النتائج الأولية للانتخابات اللبنانية.. المشهد السياسي لم يتغير

بيروت - أظهرت النتائج الأولية للانتخابات النيابية اللبنانية، أنه رغم رغبة اللبنانيين الشديدة بتغير المشهد السياسي في بلادهم وازدياد عدد المرشحين المناوئين للأحزاب التقليدية، الا أن الصورة لم تتغير كثيرا عن المشاهد المعهودة، فالأحزاب التقليدية التي تستفيد من التركيبة الطائفية ونظام المحاصصة المتجذر لم تفقد قواعدها الشعبية التي سخرت لها قواها خلال الأسابيع التي سبقت الاستحقاق.اضافة اعلان
وجاءت الانتخابات على وقع أزمة اقتصادية حادة وتدهور شديد في نوعية الحياة للبنانيين خلال العامين الماضيين، وبعيد انتفاضة شعبية في تشرين الأول 2019 (أكتوبر) عرفت بـ"انتفاضة 17 أكتوبر" رفضا لتوجهات حكومية لرفع بعض الضرائب آنذاك، وتوسعت للمطالبة بتنحي الطبقة السياسية وحملتها مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي وتفشي الفساد.
وكان الكثير من اللبنانيين يأملون في أن تؤدي الانتخابات إلى تغيير في تركيبة البرلمان على خلفية الأزمة المستمرة التي تشهدها البلاد، والتي عمقها انفجار بيروت في الرابع من آب (أغسطس) آب 2020 وتداعياته.
وتنافس في هذه الانتخابات، التي جرت بنظام القائمة النسبية، 718 مرشحا على 103 قوائم في 15 دائرة انتخابية بمختلف أنحاء لبنان، لاختيار 128 نائبا في البرلمان الجديد الذي يتسلم مهامه بعد انتهاء مهمة المجلس الحالي في 21 الشهر الحالي.
وأعلنت وزارة الداخلية اللبنانية أمس أن نسبة تصويت المقترعين في الانتخابات التشريعية بلغت نحو 41 % من أصل حوالي 4 ملايين شخص دعيوا للمشاركة في الانتخاب.
وقالت مديرة المكتب الإعلامي لحزب القوات اللبنانية إن النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات البرلمانية تظهر فوز حزب القوات بـ20 مقعدا حتى الآن.
وقد اعتبر رئيس الحزب سمير جعجع أن ما حققه حزبه من نتائج في الانتخابات "حمل كبير جدا".
وأضاف أن المواجهة المطلوبة كبيرة وصعبة وأن حزبه لها، مؤكدا أن حزب القوات اللبنانية لديه كل التصميم للعمل من أجل خروج لبنان من الوضع الذي يعيش فيه، وفق تعبيره.
كما أعلنت الإدارة الانتخابية لحركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري عن فوزها بـ17 مقعدا، في وقت أظهرت النتائج الأولية غير الرسمية لفرز صناديق الاقتراع حصول حزب الله على 13 مقعدا على الأقل.
وأظهرت النتائج غير النهائية أيضا فوز مرشح لقوى اليسار في دائرة الجنوب الثالثة، كما سجلت لوائح مجموعات ما يعرف بالمجتمع المدني والتغيير فوزها بأكثر من 7 مقاعد في مختلف الدوائر الانتخابية.
من جهتها، قالت الهيئة الرسمية للإشراف على الانتخابات في لبنان، إنها سجلت مخالفات ناجمة عن خرق الصمت الانتخابي من مختلف وسائل الإعلام والمرشحين والجهات السياسية. ومن المفترض أن تعلن النسبة النهائية لاحقا.
وأقفلت صناديق الاقتراع عند السابعة مساء من أول من أمس الأحد، باستثناء عدد من المراكز التي بقيت مفتوحة إلى حين إدلاء كل الناخبين الموجودين داخلها، بأصواتهم.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون دعا اللبنانيين في وقت مبكر من أول من أمس إلى المشاركة في الانتخابات؛ وعقب الإدلاء بصوته في ضاحية بيروت الجنوبية، رأى أنه لا يمكن للمواطن أن يكون محايدا في قضية أساسية كاختيار نظام الحكم، وفق تعبيره.
ونقلت وكالة رويترز عن مرشح معارض ومسؤولين في حزب الله أن النتائج الأولية تشير إلى أن القائمة الانتخابية المدعومة من حزب الله خسرت مقعدا في معقل الحزب بجنوب لبنان لصالح مرشح مستقل تدعمه المعارضة.
وقال اثنان من مسؤولي حزب الله إن إلياس جرادة، وهو طبيب عيون، على قائمة "معا نحو التغيير" المدعومة من المعارضة فاز بمقعد مسيحي أرثوذكسي كان يشغله سابقا أسعد حردان من الحزب السوري القومي الاجتماعي، وهو حليف مقرب من حزب الله وكان نائبا منذ ذلك الحين.
وقال جرادة إن قائمته حصلت على عدد كاف من الأصوات للفوز بمقعد واحد في نصر للمعارضة بمنطقة يهيمن عليها حزب الله، لكنه لم يؤكد فوزه بمقعد قبل الانتهاء من فرز النتائج كاملة.
وفي السياق أيضا قال رئيس الجهاز الانتخابي لحزب التيار الوطني الحر، سيد يونس، إن الحزب المسيحي المتحالف مع حزب الله حصل على ما يصل إلى 16 مقعدا في الانتخابات البرلمانية، ليخسر بذلك عدة مقاعد عن الانتخابات السابقة.
وأشار يونس إلى أن الحزب حصل على 18 مقعدا خلال انتخابات 2018 وسيسعى لتشكيل كتلة من نحو 20 نائبا مع حلفائه بمجرد الانتهاء من نتائج الانتخابات.
غياب تيار المستقبل
وتشهد الانتخابات البرلمانية في البلاد هذا العام تغيرا أساسيا تمثل في غياب تيار المستقبل الذي شكل لمدة 3 عقود عصب الحضور للطائفة السُّنية سياسيا.
ومنذ شهور، أعلن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري تعليق نشاطه السياسي، وهو إعلان يتوقع مراقبون أن يترك أثره على التمثيل السياسي للطائفة السُّنية في المشهد اللبناني خلال المرحلة المقبلة.
وفي السياق اعتبر الحريري في تغريدة على "تويتر" أمس أن قراره الغياب عن الحياة السياسية كان صائبا، وقال "انتهت الانتخابات ولبنان أمام منعطف جديد. الانتصار الحقيقي لدخول دم جديد الى الحياة السياسية. قرارنا بالانسحاب كان صائباً. هز هياكل الخلل السياسي وهو لا يعني التخلي عن مسؤولياتنا. سنبقى حيث نحن نحمل حلم #رفيق_الحريري ونفتح قلوبنا وبيوتنا للناس. نسأل الله ان يحمي #لبنان.
وكانت الانتخابات الأخيرة لعام 2018 قد شهدت حصول حزب الله الشيعي وحلفائه -وأبرزهم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري- على 71 مقعدا من أصل 128 هي مجموع مقاعد البرلمان اللبناني.-(وكالات)