المواطن يريد تنمية

رغم أهمية الإصلاح السياسي، بدءًا من قانون انتخاب عصري، يُنتج مجلس نواب قادرا على التشريع والرقابة الحقيقية، وانتهاءً بقانون أحزاب يُحاكي تجارب دول العالم الديمقراطية، في تشكيل حكومات برلمانية، إلا أن الدولة تنسى أمرًا مهمًا، يتعلق بحياة المواطن، من كل الجوانب، أولها تحقيق التنمية في جميع مناحي الحياة. المواطن الأردني، أيًا كان مكان سكناه، سواء في قرية نائية في أقصى جنوب المملكة، أكل الدهر وشرب عليها، أو قرية في أقصى شمال الأردن تفتقر لمقومات الحياة، يهمه بالدرجة الأساس تأمين متطلبات حياته المعيشية، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالوضع الاقتصادي وتأمين فرص عمل وتعليم وصحة وبنى تحتية لازمة لحياة، أقل ما يُقال عنها بأنها عادية. الأردن، كما أنه بحاجة إلى إصلاح سياسي، يتجاوز عقدة قانوني الانتخاب والأحزاب، اللذين لم يحظيا بأي إجماع، فإنه يحتاج أيضًا إلى تنمية شاملة، تبدأ من اقتصاد قوي، قادر على تجاوز الصعوبات، التي حصلت خلال الفترة الماضية، والتي كان آخرها جائحة فيروس كورونا المستجد. نعم، المواطن يُريد اقتصادا قويا قادرا على خلق حلول، لمشكلة الركود الاقتصادي، والذي يتبعه انكماش، ويكون قادرا كذلك على خلق فرص عمل جديدة، وتعويض أولئك الذين فقدوا وظائفهم وأعمالهم، أو تم تخفيض أجورهم، جراء وباء كورونا. المواطن، يُريد إيجاد حل للمشكلة الأساس، التي يُعاني منها الأردن، والتي تتمثل بارتفاع أرقام البطالة، حسب الأرقام الرسمية، خلال الربع الأول من العام الحالي إلى 25 بالمائة، في حين تقول مؤسسات مستقلة بأنها تجاوزت الـ33 بالمائة من عدد سكان المملكة.. فما هو مطلوب هو تأمين وظائف للشباب الأردني، وذلك لن يتم إلا من خلال خلق مشاريع اقتصادية وتجارية ومالية وزراعية. كما أن المواطن، يُريد حلًا لمشكلة زيادة معدلات الفقر، التي باتت تطرق الكثير الكثير من بيوت الأردنيين.. ولا عجب في ذلك، إذ أصبح خط الفقر للأسرة المعيارية، التي تتكون من خمسة أشخاص، يبلغ 600 دينار شهريًا، وفق أرقام الحكومة، وإن كان المبلغ يزيد على ذلك، في حال كان عدد أفراد الأسرة أكثر من ذلك، أو تسكن في بيت بالأجرة، ولديها أبناء يدرسون في الجامعات. المواطن يُريد تنمية في مجال التعليم، بأنواعه وأشكاله، بدءًا من المرحلة الأساسية، إلى مرحلة التعليم الثانوي، ثم الجامعي أو ما يُطلق عليه «العالي»، وكذلك التعليم المهني والتقني.. كل ما يُريده المواطن الأردني تأمين تعليم جيد، مجاني لأبنائه، أو على الأقل يدفع مقابله رسوما «رمزية»، كتلك الموجودة في دول عديدة، دخلها فردها السنوي أقل من دخل الفرد الأردني. كما أن التعليم يجب أن يُركز على خلق انتماء وولاء للوطن، فمن خلاله نكون قد وضعنا الأساس لانطلاق التنمية. المواطن يُريد تنمية في المجالي الصحي والطبي، يُوفر للمواطن أبسط حقوقه العلاجية والدوائية، وبأسعار معقولة.. فقد دخلنا في العشرينية الثانية من القرن الواحد والعشرين، وما يزال هناك الكثير من الأردنيين لا يتمتعون بأي تأمين صحي. وحتى العديد ممن يملكون تأمينًا صحيًا، فإنهم يُعانون الأمرين للحصول على علاج أو أدوية، وخصوصًا إذا كانت نادرة، ناهيك عما يشعرون به من «تنغيص» في حال احتاج المريض إلى سرير في أحد المستشفيات الحكومية للعلاج وليس لـ«الاستجمام». المواطن يُريد تنمية تُوفر له المتطلبات الأساسية من البنى التحتية، من شق طرق جديدة، وتعبيد وتأهيل تلك الطرق المهترئة، أو التي نسيها الزمن، وتأمين شبكة نقل ومواصلات، يستطيع معها المواطن التنقل ما بين مكان سكنه وعمله، بكل أريحية وسهولة، وأقل وقت وكلفة.اضافة اعلان