"المياه العكرة".. خطة إيران السرية لتلويث مضيق هرمز

إريك فولاث - (ديرشبيغل) 15/10/2012

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

ربما تكون إيران بصدد وضع خطة لخلق بقعة نفطية شاسعة في مضيق هرمز، وفق تقرير سري تم الحصول عليه من مسؤولي مخابرات غربيين. والهدف من العملية هو إغلاق هذه القناة الحيوية للشحن البحري بشكل مؤقت، وإجبار الغرب على تعليق العقوبات المفروضة على إيران في الوقت نفسه.
وإذا كان ثمة رجل قادر على جلب كل المخاوف الغربية معاً، فإنه الجنرال محمد الجعفري؛ قائد الحرس الثوري الإيراني. ولأنه أصبح بالغ الخشونة بفعل التعذيب الذي تعرض له في سجون الشاه السابق، كان الجعفري في عداد الطلبة الذين دهموا السفارة الأميركية في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1979. وكان أن حارب لاحقاً في الحرب العراقية الإيرانية، وهو الرجل الذي يحمل شهادة جامعية في الهندسة، والذي تولى في العام 2007 قيادة الحرس الثوري الإيراني المعروف أيضاً باسم "الباسداران". ومنذئذٍ، تطورت هذه المجموعة، التي كان قد أسسها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية، آية الله روح الله خامنئي، للدفاع عن النظام الإسلامي، لتتخذ بالتدريج شكل دولة داخل الدولة.
واليوم، نجد أن الباسداران تسيطر على عدة شركات، ومن المرجح أن تكون منطوية على قوة عسكرية أكبر من قوة الجيش النظامي. ومن أصل 21 وزيراً يشكلون المجلس الوزاري الإيراني، ثمة 13 وزيراً أكملوا تدريبهم في الباسداران. وفي داخل هذه المجموعة من المتشددين، يعد الجعفري، البالغ من العمر 55 عاماً، رجلاً عنيداً بشكل خاص. ففي العام 2009، مثلاً، أعلن أن إيران ستطلق صواريخ على مركز الأبحاث النووية الإسرائيلي في ديمونة في حال هاجمت إسرائيل المرافق النووية في إيران -مدركاً تماماً أن مثل هذا الهجوم سيفضي إلى سقوط عدة آلاف من القتلى في كلا الجانبين.
وفي الوقت الراهن، تنتشر مزاعم بأن الجعفري ومؤيدوه يعدون العدة لتنفيذ عمليات مرعبة جديدة. فقد حصلت وكالات الاستخبارات الغربية على خطة موسومة بأنها "بالغة السرية" ومرمزة تحت اسم "المياه العكرة". ويعتقد بأن الجعفري، سوية مع الأدميرال البحري في الباسداران علي فداوي، قد اقترح تنفيذ عمل تخريبي غير عقلاني: التسبب في كارثة بيئية في مضيق هرمز.
الإعراب عن الحنق المتنامي
ويبدو أن هدف الخطة هو تلويث مضيق هرمز بغية إقفال المضيق الذي يشكل طريق شحن مهماً لناقلات النفط الدولية بشكل مؤقت، وبذلك "يعاقب" البلدان العربية المعادية لإيران، ويجبر الغرب على الانضمام إلى إيران في عملية تنظيف واسعة المدى -واحدة قد تتطلب الوقف المؤقت للعقوبات المفروضة على طهران.
