الموساد الإسرائيلي وقطب التعدين والغموض في الكونغو

دان غيرتلر في مجمع منجم كاتانجا للنحاس والكوبالت في جمهورية الكونغو - (المصدر)
دان غيرتلر في مجمع منجم كاتانجا للنحاس والكوبالت في جمهورية الكونغو - (المصدر)

تقرير خاص - (الإيكونوميست) 31/5/2022
ترجمة: علاء الدين أبو زينة

منذ وصوله لأول مرة إلى الكونغو وقت الحرب في العام 1997 فقط، جمع رجل الأعمال الإسرائيلي دان غيرتلر، البالغ من العمر 23 عامًا، إمبراطورية تبلغ قيمتها 2.5 مليار دولار تقريبًا، وفقًا لحسابات بلومبيرغ باستخدام الوثائق المتاحة للجمهور. ويتساءل الإسرائيليون لماذا ساعد مسؤولون أمنيون لديهم رجل أعمال مثير للجدل.

  • * *اضافة اعلان
    يقوم أحد أغنى رجال إسرائيل بإدارة أعماله من طابق سري متحفظ في "بورصة الماس الإسرائيلية"، ويعيش في فيلا غير مميزة في إحدى ضواحي تل أبيب الأكثر روعة. في الوطن، لم يكن معروفًا كثيراً للجمهور. لكن صدى اسمه كان يتردد في جميع أنحاء إفريقيا منذ وقت طويل وبشكل مثير للجدل، لا سيما في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وبدأ دان غيرتلر، البالغ من العمر 48 عامًا، وسليل عائلة كانت تعمل في تجارة الماس، ممارسة الأعمال التجارية هناك في التسعينيات، ومنذ ذلك الحين اشترى امتيازات تعدين مربحة، في ما يرجع جزئيًا إلى قربه من لوران وجوزيف كابيلا، الأب والابن، اللذين ترأسا البلاد واحداً تلو الآخر من العام 1997 وحتى ما قبل ثلاثة أعوام من الآن. وتضمنت مصالح غيرتلر في الكونغو امتيازات الماس والنحاس والكوبالت، التي باع بعضها لشركة غلينكور؛ أحد أكبر تجار السلع في العالم.
    ولطالما كان غيرتلر شخصاً مثيرًا للجدل منذ أمد طويل. في العام 2017، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليه بموجب قانون ماغنتسكي، حيث يمكن تجميد أصول مرتكبي جرائم حقوق الإنسان المزعومين أو المشغلين الفاسدين. وقالت الوزارة إن السيد غيرتلر "جمع ثروته من خلال صفقات تعدين ونفط غامضة وفاسدة بقيمة مئات الملايين من الدولارات" في الكونغو، واستخدم "صداقته الوثيقة مع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، جوزيف كابيلا، للعمل كوسيط لبيع أصول التعدين".
    كان ما لفت انتباه الإسرائيليين أخيرًا إلى السيد غيرتلر هو التقارير الأخيرة التي نشرتها هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية وصحيفة "هآرتس"، التي تفيد بأن بعضاً من أقوى الرجال الذين خدموا في حكومة إسرائيل السابقة في عهد بنيامين نتنياهو قدموا له يد المساعدة. وقد اتضح أن أحدهم، يوسي كوهين، مدير "الموساد"، وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، ذهب ثلاث مرات إلى الكونغو في العام 2019 للتوسط نيابة عن السيد غيرتلر مع الرئيس جوزيف كابيلا وخليفته، فيليكس تشيسكيدي. ونفى السيد غيرتلر بشدة ارتكاب أي مخالفات، مؤكدًا أنه لم يتم توجيه اتهامات إليه في أي محكمة في أي مكان في العالم.
    ويصر المقربون منه، والسيد كوهين، الذي تقاعد من الموساد قبل عام، على أن جميع تعاملاتهم كانت في خدمة المصالح الوطنية لإسرائيل. فالموساد، مثل وكالات الاستخبارات الأخرى، غالبًا ما يستخدم جهات اتصال محلية وعملاء نافذين ("مساعدين"، حسب تسميات الموساد)، وسوف يبذل الجهاز قصارى جهده لإنقاذهم من المشاكل. ومع ذلك، أثارت ثلاث رحلات قام بها رئيس الجهاز العسكري إلى واحدة من أكثر دول إفريقيا فسادًا الكثير من مشاعر الدهشة. كما قدم المساعدة لغيرتلر مسؤول إسرائيلي كبير آخر، هو رون ديرمر، الذي كان في ذلك الحين السفير الإسرائيلي في أميركا، والذي أشار إلى "العلاقات في المنطقة التي تعد مهمة لمصالح إسرائيل" كسبب لمحاولة إخراج السيد غيرتلر من قائمة العقوبات الأميركية. وكان ديرمر وكوهين من بين أكثر مساعدي نتنياهو تمتعاً بالثقة، وكثيرًا ما قاما بتنفيذ مهام سرية لحكومته. وقد تحدث السيد نتنياهو عنهما كخلفاء محتملين له. ومن الملف أن نتنياهو، الذي يواجه مجموعة من تهم الفساد، لديه المحامي نفسه الذي يستخدمه السيد غيرتلر.
    بينما تؤكد الحكومة الإسرائيلية التي أمضت عاماً في السلطة تحت قيادة نفتالي بينيت أن السيد كوهين كان يتصرف ضمن مهام عمله كرئيس للموساد، يصر كبار المسؤولين في القدس على أنه لم يعد هناك أي اتصال بين الوكالة والسيد غيرتلر، وأن الخدمات التي ربما يكون السيد غيرتلر قد أداها كانت للحكومة السابقة.
    قبل مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض مباشرة، أصدر أمرًا بالسماح للسيد غيرتلر بالعمل بموجب ترخيص خاص أثناء وجوده على قائمة العقوبات الأميركية، لكن الرئيس جو بايدن أعاده على الفور إلى طائلة الحظر. ويحرص السيد بينيت على إبقاء بايدن في مزاج حسن. كما أنه يسعى إلى إقامة علاقات جيدة في جميع أنحاء إفريقيا، كما فعلت الحكومات الإسرائيلية السابقة. وفي جميع أنحاء القارة، لم يكن السيد غيرتلر محبوبًا كثيراً.
    *نشر هذا التقرير تحت عنوان: Mossad, a mining magnate and a mystery in Congo