المواطن.. الحكومة و"كورونا"

الحكومة التي أبلت بلاء حسنًا تجاه منع انتشار فيروس كورونا المستجد الذي بات أزمة عالمية، والتي عملت بحرفية يجوز أن نطلق عليها تاريخية استثنائية، لو أنها أجرت بعض التحسينات على الخطة التي اتبعتها يوم الأربعاء الماضي. اضافة اعلان
ربما كان الأصح أن تلجأ الحكومة إلى خطوة الحظر الجزئي من بداية الأزمة، لا الحظر الكامل، لمحاصرة ذلك الوباء، وخصوصًا أنها أغلقت منافذ المملكة الجوية والبحرية والبرية، باستثناء ما هو ضروري للوطن وأهله.
صحيح أنه مطلوب من كل مواطن يعيش على ثرى هذا الوطن، أن يُضحي ويصبر من أجل البلد، وبالتحديد في مثل هذه الظروف، إلا أنه كان يتوجب على الحكومة عدم اللجوء إلى الحظر الكلي.
كان يمكن أن تلجأ إلى تقسيم المناطق في كل محافظات المملكة، وتحديدًا تلك ذات الثقل السكاني، يتبع ذلك إجراءات إغلاق أماكن التجمعات، بشكل عام، والبيع بشكل خاص، كـ»الحسبة» والمولات والمحال التجارية الكبيرة، والاكتفاء بـ»البقالة» المتواجدة في كل حي من الأحياء السكنية، وهو ما قامت به الحكومة يوم الأربعاء الماضي.
كان يجب ترك حرية القرار والحركة للحكام الإداريين، بخصوص مناطقهم، فهم الأعلم والأخبر بها، بحيث يقومون بتقسيم المناطق، وتزويدها بما تحتاجه من مواد غذائية وسلع أساسية، ثم ما المانع من إغلاق «الحسبة»، والطلب من أصحاب محال الخضار والفواكه بالاكتفاء بعملية التوزيع من خلال وسائل نقل مخصصة لذلك «بكبات».
يجب عدم لوم المواطن الأردني كثيرًا، وتحميله المسؤولية كاملة تجاه ما حصل يوم الثلاثاء الماضي، إذ ليس من العدالة الطلب منه تنظيم وتوفير احتياجاته الأساسية، خلال سويعات، وبالأخص أنه لم يستعد لذلك، حيث كان القرار الحكومي هو «الحظر» حتى صباح يوم الثلاثاء، ليتفاجأ بأن «الحظر» باق وحتى إشعار آخر.
ثم أن تعليق جميع الأعمال والأسواق الأساسية لفترة طويلة، ليس خطوة صائبة مائة بالمائة.. صحيح بأن الوضع صعب، لكن سيكون أصعب في حال استمر الوضع على ما هو عليه، لعدة أسابيع، كما أشارت إلى ذلك الحكومة، فحتمًا سيكون هناك خسائر، لن تقوى الدولة على تعويضها، في ظل الأوضاع الحالية وحتى المستقبلية، والتي تأتي بالتزامن مع إحجام البنك الدولي، بطريقة أو أخرى، عن مساعدة الدول، وكأن لسان حاله يقول بأنه يجب اللجوء إلى الاقتراض، أو بمعنى أصح «التدمير».
نعلم، بأنه وباء، اجتاح دول العالم أجمع، التي وضعت مليارات الدولارات لمنع انتشاره والحصول على دواء له، لكن نحن لغاية الآن، وبحمد الله، في آمان، رغم أن عدد الإصابات يزداد، بشكل يومي، لكن الزيادة ليست بالمرتفعة أو الجنونية، ونتضرع إلى الله عز وجل أن لا تزداد أكثر.
مرة ثانية نؤكد بأنه لا يستطيع أحد إنكار جهود الحكومة، بكل أجهزتها، مدنية وعسكرية، لكن وفي الوقت نفسه يجب عليها أن لا تتخلى عن مسؤولياتها في مثل هذه الظروف.
صحيح، أول مرة يتعرض فيها الأردن لمثل هذه الأزمة، إلا أنه لا يوجد ما يمنع من وضع خطط لمعالجة ما تم من أخطاء على مدار الأيام الماضية، فالرأي العام لا يرحم، وقد يغض الطرف عن كل حسنات الحكومة خلال المرحلة الماضية.