النسور: مطلوب خطة وطنية عابرة للحكومات للطاقة واستغلال الثروات المعدنية

8P8A0361-copy
8P8A0361-copy

محمد الكيالي

عمان - قال نقيب الجيولوجيين، رئيس اتحاد الجيولوجيين العرب، صخر النسور، إن العلاقة بين حكومة د. عمر الرزاز والنقابات المهنية “تعد الأميز مقارنة بها مع الحكومتين السابقتين”، في وقت دعا فيه إلى خطة استراتيجية وفق برنامج زمني وعابرة للحكومات في مجال الطاقة والاستغلال الأمثل للثروات المعدنية” التي تزخر بها المملكة.اضافة اعلان
النسور استعرض خلال مقابلة مع “الغد” أبرز التحديات والمعيقات التي تواجه الأردن بالاستغلال الأمثل لموارده الطبيعية ومعالجة ازمة الطاقة، مقدما العديد من الاقتراحات والتوصيات بهذا المجال.
في السياق العام، اعتبر النسور أن رئيس الوزراء الرزاز يعد “الاكثر قرباً وصدقاً ودفئاً مع مجلس النقباء”، لافتا إلى أن زيارته لمجمع النقابات أواخر العام الماضي، تعد الاولى منذ العام 2011 للمجمع.
وأضاف انه يسجل للرزاز لقاء مجلس النقباء، قبل تشكيل حكومته، وهذا دليل واشارة الى تقديره للدور المهم والأساسي للنقابات بالشأنين العام والمهني المتخصص لكل نقابة، مبينا أن ذلك أعطى حافزاً كبيراً للكثير من الوزراء في الحكومة للسير على نهج رئيسها بالتواصل مع النقابات، ونتج عن ذلك حوار شفاف وواضح أفضى إلى بعض النتائج الإيجابية وعمل مصفوفة عمل مرتبطة ببرنامج زمني لتنفيذ ودراسة مطالب النقابات “وهذا نهج لم نعتد عليه في الحكومات السابقة”.
ورأى النسور أن حكومة الرزاز “ورثت تركة ثقيلة من ارتفاع الدين العام وخطرا كبيرا بارتفاع نسب الفقر والبطالة، وتدني معدلات النمو والتزامات لسداد ديون سابقة، تم الحصول عليها بفوائد مرتفعة، ناهيك عن فقدان الثقة بالجهاز الحكومي نتيجة سياسات سابقة بعدم الالتزام بالوعود التي قطعتها الحكومات خاصة بعد تحرير أسعار المشتقات النفطية مقابل توجيه الدعم لمستحقيه وهذا ما لم يحصل فيما يخص أسعار الخبز”.
وبين أن الالتزامات التي وصفها بـ”الهوائية” للحكومات السابقة وخاصة في مكافحة الفساد والحفاظ على المال العام “كانت من أسباب تفريخ فساد جديد، وترهل إداري مقنن، تمثل بمجموعة قضايا برزت على السطح وتم كشفها، خاصة التهرب الضريبي وقضايا فساد متنوعة وأبرزها قضية الدخان إضافة إلى تبخر الكثير من المشاريع، ومنها مشروع بورتو البحر الميت الذي لم يعد الأردنيون يسمعون به”.
وقال النسور إن “مهمة الحكومة ثقيلة ليس فقط على الجانب الاقتصادي ولكن باتجاه إعادة ثقة الناس بالجهاز الحكومي”، مبينا أنها “تحتاج إلى وقت وجهد بعد أن انطلت على الناس الكثير من الحيل حول وضع الدينار وغيرها من الشعارات التي كانت تهدف فقط لإيجاد مبرر لزيادة الأسعار”.
وأضاف: “نجد أن الجهد الحكومي منصب ايضاً على مكافحة الاشاعة والتي اعتقد ان كثيرا من الإشاعات المحلية تصدر عن مسؤولين سابقين يعلمون مواطن الضعف ويبادرون لإطلاقها بجلساتهم الخاصة لإبعاد النظر عن سوء أعمالهم وإلهاء الناس بما هو حاصل الآن”.
وفيما يخص نقابة الجيولوجيين، وقضاياها، أكد النسور أن النقابة التي تأسست بدايات عام 1972، وتضم حاليا نحو 5 آلاف عضو، لديتها رؤيتها فيما يتعلق بالثروات الوطنية التي تحويها أرض المملكة، وخاصة في مجال الطاقة والثروات المعدنية. وقال “انطلاقاً من توجيهات جلالة الملك المتضمنة سياسة الاعتماد على الذات، فإن ذلك يقتضي بالضرورة العودة إلى الأرض”.
