تجد طريقها للنجاح ولن تحقق للفلسطينيين دولتهم المستقلة وأن الأولوية في واشنطن هي للتطبيع مع العديد من الأقطار العربية التي تقرأ التحديات في سياق مختلف. ليس سرا القول إن مرحلة جديدة من الضغط على الأردن بدأت من تلك اللحظة التي عُرف فيها ثبات موقف الملك ورفضه المساومة على ثوابت الأردن الاستراتيجية؛ وأبرز عناوين الضغط كان ملف الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية والتهيئة لإحداث مناخات الفوضى داخلياً وإضعاف الموقف الأردني وهو ما أثبتته الأحداث التي عشناها لاحقاً. الزيارة التي ستتوج بلقاء الرئيس بايدن ستشمل العديد من اللقاءات مع مجلسي النواب والشيوخ ودوائر صناعة القرار في الخارجية والبنتاغون وكذلك مع الاعلام؛ المعروف أن هناك من ينتظر دائماً أن يستمع لقراءة الملك لمجمل الاوضاع في المنطقة التي اتسمت ومنذ تسلمه سلطاته الدستورية قبل عقدين وأكثر بالصراحة والوضوح والواقعية والتحذير بنفس الوقت من خطورة الاستسلام للأمر الواقع خاصة في الملف الفلسطيني الذي يعني مزيدا من التعقيد ودفع الجميع للثمن. يبدو أن هناك قناعة بأن هناك فرصة في ظل وجود هذه الادارة خلال السنوات الثلاث القادمة قد تفضي لقيام دولة فلسطينية وتنهي الصراع الاقدم في العالم لا بد من استغلالها وهذا من يعمل عليه الملك وقد حصل على مباركة ودعم عربي سينقل للإدارة الاميركية خلال الزيارة. في الملف السوري؛ الأردن هو الجار الأقرب وقد دفع الكلفة الأكبر نتيجة اللجوء اقتصادياً وطالته التهديدات الإرهابية ولا يعقل أن يستمر بدفع هذا الثمن خاصة في ظل قانون العقوبات قيصر وصار من الملح أن تكون هناك قراءة جديدة للوضع في سورية تؤسس للتسوية السياسية وبنفس الوقت يتمكن الأردن من المساهمة في إعادة سورية للعالم العربي. زيارات الملك عبدالله الثاني لواشنطن مهمة ولكن هذه الزيارة بعد هذا الجفاء والانقطاع وفي ضوء المقاربة الأميركية الجديدة التي قد تمنح جرعة من الأمل والتفاؤل وستكون استثنائية بالتأكيد وستحمل الجديد.اضافة اعلان