"النشامى" يروض "النمر الكوري".. ودراما ركلات الحظ تخذله أمام "محاربي الساموراي"

Untitled-1
Untitled-1
تيسير محمود العميري عمان - لم يكن يوم الإثنين 19 تموز (يوليو) من العام 2004 عاديا في تاريخ الأردنية، ذلك أن ستاد مركز شاندونغ بمدينة جينان الصينية، شهد أول مباراة لمنتخب "النشامى" في نهائيات كأس آسيا، حيث تحقق الحلم الجميل بعد 33 عاما من أول مشاركة في التصفيات حدثت يوم 11 كانون الأول (ديسمبر) من العام 1971 في العاصمة التايلندية بانكوك، وحينها تعادل المنتخب الوطني مع نظيره السوري 0-0. في الصين تحقق الحلم وولدت المشاركة الآسيوية.. كانت أول مباراة في النهائيات ضد المنتخب الكوري الجنوبية، الذي كان استضاف مع اليابان قبل عامين من تلك المباراة، نهائيات كأس العالم وحل فيها "النمر الكوري" رابعا. دفع المدرب الراحل محمود الجوهري بتشكيلة "حديدية" في المواجهة الكورية، إذ لعب عامر شفيع في حراسة المرمى، وخماسي الخط الخلفي خالد سعد وفيصل إبراهيم وراتب العوضات وبشار بني ياسين وحاتم عقل، وثلاثي خط الوسط حسونة الشيخ وقصي أبو عالية وعبدالله أبو زمع، وثنائي الهجوم محمود شلباية وبدران الشقران، ثم شارك في الشوط الثاني كل من عامر ذيب ومؤيد سليم وأنس الزبون عوضا عن سعد وبدران وشلباية. بداية الغيث.. نقطة قبل أن تبدأ المباراة كانت الأعصاب متوترة والاقدام ترتجف، وتوقع "الخبراء" أن تكون خسارة النشامى بهدفين على الأقل لاعتبارات عدة، لكن مسرح المباراة كان له رأي آخر، فقد وقف النشامى ندا قوية لمنافسه، ونجح في ترويض "النمر الكوري" وحشره في نصف ملعبه في معظم زمن الشوط الثاني، وتنفس الكوريون الصعداء والحكم السنغافوري شامسول مايدين يطلق صافرة النهاية معلنا عن تعادل سلبي، وأول نقطة للمنتخب الوطني في كأس آسيا، كما شهدت هذه المباراة أول بطاقة صفراء للاعب أردني في كأس آسيا وكانت من نصيب المدافع راتب العوضات. أول فوز في النهائيات وظن البعض أن تلك النقطة مجرد "ضربة حظ"، وأنه لن يكون في مقدور "النشامى" المنافسة على بطاقتي التأهل عن المجموعة الثانية، فجاءت المواجهة الثانية أمام الكويت على ستاد شاندونغ بجينان يوم الجمعة 23 تموز (يوليو) من العام 2004.. مضت دقائق المباراة حتى انتهى وقتها الأصلي إلى التعادل السلبي، لكن دقيقتين "مجنونتين" من الوقت المحتسب بدل الضائع، حملتا أول فوز أردني في نهائيات آسيا، إذ سجل اللاعب خالد سعد أول هدف أردني في تاريخ النهائيات عند الدقيقة الأولى من زمن الوقت المحتسب بدل الضائع، وتبعه المهاجم أنس الزبون بتسجيل الهدف الثاني عند الدقيقة الثانية، بعد أن كان قد شارك بديلا عند الدقيقة 59 من زمن المباراة. [caption id="attachment_597165" align="alignnone" width="538"] الجماهير الصينية تلوح بالعلم الأردني خلال المباراة أمام اليابان - (أرشيفية)[/caption] وهذه التشكيلة التي حققت أول فوز أردني في كأس آسيا، تكونت من عامر شفيع وخالد سعد وبشار بني ياسين وهيثم الشبول وفيصل إبراهيم وحاتم عقل ومصطفى شحادة