المهارات الرقمية.. طوق نجاة الشباب من شبح البطالة

Untitled-1-441
Untitled-1-441

إبراهيم المبيضين

عمان- أكّد خبراء اقتصاديون وتقنيو معلومات أمس اهمية تعزيز المهارات الرقمية لدى الشباب والعمل عليها في مراحل التعليم الاساسي والجامعي والذي اعتبروه اداة اساسية للمساهمة في حل مشكلة البطالة في المملكة التي بلغت نسبتها بنهاية الربع الثالث من العام الماضي 23.9 %.اضافة اعلان
وقال الخبراء إن تعزيز المهارات الرقمية لدى الشباب اليوم سيمكنهم من زيادة فرصهم في الحصول على فرص عمل، خصوصا مع الثورة الصناعية الرابعة التي ادمجت التقنية في كل القطاعات من جهة، وللمرونة التي توفرها التقنية في تمكين الشباب من فرص كبيرة للعمل عن بعد (من محافظة بعيدة عن العاصمة وحتى العمل في شركات ومشاريع في دول وقارات اخرى).
واشاروا الى دور كبير يجب ان تقوم به الحكومات في مجال تعزيز المهارات الرقمية للشباب وادماجها وادخالها في مراحل التعليم المختلفة حتى يكون الشاب جاهزا لمهن المستقبل التي تعتمد على التقنيات الحديثة او العمل في القطاعات الاقتصادية كافة التي بدات معظمها بالتحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا في عملها، والعمل كذلك على ردم الفجوة الرقمية كبنية تحتية وكمهارات بين مختلف المناطق وبين الجنسين ذوكرا واناثا.
واكدوا اهمية تغيير ثقافة الشباب للتفكير في تعزيز مهاراتم الرقمية بالاعتماد على انفسهم ايضا وخصوصا ان العالم الرقمي اليوم يعج بالكثير من الادوات والطرائق لتعلم هذه المهارات مجانا.
واكد الباحث الاقتصادي فادي الداوود اهمية تعزيز المهارات الرقمية اليوم في ظل ما نعيشه من تحول رقمي كبير في كل مناحي الحياة مشيرا الى ان الموضوع اصبح " ضرورة قصوى" وليس " خيارا" او ضربا من الكماليات، مشيرا الى انه لا بد من تعزيز هذه المهارات لدى الشباب ومن الصغر وادماجها في كل مراحل التعليم، كما يجب العمل على سد الفجوات في هذه المهارات بين المناطق وبين الجنسين ذكورا واناثا، حيث ان تعزيز هذه المهارات هو مسؤولية مشتركة بين الجميع وبالاعتماد على تبني مفهوم التحول الرقمي ليصبح نهجا في الحياة والعمل.
واكد الداوود اهمية تقوية ونشر استخدام خدمات الاتصالات وخصوصا الانترنت بعدالة وشمولية بين كل محافظات المملكة حتى يكون هناك عدالة في تعزيز المهارات الرقمية وبالتالي العدالة في توفير فرص العمل.
ووصف الداوود المهارات الرقمية بانها "عوالم وعلوم واسعة ومتفرعة " في ظل ما نشهده من تطور متسارع في التقنية وتوجهاتها، الا انه قال انها تشمل مهارات اساسية في قيادة الحاسوب، مهارات البرمجة الاساسية والبرمجة المتقدمة، مهارات تصميم التكنولوجيا، مهارات استخدام التكنولوجيا، مهارات تطويعها في انجاز الاعمال، مهارات التسويق الرقمي، والتواصل الرقمي الذي يعتمد على شبكات التواصل الاجتماعي، والمهارات المتقدمة التي انتجتها تقنيات وتوجهات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي وانترنت الاشياء وغيرها الكثير.