وأشار النسور إلى أن المشكلة الأهم التي تؤثر على قطاعات الدولة كافة، هي مشكلة الطاقة، مؤكدا على مقترح نقابة الجيولوجيين المتكرر بتشكيل ما يسمى (سلة الطاقة)، بما يعني مزيجا من مصادر متعددة، تساهم بتحقيق أمن التزود بالطاقة وتعزيز وزيادة المصادر المحلية، سعياً للاستقلال بمصادر الطاقة المحلية، والاستغناء بالقدر الممكن وعلى مراحل زمنية عن الاستيراد.
ولخص النسور، برنامج العمل المقترح ضمن خطة وطنية عابرة للحكومات، تكون مرتبطة ببرنامج زمني قابل للتطبيق، ضمن ادوات قياس وتشترك فيه الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، منها برنامج وطني للتنقيب عن النفط والغاز وتخصيص مبالغ مالية كافية لهذا البرنامج، بعد فشل كل التجارب التي خاضتها الشركات الأجنبية.
وبين أن البرنامج الوطني الذي قادته سلطة المصادر الطبيعية، بين الاعوام (1985-1995)، كان أكثر فائدة، عبر استثمار القوى البشرية المؤهلة من المختصين الجيولوجيين لهذه الغاية، ما يستوجب استثمار المورد البشري، سيما وأن الكثير من المختصين وأصحاب الخبرة قد أحيلوا على التقاعد، أو التحقوا بشركات محلية وعربية ما أدى إلى نقص حاد بالمورد البشري الجيولوجي بوزارة الطاقة والثروة المعدنية.
ولفت النسور إلى أهمية وضع خريطة طريق واضحة المعالم حول استثمار الصخر الزيتي، سواء بالحرق المباشر لتوليد الطاقة الكهربائية أو التقطير السطحي والعميق، ويكون مربوطا بعامل زمني للتنفيذ، وتبيان كلف إنتاج الطاقة من هذا المصدر.
ودعا إلى تبيان “واقع فعلي مبني على دراسات علمية حول نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في الخليط الكلي للطاقة، وفي مجال توليد الطاقة الكهربائية”، متسائلا: عن سبب عدم السماح لكبريات الشركات كالفوسفات مثلاً باستخدام هذا المصدر من الطاقة؟.
وفيما يخص الثروات الطبيعية، قال النسور إن الأردن “يزخر بالعديد من هذه الثروات لاستغلالها لغايات إنتاج صناعات تحويلية، منها النحاس الذي يدخل في الصناعات الالكترونية، مركبات، أسلاك مسحوبة، ادوات كهربائية، صناعة الهواتف والسبائك المعدنية، حيث تشير دراسات الجيولوجيين من سلطة المصادر الطبيعية إلى وجود كميات وتراكيز مؤهلة لإقامة صناعات استخراجية.
ولفت النسور إلى أن عنصر الذهب، الموجود في وادي أبو خشيبة ومناطق وادي صبرا والحور، يعد داعما أساسيا لاقتصاد الدولة ويستخدم في صناعات الحلي والمجوهرات والأجهزة العلمية.
وبين أن رمال السيليكا في الأردن، تعد من أنقى أنواع الرمال حيث تصل نسبة السليكا (SiO2) إلى 98 %، وتستخدم في صناعات متعددة مثل الزجاج، الكريستال، الالياف الزجاجية، زجاج البصريات، قوالب السباكة وغيرها.
وأشار إلى أن صناعة الإسمنت تعتبر من أهم الصناعات في ظل الحديث عن إعادة الاعمار لبعض دول الجوار، مبينا ان هذه الصناعة “تعرضت لانتكاسة كبيرة بسبب قيام هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن برفع رسوم بدل ايجار اراضي الخزينة لغايات التعدين بنسب خيالية، كما تم رفع رسوم التعدين أيضاً إلى ما يزيد على (300 %) ما سبب إرباكاً كبيراً في قطاع التعدين وكانت نتائجه سلبية من حيث العائد على الخزينة، حيث تراجعت مساهمة القطاع من (11%) إلى (8%) من إجمالي الناتج المحلي”.
وحول أبرز التحديات والمعيقات في هذا القطاع، بين النسور، أن أسبابها تتمحور في وجود مرجعيات كثيرة لقطاع الطاقة والثروات المعدنية منها وزارة الطاقة، هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، هيئة الطاقة الذرية وشركة البترول الوطنية.