وحسونة الشيخ وقصي أبو عالية وعامر ذيب ومؤيد سليم، وشارك بديلا كل من علاء مطالقة وأنس الزبون ومحمود شلباية عوضا عن الشبول ومؤيد وشحادة، علما أن هذه المباراة شهدت أول حالة طرد للاعب أردني كان المدافع فيصل إبراهيم عند الدقيقة 58 من زمن المباراة. نقطة التأهل بعد هذا الفوز اقترب "النشامى" من التأهل، وأصبح لزاما عليهم الحصول على نقطة من المواجهة الثالثة والأخيرة في الدور الأول أمام الإمارات، والتي جرت يوم الثلاثاء 27 تموز (يوليو) من العام 2004 على ستاد العمال في العاصمة الصينية بكين، وحضرها جلالة الملك عبدالله الثاني، حيث تصادفت مع وجود جلالته في زيارة رسمية للصين، كما حضرها سمو الأمير علي بن الحسين رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم. ونجح "النشامى" في الحصول على نقطة التأهل بعد تعادل سلبي، ليحل ثانيا في مجموعته برصيد 5 نقاط، بعد فوز وتعادلين، وسجل هدفين، وحافظ على نظافة شباكه في المباريات الثلاث. ولعب "النشامى" تلك المباراة بتشكيلة تكونت من اللاعبين عامر شفيع وعلاء مطالقة وراتب العوضات وبشار بني ياسين وحاتم عقل ومصطفى شحادة وحسونة الشيخ وقصي أبو عالية وعبدالله أبو زمع ومؤيد سليم وبدران الشقران، وشارك بديلا كل من أنس الزبون وعامر ذيب وهيثم الشبول عوضا عن بدران ومصطفى ومؤيد. يوم تاريخي الزمان: يوم السبت 31 تموز (يوليو) من العام 2004، المكان: الأستاد الأولمبي في مدينة شونغ كينغ الصينية، وأمام نحو 52 ألف متفرج يتقدمهم جلالة الملك عبدالله الثاني، خاض "النشامى" أول مباراة له في الدور ربع النهائي.. كانت حدثا تاريخيا لا ينسى من مختلف الجوانب. [caption id="attachment_597167" align="alignnone" width="600"] صحيفة صينية تبرز إعتراض الكابتن عبدالله أبو زمع على تغيير مكان تنفيذ ركلات الجزاء - (أرشيفية)[/caption] الجماهير الصينية احتشدت في الملعب لمؤازرة "النشامى" ضد اليابانيين، نتيجة "عداء تاريخي" بين الصينيين واليابانيين، لوحت بالأعلام الأردنية وحملت صور جلالة الملك. وقف المدير الفني للمنتخب الياباني، البرازيلي زيكو، صاحب الشهرة العالمية الواسعة، في مواجهة "المعلم" الراحل محمود الجوهري، الذي دفع بتشكيلة ضمت اللاعبين عامر شفيع وخالد سعد وراتب العوضات وبشار بني ياسين وفيصل إبراهيم وحاتم عقل وحسونة الشيخ وقصي أبو عالية وعبدالله أبو زمع ومحمود شلباية ومؤيد سليم، ثم شارك كبدلاء هيثم الشبول وعامر ذيب وأنس الزبون عوضا عن سعد وشلباية ومؤيد. بدأت المباراة بين "محاربي الساموراي" و"روح النشامى"، ونجح المهاجم محمود شلباية في هز شباك حارس المرمى الياباني يوشيكاتسو كاواجوتشي عند الدقيقة 11 من زمن المباراة، لكن الفرحة الأردنية والجماهير الصينية معا لم تدم سوى 3 دقائق، بعد أن تمكن الياباني شينجو سوزوكي من تسجيل هدف التعادل عند الدقيقة 14، معيدا المباراة الى حيث بدأت. كانت "ملحمة كروية" بكل معنى الكلمة وبقي التعادل 1-1 مسيطرا على نتيجة المباراة حتى انتهى زمنها الأصلي، ليحتكم المنتخبان