واشار الداوود الى قوة التكنولوجيا اليوم في تجاوز الحدود الجغرافية وتوفير فرص عمل للشباب في كل القطاعات، حيث يمكن لشاب في محافظة الطفيلة ان يصمم موقعا إلكترونيا لشركة في عمان، او يعمل على التسويق الرقمي لاعمال مؤسسة في دولة اخرى، او ان يقوم ببرمجة تطبيق او موقع الكتروني لجهات في كل دول العالم، وهو الامر الذي يمكن استغلاله لتوفير فرص عمل للشباب فب كل المحافظات.
وعلاوة على ذلك قال الداوود ان التكنولوجيا لا تساعد فقط الشباب على ايجاد فرص عمل، بل انها تساعدهم ايضا في تطوير مشاريعهم الخاصة او الريادية اذا ما كان لديهم فكرة ريادية ابداعية يمكن ان تنتج مشروعا رياديا قد يسهم في توظيف اخرين عند التوسع والتطور.
وتشير كل الدراسات والتوقعات إلى أن المهارات الرقمية اصبحت ضرورة في عصر اليوم، عصر الاقتصاد الرقمي، كما تؤكد دراسات ان واحدة من كل خمس وظائف في العالم العربي تتطلب مهارات رقمية.
الاتحاد الدولي للاتصالات كان اصدر العام الماضي تقريرا بعنوان "رؤى بشأن المهارات الرقمية”، اكد فيه أهمية العناية والاهتمام من قبل الحكومات وجميع المؤسسات والأفراد بتعزيز المهارات الرقمية لدى الشباب ذكورا وإناثا في ظل التحول الرقمي الكبير الذي يشهده العالم ودخولنا عصر الثورة الصناعية الرابعة، وذلك حتى نتمكن من الاستفادة من كل توجهات وتقنيات الاقتصاد الرقمي وتحضيرا لوظائف المستقبل التي ستحوذ التكنولوجيا على الحصة الكبرى منها.
الخبير في مضمار التقنية وصفي الصفدي قال انه يجب على جميع القطاعات العمل على تحديد احتياجات العصر من هذه المهارات الرقمية وخاصة أن مخرجات التعليم لا تتفق مع احتياجات سوق العمل، لافتا الى ان المهارات الرقمية اليوم ومستقبلا ستكون اكثر اهمية من الشهادات العلمية في تخصصات مختلفة.
واسترشد الصفدي بتقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي يظهر ان ما مجموعه 85 مليون وظفية سيتم الاستغناء عنها ليحل محلها خدمات رقمية ولكن هذا التطور سيخلق 97 مليون فرصة عمل بديلة لغاية 2025 بزيادة 12 مليون وظيفة جديدة عن الوضع الحالي ، لافتا الى ان التقرير نفسه يقول ان حجم ما ستقوم به الآلات العام 2025 يشكل حوالي 47 % من الأعمال مقارنة ب%33 حاليا ، وأن ما نسبته 50 % من العمالة بحاجة إلى إعادة صقل مهارات وما يقدر بما نسبته 40 % من مهارات العمالة الأساسية الحالية بحاجة إلى تطوير مهاراتهم خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقال الصفدي ان اعتماد استراتيجيات وطنية لتطوير المهارات الرقمية سيعزز مركز الدولة ضمن الدول المصدرة للكفاءات المؤهلة لأسواق العمل المحلية والعالمية وخاصة ان العمل عن بعد سوفر بيئة خصبة للطاقات الشبابية المؤهلة لإيجاد فرص عمل في الأسواق العالمية دون الحاجة إلى السفر او الاغتراب.