ويتنبأ خبراء الاستخبارات الغربيون بأن العملية المخططة للجعفري لا تعدو كونها تعبيراً عن الحنق المتنامي. وفي تناقض مع ادعاءات لوزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، في مقابلة أجرتها معه مجلة ديرشبيغل في الأسبوع قبل الماضي، فإن الحظر المفروض على طهران آخذ في التسبب بما هو أكثر من مجرد "إقلاق الراحة". وتجدر الإشارة إلى أن إيران تستمد أكثر من 50 % من عوائدها الحكومية من الصادرات النفطية التي تراجعت من حوالي 2.4 مليون برميل في اليوم في تموز (يوليو)، إلى حوالي مليون برميل وحسب في تموز (يوليو) من العام الحالي. لكن إيران أقدمت فقط على خفض الإنتاج بأقل من الربع بسبب التعقيدات الفنية والنفقات المرتبطة بإغلاق الآبار بشكل مؤقت.
وبالكاد تستطيع إيران بيع نفطها بسبب الحظر. وحتى البلدان التي لا تشعر بأنها ملتزمة بالتقيد بالعقوبات، تبتعد بدورها عن عقد الصفقات مع إيران، لأنها لا تجد جهات ترغب في التأمين على الشحنات النفطية الإيرانية. وما تزال مستودعات التخزين في الأراضي الإيرانية الآن مليئة منذ بعض الوقت، ولا توجد بلدان مجاورة يستطيع القادة الإيرانيون أن يعهدوا بثروتهم إليها. ولأسابيع الآن، ما تزال الناقلات النفطية تنقل 40 مليون برميل من النفط يومياً عبر الخليج على مدار الساعة.
وفي هذا الإطار، أقدمت معظم الناقلات النفطية العملاقة، وخمس سفن "سويزماكس" التي تبحر رافعة العلم الإيراني، على إغلاق نظام التعريف الأتوماتيكي لديها. وهو يجعل من أمر تعقبها أكثر صعوبة على الجواسيس الأجانب، لكن هذا الإجراء ينطوي في الوقت ذاته على زيادة مخاطر وقوع الحوادث. وكانت البلدان التي تقع حدودها بمحاذاة الخليج قد اشتكت لطهران على ما يبدو من هذه الممارسة الخطيرة عدة مرات.
القرارات النهائية
حسبما يزعم، فإن خطة الجعفري تصف على نحو مفصل كيف يمكن خلق كارثة بيئية هائلة في حال أراد الإيرانيون، على سبيل المثال، توجيه إحدى هذه الناقلات العملاقة إلى صخرة. وخلال حرب الخليج في العام 1991، أغرق دكتاتور العراق الراحل صدام حسين الخليج بملايين البراميل النفطية. وقد توقفت تبعاً لذلك صناعة صيد الأسماك في بلدان الخليج لعدة شهور، وظلت الأضرار البيئية ملموسة لأعوام طويلة تالية. وفي العامين 1994 و1998، هددت تدفقات نفطية عرضية مصانع تحلية المياه في الإمارات العربية المتحدة وفي المملكة العربية السعودية، ما أعاق توفير إمدادات المياه العذبة للبلدين.
ووفق قيادة الباسداران، فإنها لو وقعت كارثة لناقلة نفطية اليوم، فسيتدخل صندوق التعويض الدولي الخاص بأضرار التلوث النفطي مالياً. لكن من الممكن بذل جهد للتغلب على التلوث فقط عبر المساعدة الفنية من جانب السلطات الإيرانية، وهو ما يتطلب رفع الحظر المفروض عليها مؤقتا على الأقل. وتستطيع شركات النفط الإيرانية، وبعضها مملوك لأعضاء في الباسداران، الاستفادة حتى من برنامج التنظيف. وتستشرف خطة الجعفري أيضاً إقدام الشعب الإيراني على الالتفاف حول الحكومة الإيرانية في مثل هذه الحالة، ما يدفع سياسة طهران الاقتصادية الفاشلة إلى خلفية المشهد. ويسود الاعتقاد راهناً بأن خطة التخريب "المياه العكرة" موجودة حالياً بين يدي الزعيم الديني الإيراني آية الله علي خامنئي. فهو الشخص الذي يتخذ القرارات النهائية.

 *نشر هذا التقرير تحت عنوان:
 Iran’s Secret Plan to Contaminate the Strait of Hormuz.

اضافة اعلان

[email protected]