لشوطيين إضافيين لم تتغير فيهما النتيجة، ثم يلجأ الطرفان لركلات الترجيح لتحيد المنتخب المتأهل الى الدور نصف النهائي. دراما ركلات الترجيح تقدم الياباني شونسوكي ناكامورا ونفذ الركلة الأولى لكن كرته جاءت خارج المرمى، وجاء الدور على اللاعب عبدالله أبو زمع فنفذ بنجاح أول ركلة ترجيحية أردنية، منحت المنتخب التقدم 1-0، وكرر الياباني من أصل برازيلي اليساندرو دوس سانتوس مشهد زميله ناكامورا فأهدر الركلة الثانية. وهنا تدخل مدرب المنتخب الياباني زيكو وطلب من الحكم تغيير مكان تنفيذ ركلات الجزاء الى الجهة الأخرى من الملعب، فامتثل الحكم الماليزي صبح الدين محمد صالح لرغبة اليابانيين وسط اعتراض من قبل كابتن "النشامى" عبدالله أبو زمع من دون جدوى. "فيلم هندي" تغير مكان التنفيذ وكأن "الحظ" الأردني تغير معها، طالما أن ركلات الجزاء توصف دوما بـ"ركلات الحظ".. تقدم راتب العوضات ونفذ بنجاح الركلة الثانية للمنتخب الوطني الذي تقدم 2-0، وفي المقابل تقدم تاكاشي فونيشكي ونفذ بنجاح وللمرة الأولى ثالث ركلات اليابانيين ليتقدم الأردن 2-1، ثم 3-1 بعد أن نفذ حاتم عقل بنجاح الركلة الأردنية الثالثة. 4 ركلات متتالية ضائعة! ظن الحضور أن بطاقة التأهل باتت أردنية لا محالة، لكن القدر كان يخفي مفاجأة غير سارة وسيناريو ربما لا يشاهد سوى في الافلام الهندية!. نفذ الياباني كوجي ناكاتا الركلة اليابانية الرابعة بنجاح، فأصبحت النتيجة 3-2 لصالح الأردن، وبقيت كذلك بعد أن فشل هيثم الشبول في تنفيذ الركلة الأردنية الرابعة.. تقدم تاكايوكي سوزوكي ونفذ بنجاح الركلة اليابانية الخامسة وأصبحت النتيجة التعادل 3-3، لكن مع وجود أفضلية أردنية حيث بقيت الركلة الخامسة لم تسدد بعد، واذا ما ترجمت بنجاح فسيكون التأهل من نصيب "النشامى".. تقدم فيصل إبراهيم ونفذ الركلة وأطاح بها وبأحلام "النشامى" خارجا، ليحتاج المنتخبان لمزيد من الركلات لحسم التعادل "ركلة بركلة".. تقدم يوجي ناكازاوا ونفذ الركلة السادسة، لكن الحارس عامر شفيع والقائم تصديا لتلك الركلة، فأصبحت الفرصة سانحة أمام أنس الزبون لحسم النتيجة لكن كرته ارتدت من القائم، ونفذ تسونيياسو مياموتو الركلة السابعة بنجاح ليتقدم اليابانيون للمرة الأولى 4-3، وجاء الدور على بشار بني ياسين ليكرر مشهد من سبقه من اللاعبين المهدرين، فارتدت كرته من القائم، ليخسر "النشامى" المباراة بركلات الحظ وسط حزن واحترام المتابعين، فيما تأهل اليابانيون للدور نصف النهائي، ففازوا على البحرين 4-3 قبل أن يتوجوا باللقب على حساب الصين 3-1. الصحافة الصينية حزينة في اليوم التالي كان الحزن يخيم على البعثة، نظرنا الى الصحف الصينية لمطالعة الصور، ومحاولة ترجمة بعض ما ورد فيها، من خلال المرافقين الذين كانو مع بعثتنا هناك، حيث كنت "كاتب هذه السطور" ضمن الوفد الإعلامي الذي تواجد في أول مشاركة أردنية في النهائيات الآسيوية.. كانت الصور تتحدث من دون حاجة للتعبير عن سوء الحظ وقرار الحكم بتغيير مكان تنفيذ الركلات... "للحديث بقية".اضافة اعلان