واوضح الصفدي ان اسواق العمل اليوم وغدا بحاجة لكفاءات في عدة مجالات وهي: تحليل البيانات، الحوسبة السحابية، الامن السيبراني، التسويق الرقمي، الربوتات، الذكاء الاصطناعي، انترنت الاشياء، البيانات الضخمة، الترفيه الرقمي، الطباعة ثلاثية الابعاد، الطاقة البديلة، وغيرها من المجالات التي ستظهر خلال السنوات المقبلة والذي سيخلق فرص عمل جديدة مثل اطلاق خدمات الجيل الخامس التي من شأنها تعزيز انترنت الاشياء، المدن الذكية، العدادات الذكية، الامن والحماية والمراقبة، الشوارع الذكية، السيارات الذكية وذاتية القيادة وغيرها الكثير من الخدمات الرقمية.
واتفق المدير التنفيذي لشركة "ذكاء الاردن" – الشركة المتخصصة في مجال التعليم – معتز عازر مع ما ذهب اليه الداوود والصفدي واصفا "المهارات الرقمية " بانها " المستقبل" الذي يجب ان نتحضر له ونعمل عليه من الان لتزويد شبابنا بادواته وتوجهاته.
واوضح عازر بان الرقمنة حولت العالم بالفعل الى قرية صغيرة، وقال: "اليوم يستطيع شاب اردني يمتلك مهارة البرمجة ان يبرمج برنامجا او تطبيقا او موقعا الكترونيا لصالح شركة توجد في اميركا على سبيل المثال".
واكد ان من لا يمتلك المهارات الرقمية اليوم سيخسر كثيرا من الفرص في المستقبل في ظل تحول كل العالم وكل القطاعات رقميا.
وقال الريادي الاردني ابراهيم القرالة انه من المهم التركيز على ان يعزز الشباب مهاراتهم الرقمية والبرمجية نظرا لقدرة تلك المهارات على زيادة فرصهم في الحصول على فرص عمل في مختلف القطاعات اضافة الى قدرتها على تحويلهم للحصول على عمل عبر الانترنت وعن بعد من خلال الاعمال الحرة الرقمية في مختلف المجالات البرمجية او التصميم الجرافيكي او تحليل البيانات وغيرها من المجالات .
واضاف القرالة ان العديد اليوم من منصات العمل الحر العالمية اصبحت متاحة اليوم في منطقتنا العربية ومن خلالها يستطيع الشاب من العمل من منزله اذا كان يمتلك المهارات اللازمة والمطلوبة على تلك المنصات او الشركات التي تهتم بتوظيف الاشخاص اصحاب الاعمال الحرة في المجال الرقمي وبصورة تتم عبر الانترنت وعن بعد ايضا.
وقال الريادي الاردني المؤسس لشركة “سلاسل” – المتخصصة بتقنيات التعليم والتدريب – منير النوري الخلويانه لا شك بأن تعزيز المهارات الرقمية للشباب أصبح ضرورة ملحة للغاية في عصرنا الحالي مع التوجه للتحول الرقمي من ناحية، واعتبارات الثورة الصناعية الرابعة من ناحية أخرى. فقد أصبح تسخير التكنولوجيا في الوقت الحالي وسيلة من الوسائل المهمة في ايجاد فرص عمل جديدة لقطاع الشباب بغض النظر عن الجنس. فنرى أن هناك مجموعة كبيرة من الوظائف والقطاعات التي لم تكن موجودة من قبل قد أصبحت مطلوبة وضرورية في الوقت الراهن وهو ما يعطي فرصة كبيرة للشباب للانخراط في سوق العمل بشكل مباشر.
واوضح النوري ان طبيعة العمل والوظائف قد طرأ عليها تحول كبير، فأصبح بالإمكان العمل من البيت مثلا دون الحاجة للذهاب الى مقر شركة ما. وقد تعزز ذلك أثناء جائحة كورونا التي أفسحت المجال للدوام من المنزل وبالكفاءة نفسها. ومن ناحية أخرى، أصبح العالم قرية صغيرة مفتوحة وموفرة للفرص على المستوى الدولي، إذ بات بإمكان الجيل الشاب استهداف السوق العالمي وأخذ مشاريع على مستوى المنطقة والعالم إضافة للسوق المحلي كذلك.