"المنتهي" لم ينته!

استوقفني ذلك المشهد المؤثر في ستاد تورينو أول من أمس، بعد أن سجل نجم ريال مدريد كريستيانو رونالدو هدفا رائعا من ركلة مزدوجة مقصية "دبل كيك"، لا يسجله سوى اللاعبين الكبار الذين يمتلكون المهارة واللياقة والقوة البدنية... ذلك الهدف كان أشبه بـ"مقطوعة موسيقية" أطربت ليس أنصار الفريق الملكي فحسب، وإنما أنصار الفريق المنافس يوفنتوس أيضا، حيث وقفت تلك الجماهير وصفقت مطولا للنجم الكبير، معبرة عن إعجابها بالهدف الجميل رغم أنه سُجل في مرمى فريقها.اضافة اعلان
لحظات الانبهار وردات الفعل لم تقتصر على المدرب زين الدين زيدان ورفاق رونالدو، وإنما شملت كل من شاهد الهدف.. صحيح أن كثيرا من نجوم العالم سجلوا أهدافا جميلة مثله أو تفوقه جمالا حتى، ولكن اللاعب البالغ من العمر 33 عاما ظهر وكأنه في مقتبل العمر، وفي ذات الوقت يرد على من وصفه بـ"المنتهي" مجيبا بفصاحة أنه لم ينته بعد، وكما يقول المثل الشعبي "ياما في جرابك يا حاوي" دلالة على لحظات الانبهار والسحر التي أعقبت تسجيل الهدف، وقدرة اللاعب على مزيد من العطاء.
رونالدو وكعادته عند تسجيل أي هدف يجري صوب الجمهور ويصدر ردات فعل قد يفسرها البعض على أنها اعتداد بالنفس، وقد يراها آخرون نوعا من الغرور واستفزازا لجمهور الفريق المنافس.. جمهور تورينو الذي كان يطلق صافرات الاستهجان كلما امتلك رونالدو الكرة وجرى بها، لم يتمالك نفسه من الاعجاب بجمالية الهدف والتصفيق لصاحبه، وهو الأمر الذي فرض على رونالدو مبادرة تلك الجماهير بالتحية وكأنه يقول لها "آسف.. ولكن هذه مهمتي تسجيل الاهداف في مرمى الفرق المنافسة".
رونالدو وبعد المباراة توجه بالشكر إلى جمهور تورينو على الاحتفال بهذا الهدف، وطبقا لتصريحات أدلى بها لموقع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا)، قال: "كان هدفا مميزا، شكرا لكل مشجعي يوفنتوس، ما فعلوه من أجلي كان رائعا، أنا في غاية السعادة.. لم يحدث مثل هذا الأمر حتى الآن في مسيرتي، أنا سعيد جدا".
بدوره لم يخف المدرب زيدان اعجابه بالهدف، واصطادته الكاميرا التلفزيونية وهو يضع يديه على رأسه ويعبر بحركة طريفة عن اعجابه بالهدف، ويصفه بأنه "أحد أروع الأهداف في التاريخ"، ويقول: "أنا مدرب الريال، لكنني أيضا شغوف بكرة القدم وحينما أرى شيئا كهذا، فهذا رد فعل طبيعي".
من المؤكد أن كثيرا من جماهير الكرة الأردنية بمختلف انتماءاتها النادوية شاهدت المباراة، وهي منقسمة بين معجب بريال مدريد أو يوفنتوس، وشاهدت ردة فعل جماهير "السيدة العجوز".. ترى هل تفعل جماهيرنا وتتصرف هكذا تصرف، حيث تصفق للاداء الجميل والاهداف الاجمل، بغض النظر عمن سجل الهدف؟.. نحتاج كثيرا للتعلم وتقبل النتيجة والتحلي بالروح الرياضية.
نفتقد ثقافة التشجيع.. هم يلعبون ويتفنون ويمرحون ويمتعون، ونحن نذهب لنشتم بعضنا ونحطم المرافق الرياضية.. شتان بين الحالين... شكرا رونالدو.