الموت المجاني

باستمرار، تحذّر الجهات المختصة، ووسائل الإعلام المتنوعة من خطورة السباحة في الأماكن غير المخصصة للسباحة مثل البرك الزراعية والسدود وقنوات المياه، إلا أن التحذيرات تذهب أدراج الرياح. اضافة اعلان
فبحسب تقرير لزميلنا حابس العدوان الثلاثاء الماضي، فإن الأغوار الوسطى، وحدها، شهدت خلال عام ونصف العام 25 حادث غرق، نتج عنها 16 وفاة و15 إصابة. وأول من أمس، الخميس، انتشلت فرق الغطس التابعة لمديرية دفاع مدني جرش جثة مواطن يبلغ من العمر 67 عاماً، غرق في ساعات الفجر في مياه سد الملك طلال بمحافظة جرش.
ووفق مدير دفاع مدني البلقاء العقيد وليد الصعوب، فإن معظم الأماكن التي تحدث فيها حالات غرق هي أماكن ممنوع السباحة فيها كمياه وبرك "زرقاء ماعين"، و"المياه الساخنة" وقناة الملك عبدالله والسدود والبرك الزراعية. ومع أن هناك مناشدات مستمرة للابتعاد عن هذه الأماكن، وعدم السباحة فيها، إلا أنها تشهد الكثير من حوادث الغرق. وهذا يؤشر على خلل كبير على عدة صعد، أبرزها أن الجهات المختصة لم تقم بمتابعة ما حذرت منه، وما طالبت المزارعين والمعنيين بتنفيذه وخصوصا تسييج البرك الزراعية والمسطحات المائية الخطيرة، والحرص على منع السباحة فيها لأي كان. كما أن اشخاصا كثيرين يضربون عرض الحائط بكل المناشدات والنداءات والحملات الإعلامية التي تحذرهم من السباحة في هذه الأماكن الخطرة، ولكنهم يسبحون فيها، مما قد يؤدي إلى خسارة حياتهم، أو إصابتهم إصابات خطرة تلازمهم طوال حياتهم.
إن التجربة تعلمنا أن الكثير من المناشدات والنصائح والإرشادات لا تحقق مبتغاها. فعلى سبيل المثال هناك تحذيرات دائمة بخصوص حوادث السير، وبضرورة التقيد بالتعليمات والقوانين السارية، إلا أن حوادث السير تتواصل وتحصد مئات الأرواح البريئة سنويا، بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين.
لذلك، هناك حاجة لإعادة النظر في كيفية التعامل بخصوص قضايا خطيرة مثل حوادث الغرق والسير. فالمناشدات والإرشادات على أهميتها، ليست كافية، وهناك ضرورة لتشديد العقوبات على المخالفين، ومحاسبة من لم يقم بعمله، أو الذي لا يتقيد بالتعليمات والقوانين وينتهكها لأي سبب كان.
تواصل حصاد الأرواح المجاني، يجب أن يدفع الجهات المختصة إلى دراسة الاجراءات المتبعة والتي لم تؤد إلى نتائج إيجابية، ووضع إجراءات وآليات تتناسب مع فداحة المشكلة وخطورتها. لا يجوز أن نبقى نحذر، وفي المقابل لا تتوقف عملية الموت على الطرقات، أو في البرك والقنوات والمستنقعات والمسطحات المائية.
إن فداحة الأرقام يجب أن تدفع الجهات الرسمية والأهلية المختصة إلى دق ناقوس الخطر.