ولفت إلى أن التحديات تشمل عدم الالتزام بتنفيذ الخطط الاستراتيجية لوزارة الطاقة، بسبب التعديل المستمر على وزراء الطاقة والتي تناوب عليها (4) وزراء خلال (4) أعوام، وعدم التركيز الكافي وعدم تخصيص مبالغ مالية لاستثمار أمثل للثروات المعدنية ومصادر الطاقة.
وأشار نقيب الجيولوجيين إلى أن الغاء سلطة المصادر الطبيعية ودمجها مع هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن العام 2013، أدى إلى خلل واضح وكبير في مجال الاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية، إضافة إلى تغييب الجهد الوطني والمورد البشري الاردني بمجال استكشاف النفط والغاز، والاهتمام أكثر فقط بالشريك الاجنبي “وكان الأجدى تقديم الجهد الوطني لممارسة الدور الرقابي الحقيقي على الشركات وخاصة ما حصل مع شركة بريتش بتروليوم”.
وأوضح أن قلة عدد الجيولوجيين العاملين في وزارة الطاقة والهيئات التابعة لها بسبب تقاعد الكثير منهم والبعض الأخير التحق بالعمل بشركات القطاع الخاص، يعد من أبرز التحديات.
وطرح النسور سلسلة حلول لإنقاذ القطاع، منها توحيد مرجعيات الادارة بمجالات الطاقة والثروة المعدنية، ووضع خطة استراتيجية قابلة للتطبيق والقياس وفق برنامج زمني عابرة للحكومات لا تتبدل بتغيير الوزراء، وتجويد تسويق الثروات الطبيعية لغايات عمل صناعات وتشجيع إقامة هذه الصناعات من خلال إعطاء حوافز للمستثمرين خاصة لإقامة مصنع للزجاج في معان.
ودعا إلى ضرورة تشجيع الصناديق المحلية بمختلف أنواعها للتوجه لمجال الصناعات التعدينية واستغلال الثروات الطبيعية، وتحديد خيارات مصادر الطاقة والبدائل المتاحة محلياً وتحديد أولويات استغلالها وفق كلفها مع تخفيض رسوم التعدين وايجارات الاراضي ومنح حوافز خاصة للمستثمرين في قطاع التعدين للمساهمة في انعاشه وتخصيص مبالغ مالية لدراسة عناصر الأراضي النادرة وخاصة الليثيوم نظراً لوجود اشارات ايجابية لوجوده في الأراضي الأردنية.
وفيما يخص قطاع المياه والسدود والآبار، أكد النسور أن الأردن يعتبر من أفقر دول العالم في مصادر المياه، حيث صدرت حديثا، دراسة دولية تحذر من خطورة قلة المياه الجوفية جراء الاستنزاف والسحب الجائر لها، مما أدى إلى هبوط حاد في مستوى سطح المياه الساكنة للآبار الجوفية بسبب زيادة الضخ لتغطية احتياجات الناس وخاصة بعد اللجوء السوري ناهيك عن الفاقد الكبير الذي يصل إلى 45 %.
وأشار النسور إلى أن ظاهرة الانزلاقات والانهيارات، باتت متكررة ومقلقة، وأنه يستوجب الالتفات لها ودراستها.
وأوضح أن علم الجيولوجيا هو العلم القادر على تحديد هذه البؤر الساخنة وإعداد خرائط جيولوجية لتفادي إقامة المنشآت والمباني في هذه الأماكن وعمل دراسات جيولوجية وهيدرولوجية، لافتا إلى أن وزارة الأشغال العامة بدأت مؤخرا بإشراك النقابة في عدة لجان تعنى بهذا الشأن ومنها اللجنة الانشائية العليا ولجنة طريق اربد جرش عمان.
وشدد على أن مجلس النقابة عمل جاهداً لتثبت اهمية علوم الجيولوجيا لدى الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة والطلب بزيادة التعيين وذلك لوجود نقص في عدة وزارات وابرزها وزارة التربية والتعليم مع الدعوة إلى وقف تهميش مادة علوم الارض في نظام التوجيهي الذي بدأ العام 2014.
وأشار النسور إلى أن مجلس النقابة يسعى لإنشاء مركز تدريب ضمن المجمع الاستثماري الجديد للنقابة، والذي شكل اضافة استثمارية نوعية لصندوق التقاعد، بحيث يكون مصدر دخل ثابت عند تأجيره لصندوق التقاعد الذي يشهد ثباتا إيجابيا ووضعا مطمئنا.