الموجة الثالثة لكورونا

لقد عاد شبح كورونا يخيم على الأردن من جديد، فقد أعلن وزير الصحة الدكتور الهواري، أن الأردن دخل فعليًا بالموجة الثالثة من فيروس كورونا. القرار جاء مفاجئًا ونوعًا ما صادمًا اذ لم يمض وقت طويل على إعلان نهاية الموجة الثانية وإعادة فتح القطاعات وإلغاء إجراءات الحظر وعودة روح التفاؤل النسبي لدى المواطنين بعد عودة الحياة وخاصة الاقتصادية إلى طبيعتها بعد فترة طويلة من الإغلاقات والإجراءات المحددة لكافة الأنشطة. إن خطورة الموجة الثالثة تكمن في عدة أبعاد من أهمها أن غالبية الحالات المصابة الآن هي من نوع دلتا أو المتحور الهندي وهو أكثر فتكًا وأسرع انتشارًا. الفيروس الجديد جاء من خارج الأردن ويفسر البعض انتشارة نتيجة ضعف الإجراءات الصحية التي أدت إلى تسلله للبلاد. أما البعد الثاني فيرتبط بتدني أعداد المواطنين الذين تلقوا اللقاح والذي كان بالبداية ناتج عن عدم توفر الجرعات الكافية ولكن يبدو أن المشكلة الآن تكمن بشكل رئيس في عدم الإقبال أو ضعفه من قبل المواطنين. كان وما يزال هناك عدد كبير من الناس لا يؤمنون بوجود الفيروس وخطورته بالإضافة لزيادة الخوف والقلق من الآثار الجانبية المتداولة الناتجة عن هذه المطاعيم وتهويلها في بعض الأحيان. كذلك، لا يمكن إغفال الشعور لدى نسبة كبيرة بأن خطر الفيروس قد تراجع مع ضعف انتشاره وبالتالي يقرر البعض انه لا داعي لأخذ المطعوم من حيث المبدأ. البعد الثالث الذي يضاعف من خطر هذه الموجة هو تراجع الالتزام بالعادات والممارسات الوقائية التي كانت موجودة خلال الموجة الثانية والعودة للأنشطة الجماعية في المناسبات العامة كالأفراح وغيرها من السلوكيات التي عادت من جديد. البعد الأخير المرتبط بفيروس دلتا هو أنه انتشر في بعض الدول لدى الفئات التي أخذت جرعتي المطعوم ولكن بشكل أكثر لمن تلقوا الجرعة الأولى فقط من المطعوم وهذا يعني أن لا حصانة من هذا الفيروس حتى للذين تلقوا المطعوم. من الواضح الآن أن العبور لصيف آمن والتأكيد على عودة التدريس بالمدارس والجامعات إلى التعليم الوجاهي وأن العودة للحظر بأشكاله المختلفة ستكون تحت المجهر وستخضع للتقييم من جديد. لتجاوز خطر الموجة الثالثة صحيا واقتصاديًا، فلا بد من اتخاذ الإجراءات التالية. أولًا: تطعيم أكبر عدد ممكن من المواطنين خلال شهري تموز وآب وهذا يتطلب من الجهات المعنية وضع خطة محكمة تستهدف الجميع بالتركيز على قطاعات محددة كالمعلمين بالمدارس والهيئة التدريسية بالجامعات وطلبة الجامعات أيضًا وهي شريحة كبيرة مهمة، وعمل نفس الشيء بقطاعات أخرى ضمن حزمة من الحوافز تضمن عودة آمنة للتعليم وغيرها من القطاعات. ثانيًا: التشدد في فرض الإجراءات والممارسات الصحية الضرورية للوقاية من خطر انتشار الفيروس وتفعيل المراقبة والمتابعة للمؤسسات العامة والخاصة. إن الخطة بشقيها لا يُمكن أن تنجح إلا بحملة إعلامية وتوعوية مدروسة ومركزة تشارك بها كافة المؤسسات المعنية بالإضافة للإعلام وتهدف إلى زيادة إقبال المواطنين على المطاعيم وبنفس الوقت الالتزام التام بالممارسات والمعايير والإجراءات الصحية السليمة في حياتنا اليومية. اذا لم يتم التحرك بسرعة وبوضوح هناك خشية من ان نجد انفسنا في وضع لا نحسد عليه.اضافة اعلان